الهجرةُ النبوية.. روحانيةٌ عطرة
إكرام المحاقري
كما هو كُـلّ ِعام، يستذكر اليمنيون ذكرى الهجرة النبوية، مستلهمين إثر ذلك موروثهم التأريخي في البذل والتضحية في سبيل الله، حَيثُ كان لأجدادهم -الأوس والخزرج- بطولات ومواقف تاريخية نصروا بها الرسول الأعظم -صلوات الله عليه واله-، وخُلد ذكرهم في القرآن الكريم ليكون درساً للعالمين.
الأنصار هم شعب اليمن الذين لم يتوانوا في نصرة الحق وبذل النفس ورفع راية الإسلام، وهاهم اليوم أشد بأساً وأحدَّ سيفاً يقفون صفًّا صفًّا بوجه الباطل.
فحين نصروا رسول الله واستقبلوه وأيدوه وآمنوا برسالته وحملوا راية لواء جيشه، كانت تلك نقطة الفصل ما بين الضياع وبين الصادقين من أبناء الشعب اليمني، فتلك أُمَّـة قد خلت، لكنها قد تركت أثراً لا يندثر مع تقادم العصور والأزمنة.
فـالهجرة النبوية نتعلم منها الكثير من الدروس والعبر، ونجد فيها كُـلّ ما نحن متعطشون إليه من علم وبينات ودليل إلى الله ورسوله، وقاموس في ترجمة مواقف ذلك الشخص العظيم الذي نام في فراش رسول الله ذائداً عنه بنفسه، الإمام علي -عليه السلام- أشجعُ طاعن وضارب، من غيبت المناهج الغربية الدخيلة على المجتمعات المسلمة ذكره وأثره، حتى تسقط الأُمَّــة في حضيض ما حيك ضدها من مؤامرات صهيونية، ولو كانت الأُمَّــة اليوم تتثقف بثقافة الهجرة النبوية لما وصلت إلى محطة التطبيع مع اليهود وارتداء لباس النفاق.
كما أن الهجرةَ النبوية تحتِّمُ على المسلمين ألا يخنعوا للطواغيت المجرمة والعجول البشرية، وألا يتخلوا عن مبادئ وقيم دينهم مقابل البحث عن الأمان المزيف، فالأمان هو مع الله تعالى، حَيثُ ما كانت معيته، فيهاجروا في الأرض هو خير لهم، هجرة إلى الله والجهاد في سبيله، هجرة من عمل الشيطان وخطواته التي أوصلت بعض الأنظمة العربية إلى التطبيع مع العدوّ، وأوصلت الشعوب إلى السقوط في هاوية المجون والانحلال، فـالهجرة بمجالاتها الواسعة لا بد منها حتى تسلم الدنيا والآخرة.
ختاماً:
ما ردّده اليمنيون في الأمس من أهازيج روحانية استقبلوا بها الرسول الأعظم، وعظموه ووقروه وآمنوا به وشكروا الله على نعمته من منطلق الواجب الديني قائلين (وجب الشكرُ علينا ما دعا لله داع)، هم اليوم يردّدوه لحناً بفوهات بنادقهم وبعظيم مواقفهم وبصلاح قلوبهم وبدمائهم التي سالت أنهاراً طاهرة عطرة في سبيل الله.
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْـمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْـمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئك هُمُ الْـمُفْلِحُونَ}، من سورة الأعراف- آية (157).