الشعب اليمني يرسم لوحة فنية تعبر عن مدى حبه للنبي الأكرم
عمران نت – اليمن – 13 ربيع الأول 1444هـ
يوم الـ12 من ربيع الأول، ذكرى ميلاد خير البشر محمد بن عبد الله – صلوات الله عليه وآله – هذا اليوم الذي يمثل بالنسبة للشعب اليمني يوما استثنائيا تخرج فيه الملايين من الرجال والنساء والصغار والكبار إلى الساحات احتفاءً بذكرى اخراج الناس من الظلمات إلى النور ، فالشعب اليمني الذي هو يمنُ الأنصار، يمن الأوس والخزرج الذين آووا ونصروا وحملوا رايةَ الإسْــلَام عاليةً وكانوا سباقين إلَى الإيمان والنصرة، الذين تبوؤ الدار والإيْمَـان، ها هو يحذو حذوَ أسلافه أولئك، بالتمسك بالإسْــلَام وبقيمه وبمحبة الرَّسُــوْل صلى اللهُ عليه وَعَلَـى آلِــهِ، وبالاهتداء به، وبالاحتفاء به، وبالتوقير له، وبالتعظيم له وبالتقديس له صَلَــوَاتُ اللهِ وَسَلَامُـهُ عَلَيْـهِ وَعَلَـى آلِــهِ، بالرغم مما يعانيه شعبُنا اليمني في هذه المرحلة من أحداث جِسَامٍ وهو يواجه هذا العدوانَ المتجبر الغشوم الظالم الذي تكالبت فيه قوى الشر العالمية الإقليمية والمحلية، وفي طليعتها أَمريكا وإسرائيل .
و من خلال الواقع المظلم يتطلع الشعب اليمني إلى ذكرى المولد النبوي الشريف ليرى فيها كُلّ الدروس وكل العِبَر التي يحتاجُ إليها نوراً وبصيرةً ووعياً ومشروعاً عملياً يقود أمتنا إلَى الخلاص وَإلَى الفرج وإلَى التغيير من الواقع السيء وإلَى الواقع المنشود الذي يمثل الخير ويمثل العز لهذه الأُمَّــة.. فشعبنا يستقبل الذكرى بكل محبة، وبكل شوق، وبكل لهفة و يجعل منها مناسبةً متميزةً لا نظير لها في كل مناسبات الدنيا، يعبر من خلالها شعبنا اليمني من جديد عن ولائه العظيم لله ولرسوله، ولأنبياء الله، ولهذا الدين العظيم.
إن لشعبنا اليمني شرَفُ التميُّز في تفاعُلِه مع ذكرى المولد النبوي الشريف؛ لأنه يمنُ الإِيْـمَـان، يمنُ الأنصار، وهو من جيلٍ إلى جيل توارَثَ هذا الإِيْـمَـان، مبادئ حق يتمسّكُ بها وأخلاقًا كريمة يتحلى بها وروحاً طيبة يحملُها ومحبةً وإجلالاً وتوقيراً لرَسُــوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَـيْهِ وَآلَــهُ وَسَلَّـمَ ولم تفلح جهودُ ومساعي القوى الظلامية الضالة المخذولة في تغيير هذه السجية الطيبة وهذا الانتماء الأصيل لهذا الشعب المسلم، كما أن معاناةَ شعبنا من العُـدْوَان الأمريكي السعودي الهمجي الظالم لم تُثْنِه عن الاحتفالِ بهذه الذِّكْـرَى ؛ لأنها مناسبةٌ تربطُنا بها وشيجةُ الإِيْـمَـان وتزيدُ الأحداثُ والتحدياتُ من أهميتها، فهي مناسبةٌ معطاءةٌ غنية بأهمِّ الدروس والعِبَرِ التي تحتاجُ إليها الأُمَّـةُ اليومَ وتستفيدُ منها البشرية بكلها في تصحيحِ وضعها وإصلاح واقعها ومواجَهة الأخطار بعد أن تفاقمت مشاكلُ البشرية بفعل قوى الطاغوت والاستكبارِ الظلامية الظالمة التي تسعى في الأرض فساداً وتملأُها ظُلماً وجَــوْراً.
