الأحزاب السياسية.. الدور والمصالح
زيد الشُريف
مصلحة الحزب فوق كل اعتبار فوق مصلحة الشعب والوطن، هذا هو ما تنتهجه وتسير عليه معظم الأحزاب السياسية إن لم تكن جميعها، بل أن الكثير منها تجعل من عملها السياسي والإعلامي والثقافي والاجتماعي شغلها الشاغل ليس لمصلحة الحزب فقط بل لمصلحة أسرة معينة تقود الحزب وتتحكم به على حساب مصلحة الجميع بما فيهم جماهير الحزب نفسه التي تصفق للحزب وقيادته وتدعمه في الانتخابات وفي المهرجانات وفي المسيرات الجماهيرية ومع ذلك لا تجني أي فائدة لأن الحزب هذا أو ذاك يتمحور حول نفسه وحول أسرة معينة وهي التي تستفرد بالقرار والثروة والجاه والمناصب وتتحكم بالحزب لتمرير أهدافها الشخصية القائمة على الطمع والجشع والتسلط والشهرة وغير ذلك ثم لا يكون للحزب أي دور إيجابي عملي لخدمة الشعب والوطن بل تذهب الكثير من الأحزاب السياسية إلى خيانة الشعب والوطن وتتعامل مع دول أجنبية تخدمها وتحقق أهدافها الاستعمارية وأطماعها الاقتصادية من خلال اتفاقيات سرية يتم فيها تقاسم ثروات الشعوب ما بين الأحزاب والدول الأجنبية وهذا بالفعل ما يحصل في الوطن العربي بشكل عام وفي اليمن بشكل خاص وهذا دأب الكثير من الأحزاب السياسية إلا القليل القليل منها وهو في حكم النادر جداً.
الأحزاب السياسية مهامها واسعة ومؤثرة إذا تحركت كما ينبغي في مختلف المجالات بشكل إيجابي بما يخدم مصلحة الشعب والوطن وكذلك فإن دورها مؤثر وهدام إذا تحركت بشكل سلبي بما يخدم مصالحها فقط أو سيطر عليها الجمود والركود يكون تأثيرها سلبياً على الشعب والوطن لمصلحة الأعداء، ولدينا كشعب يمني تجربة مع الأحزاب السياسية خلال هذه السنوات في مواجهة العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، رأينا كيف أن معظم الأحزاب ذهبت نحو خيانة الشعب والوطن والعمل بما يخدم تحالف العدوان ورأينا كيف أن الشعب اليمني هو الذي تحرك إلى الجبهات للدفاع عن نفسه وعن وطنه بعيداً عن الحسابات الحزبية والطائفية وهناك مكونات جماهيرية لا حزبية برزت بشكل كبير للدفاع عن الشعب والوطن في مواجهة العدوان كما هو الحال بالنسبة لأنصار الله الذين تحركوا بكل جد وقدموا التضحيات الجسيمة لأن أهدافهم كبيرة وعظيمة إيمانية ووطنية وإنسانية وأخلاقية ليست حزبية ولا طائفية ولا سياسية لهذا كان دور أنصار الله ولا يزال هو الأبرز في مواجهة العدوان بينما مختلف الأحزاب السياسية تنوع دورها بين الخيانة الواضحة وبين الجمود والمصالح الحزبية الخاصة .
دور الأحزاب السياسية كبير وشامل لا يقتصر على التحرك في وقت الانتخابات فقط بما يخدم مصالحها وأهدافها فحسب بحيث تضمن لنفسها تحقيق أكبر قدر من الأصوات والمقاعد في المجلس النيابي أو المجالس المحلية أو غير ذلك، إضافة إلى أن دور الأحزاب السياسية ليس المعارضة لمجرد المعارضة فقط للسلطة الحاكمة للبلد وللحكومة بل دورها يجب أن يكون دوراً إيجابياً يعمل على إصلاح الوضع من الداخل في جميع المجالات والضغط في هذا الاتجاه بكل ثقلها السياسي والإعلامي والاجتماعي، إضافة إلى التحرك والعمل في مواجهة كل ما يستهدف الشعب والوطن من الأعداء من خارج اليمن وكذلك من الداخل من جهة الخونة والعملاء الذين يعملون لمصلحة العدو الخارجي و ينخرون جسد الوطن من الداخل، ولكن للأسف الشديد بدلاً من ان تتحرك الأحزاب للقيام بدورها كما يجب وتكون سبباً للإصلاح والدفاع عن أمن واستقرار الشعب والوطن والدفاع عن ثروته وحريته واستقلاله يكون حال الكثير منها هو الإسهام في مفاقمة معاناة الشعب وخيانة البلد وبدلأ من أن تكون صمام أمان تتحول إلى مصدر للشر.
الأحزاب السياسية لو أخلصت عملها لله تعالى وبما يخدم مصلحة الشعب والوطن لكان لها دور مهم وأساسي في الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية ولو عملت على القيام بدورها الوطني والأخلاقي والإنساني والقانوني على أكمل وجه وفق ما تقتضيه الظروف ووفق ما يخدم مصلحة الشعب والوطن لأسهمت في إصلاح الوضع والدفاع عن الشعب والوطن وتماسك وقوة الجبهة الداخلية خصوصاً أننا كشعب يمني نخوض معركة شاملة خلال هذه المرحلة منذ أكثر من سبع سنوات في مواجهة دول تحالف العدوان التي تسعى وتعمل بكل ما تستطيع على تمزيق النسيج الاجتماعي اليمني وتفكيك الجبهة الداخلية بما يخدم أهدافها الاستعمارية وهذا شيء تعرفه الأحزاب السياسية جيداً وتعرف أن عليها مسؤولية في مواجهة الهجمة العدوانية التي تستهدف اليمن واليمنيين.
ودور الأحزاب السياسية واسع جداً يشمل الجانب السياسي والإعلامي والاجتماعي وغير ذلك الكثير ولو تقوم الأحزاب السياسية بدورها بالشكل المطلوب وفق المسؤولية الوطنية وتتحرك بجد وإخلاص لكان لتحركها آثار إيجابية كبيرة وثمار مباركة وطيبة، تتحرك للتحشيد إلى الجبهات وتتحرك لإصلاح المؤسسات وتتحرك في الميدان السياسي والميدان الإعلامي في مواجهة كل ما يصدر من جانب الأعداء وتتحرك في أوساط المجتمع بشكل توعوي وتثقيفي، كما تعمل في أيام الانتخابات لعملت الكثير والكثير ولتحققت الكثير من الإنجازات في إطار المسؤولية الجماعية في مواجهة العدوان الذي يستهدف الجميع، ولكن للأسف تلهث الأحزاب وراء مصالحها الخاصة وتتخلى عن الدور الذي يجب عليها القيام به الذي يخدم مصالح الشعب والوطن.