أهمية المناسبة
شعبنا اليمني المسلم العزيز، وانطلاقًا من هويته الإيمانية، ووعيه بأهمية الاستفادة من هذه المناسبة المباركة كمحطةٍ تربويةٍ وتوعويةٍ وتعبويةٍ إيمانية، ومناسبةٍ لترسيخ الولاء لرسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، وكمناسبةٍ للاعتراف بعظيم نعمة الله وفضله، قد أقام هذه المناسبة المباركة على نحوٍ متميز، بدءًا بالفعاليات الكثيرة التي تضمنت المحاضرات والأنشطة التثقيفية والتوعوية المتنوعة؛ إضافةً إلى الأنشطة الخيرية، وأيضًا بالإظهار لمظاهر الابتهاج والفرح، استنادًا إلى قول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}[يونس: الآية58]، وأي فضلٍ ورحمةٍ أعظم من رحمة الله ومن فضله العظيم الذي منَّ به على عباده من خلال رسوله الهادي، وكتابه الكريم، هذه النعمة التي يترتب عليها الخير كله في الدنيا والآخرة.
إن هذه الذكرى المباركة هي محطةٌ مهمة للتذكير بالمسؤولية، والتذكير برحمة الله وفضله، حيث الحلول النافعة الناجعة، والحقيقية التي ينبغي على أمتنا الإسلامية أن تعود إليها، وأن تستفيد منها فيما يصلح واقعها، وواقع المجتمع البشري بشكلٍ عام.
إن مناسبة المولد النبوي الشريف هي فرصة لتكون منطلقًا لترسيخ المبادئ الإلهية، والهوية الإيمانية، وما يعنيه الانتماء للإسلام في التزاماتنا العملية والسلوكية، ونهضتنا الحضارية، وفي موقفنا من أعداء الرسالة الإلهية، وفي ترسيخ الولاء لرسول الله “صلى الله عليه وآله”، وترسيخ مفهوم الإتِّباع له، والاقتداء والتأسي به، وأن يكون ذلك ضمن الأولويات على المستوى التعليمي والتثقيفي والتوعوي في التصدي للهجمة الشيطانية الخطيرة التي تسمى بالحرب الناعمة، وتستهدف أبناء أمتنا الإسلامية وشبابها على المستوى الفكري والثقافي والأخلاقي، بهدف السيطرة عليهم، وعلى بلدانهم ومقدراتهم.
27 ساحة
بلا منافس استطاع الشعب اليمني بحضوره المهيب في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء وغيرها من ساحات الاحتفال، أن يتصدر الشعوب في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، مجسدا بذلك مقولة النبي الكريم “الإيمان يمان والحكمة يمانية”.
وتتجسد الهوية الإيمانية للشعب اليمني، من خلال حضوره الجماهيري الذي أذهل العالم، ابتهاجا واحتفاء بمولد سيّد المرسلين محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
واحتشدت جماهير الشعب اليمني في 27 ساحة (( ساحة ميدان السبعين ، ساحة ملعب الثورة الرياضي في العاصمة صنعاء، ساحة المولد غرب مدينة صعدة، ساحة الشهيد الصماد بالدوار بالحديدة ، ومنطقة بني مشطاء بمديرية عبس و ملعب الشهيد الصماد في محافظة، وساحة العروض شرق معسكر الأمن وساحة الحديقة العامة في القشلة بعمران، وساحة فرع حمام علي شمال مدينة ذمار و ساحة الاستاد الرياضي بذمار، وفي جامعة إب والخط العام يريم ومدينة العدين وساحة الاستاد الرياضي بمدينة إب وساحة مدينة يريم في إب وساحة الرسول الأعظم مفرق ماوية بتعز وساحة الرسول الأعظم بمركز مديرية الجبين بريمة وساحتي مديرية الجوبة ومديرية صرواح بمأرب وساحة الرسول الأعظم بمديرية السوادية وساحة مدرسة جيد بمديرية رداع بالبيضاء ، وساحتي الرجم والقطاع وساحة مجمع الزهراء بمديرية شبام وساحة المجمع الحكومي في المحويت، وساحة الرسول الأعظم بمديرية دمت بالضالع)).
صنعاء تنفرد في تعظيمها للنبي الأكرم
ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء، بالرغم من كبر مساحته، إلا أنه بدى صغيراً في حضرة النبي العدنان، فقد تقاطرت إليه الحشود من كل حدب وصوب حتى يخيل إليك أنه يوم المحشر، فالجميع حاضرون وقلوبهم تهفوا شوقاً للتعبير عن حبها وتعظيمها وتوقيرها لنبي الرحمة محمد بن عبد الله، فالأصوات خاشعة تستلهم سيرة النبي وما واجهه من صعاب وتحديات وكيف استطاع التغلب عليها، لما في ذلك من دروس تساندنا في مواجهة قوى متغطرسة لا فرق بينها وبين من وقفوا في وجه النبي وحاربوه بكل ما أتوا من قوة.
فمنذ ساعات الظهيرة الأولى شهدت جميع مداخل العاصمة صنعاء طوابير من السيارات التي تحمل على متنها الآلاف من ضيوف رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، الذين حرصوا على الحضور مبكرا إلى ساحة الاحتفال بميدان السبعين لنيل شرف إحياء هذه المناسبة الدينية الجليلة، فيما توجه أبناء العاصمة بمديرياتها العشر إلى ساحة المهرجان المحمدي الأكبر فرادى وجماعات وركبانا تغمرهم المشاعر الإيمانية الصادقة، وتدفعهم قوة الارتباط بسيد المرسلين محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
في وقت عملت اللجان التنظيمية المنتشرة في جميع مداخل العاصمة وشوارعها وتقاطعاتها على تسهيل تدفق السيول البشرية باتجاه ساحة الاحتفال في مشهد محمدي فريد يعكس اصالة وحكمة أبناء اليمن، أحفاد الأوس والخزرج.
وتوسطت الحشود المليونية مساحة بيضاء كتب فيها اسم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم باللون الأخضر، والتف الجميع حولها مرددين بأعلى صوتهم “لبيك يا رسول الله”.
وقبل انطلاق فعالية المهرجان المحمدي المهيب، استمرت الجماهير المحتشدة في ترديد شعارات البراءة من أعداء الله، والعبارات والأناشيد المعبرة عن الفرحة والبهجة بمولد خير البرية وشفيع الأمة.. كما ردد أحفاد الأنصار نشيد المدح والتهليل والترحيب برسول الله الذي استقبله به أجدادهم الأوس والخزرج في المدينة “طلع البدر علينا من ثنيات الوداع، وجب الشكر علينا ما دعا لله داع”.
ورفعت الحشود اللافتات والشعارات المؤكدة على عظمة المناسبة ومكانة صاحبها عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وجددت التأكيد على الولاء والعهد لله ورسوله وأعلام الهدى بالمضي على النهج القرآني المحمدي في مواجهة أعداء الأمة والإسلام والتصدي لكل محاولات الإساءة للرسول العظيم، لافتين إلى أن محاولات الأعداء لفصل الأمة عن نبيها لن تزيدهم إلا تمسكا وسيرا على نهج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
المهرجان الأضخم تضمنت فقراته قصيدة لشاعر الثورة معاذ الجنيد في مدح رسول الله، وأوبريت وفقرات إنشادية معبرة عن الابتهاج الكبير بالمناسبة، والتعظيم والتبجيل والتوقير لصاحبها عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام، واختتم بكلمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي.
وجاء الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالعاصمة صنعاء، على هذا القدر والمستوى وبتلك الحشود الجماهيرية، ليعيد صياغة الواقع ويحدد ملامح مستقبل الأمة اليمنية من جديد، ويدفع الأعداء لإعادة حساباتهم وفق معطيات ومتغيرات المرحلة.
كما رسم الاحتفال، لوحة إيمانية عكست روحانية أبناء اليمن وارتباطهم الوثيق بالرسول الكريم ومعلمها الأول محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وما يتصفون به من شجاعة ونصرة للحق وانحياز لقيم العدل والسلام.
ومن خلال المشاهد والصور التي التقطتها عدسات الكاميرات من زوايا مختلفة للحشود البشرية في العاصمة صنعاء، يتضح جليا أنها عجزت عن الإلمام بكافة تفاصيل المشهد الاحتفالي ومفرداته، وهي تقدم قراءة عميقة تحمل الكثير من الدلالات والرسائل القوية للعالم، أهمها أن الاحتفاء بالمولد النبوي في اليمن، أضحى مناسبة لميلاد أمة قوية، قادرة على استعادة مكانتها الرفيعة بين الأمم.
فعلى مدى عقود خلت، لم تستطع أي أمة من الأمم، أن تنازع أبناء اليمن مشاعر الحب والارتباط برسول الإنسانية، الذين ظلوا عبر التاريخ شعب المدد، كما وصفهم النبي، وها هم اليوم يجددون العهد بالسير على نفس الدرب في الانتصار لقيم العدل والحرية ، والتصدي لقوى الشر والاستكبار، كما هو العهد بهم، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
لم يكن الحضور المهيب هو ما يميز الفعالية الكبرى بالعاصمة صنعاء وحسب، وإنما مظاهر الابتهاج والفرح التي ارتسمت على وجوه المحتفلين بذكرى مولد الرسول الأعظم وحفاوة استقبال المناسبة على نطاق واسع.
فيما صبغت الأعلام والشعارات، ساحة الاحتفال باللون الأخضر، لتضفي عليه مظهرا جماليا وروحانيا، جسّد الكثير من الدلالات حول معنى الارتباط الحقيقي بخاتم المرسلين -صلى الله عليه وآله وسلم.
لم تقتصر مظاهر الزينة على ساحة الفعالية الكبرى، وإنما ازدانت شوارع وأحياء العاصمة صنعاء بالأنوار واللافتات والشعارات واللوحات المضيئة، واعتلت عبارات الترحيب بمولد الرسول الخاتم قمم الجبال المطلة على عاصمة الصمود، لتشكل في مجملها حلة خضراء وحلة جمالية تشع روحانية.
تنوعت مظاهر الفرح والاحتفاء، وملأت شعارات الترحيب بذكرى مولد المصطفى أرجاء المكان والزمان، وأضفت أجواء روحانية على الاحتفال الكبير.
الأطفال كان لهم طريقتهم الخاصة للاحتفال بهذه المناسبة، عبروا عن ذلك بأجمل الأساليب المحببة إليهم من خلال الرسم على الوجوه، فكان اسم النبي “محمد” و”لبيك يا رسول الله” أجمل الكلمات التي ارتسمت على وجوههم، وصدحت بها حناجرهم.
أما حرائر العاصمة صنعاء، فكان لهن السبق في الحضور الحاشد للاحتفاء بمولد الرسول الأعظم، في ساحة مدينة الثورة الرياضية والذي لم يسبق أن شهدته العاصمة من قبل.
الاحتفاء بالنبي عنوان الهوية
ها هو الشعب اليمني، يحتفي بذكرى مولد الرسول الأعظم، صلى الله عليه وآله وسلم، ويعبّر عن فرحته بهذه المناسبة بكل الإمكانات المتاحة لديه (مهرجانات – ندوات – محاضرات – مقالات – برامج تلفزيونية وإذاعية …. إلخ)، وكلها تصب في توعية الشعب حول معرفة النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – وتعظيمه، وحول ماذا يعني لنا الرسول ورسالته، فضلاً عن تعزيز الارتباط به، وتجديد البيعة له، والتأسي به، والسير على نهجه …، إلى آخر الأمور التي تربط الشعب اليمني بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم..
وها هي صنعاء وبقية المحافظات، لا سيما التي يسيطر عليها الجيش واللجان الشعبية، تكتسي باللون الأخضر، فنرى اللافتات في الشوارع وعلى الجدران والسيارات، منقوشة بعبارات تشدنا نحو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ناهيك عن الرايات الخضراء المعلقة على المَحالِّ التجارية، والمؤسسات الحكومية، وكذلك الشارات المكتوب عليها (لبيك يا رسول الله)، التي نراها على جباه معظم الأطفال والشباب …
فلا ترى في صنعاء، وفي غيرها من المحافظات الحرة، إلا الألوان الخضراء، ولا تسمع إلا الزوامل والأناشيد، التي ترحب بذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فتُهيِّج السامع نحوه صلى الله عليه وآله وسلم ..
كل هذا يجعلك تشعر أن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم – قد بُعث من جديد، فينتابك الوجد، وتشعر بروحانية الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – متجسدة في كل مكان، لتفيض عيناك بالدموع، شوقاً إلى تلك الربوع، ربوع (طَيْبَة)، التي طابت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..
ولا عجب في أن ترى الشعب اليمني يحتفي بهذه المناسبة، بتلكم المظاهر الجميلة والعظيمة في آن واحد؛ لأن الاحتفالات بهذه المناسبات ومثيلاتها، لا سيما الدينية منها، ماهي إلا جزء من هويته وحضارته، وقد كان في القرون الماضية يحتفل بهذه المناسبة جماعات وأفراداً، حيث كان أفراد المجتمع اليمني، القاطنون في مناطق شمال الشمال، يحتفلون بهذه المناسبة في المساجد، وأما القاطنون في المناطق الوسطى، وفي محافظتي تعز والحديدة، والمحافظات الجنوبية، فقد كان الصوفية الشافعية يحتفلون بهذه المناسبة، في مساجدهم وزواياهم وأربطتهم، في شهر ربيع من كل عام، وبعضهم كان يخصص ليلتي كل جمعة واثنين، للاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، على مدار السنة، وأيضاً كان الناس في بعض المناطق خلال أيام هذه الذكرى النبوية، يلبسون الجديد، ويوزعون الحلوى على الأطفال، وكذلك تبسط الموائد للفقراء والمساكين ..
وهكذا، ظل الناس يحتفلون ابتهاجاً بذكرى المولد النبوي الشريف، حتى جاء الوهابيون، في ثمانينيات القرن العشرين، بفكرهم الدخيل على الإسلام، وبدأوا بمحاربة كل المحتفلين بذكرى ميلاد رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – فبدَّعُوهم وفسقوهم وكفروهم، وذلك بإشارة خضراء من الأنظمة السابقة، التي أفسحت لهم المجال، ليفعلوا ما يريدون ..
لقد أصبح الشعب بكل فئاته – بعد ثورته المباركة – مع قيادته وحكومته، يحتفل رسمياً بهذه المناسبة، في مؤسساته (الحكومية، والعسكرية، والتعليمية، والمهنية و….. إلخ)، يحتفل في الحارات والمديريات والمدن والمحافظات، ويعبّر عن فرحه برسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – بكل مظاهر الفرح والتعظيم له صلى الله عليه وآله وسلم..
وها هو الشعب اليمني اليوم – من خلال هذه الاحتفالات التي يقيمها – يرسل للعالم أجمع رسالة فحواها : «نحن – اليمنيون – شعبُ متمسكُ برسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – ومرتبطُ به، وكما نصرناه في الماضي على أعدائه، فها نحن اليوم ننصره في الحاضر، وقد توليناه قديماً وحديثاً، فلا نقبل الذل والهوان، ولا أن يهيمن علينا الصهاينة والأمريكان، ولن نكون تحت وصاية آل سعود ولا غيرهم من العربان، بل ولا أي بلدٍ من البلدان، وما صمودنا الشامخ، وثباتنا الراسخ، طيلة سنوات الحرب، إلا بسبب ارتباطنا برسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – وبآل بيته من أعلام الهدى» ..
هذا هو الشعب اليمني، وهذه هي هويته الإيمانية..