في رحاب البرنامج الرمضاني: مواصفات القرآن الكريم (3)
عمران نت – تقارير – 28 رمضان 1443هــ
إنَّ القرآن الكريم هو كتاب هداية، نهتدي به، نسترشد به في كل شؤون الحياة، وفي المواقف والأعمال والتصرفات، وهو الخلاصة للدين الإلهي، والمتضمن للرسالة الإلهية، ونحن سنحاسب في الدنيا والآخرة من الله سبحانه وتعالى على أساس علاقتنا بهذا الكتاب.
يواصل السيد القائد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي “يحفظه الله” الحديث عن مواصفات القرآن الكريم بأسلوب جذاب وسهل، ويبين أهم ما نهتدي به في القرآن الكريم، وإلى التفاصيل:
تحديد المسؤوليات كأمةٍ مسلمة:
إنَّ من اهم ما يجب أن نستفيد من القرآن الكريم هو تحديد مسؤولياتنا كأمةٍ مسلمة، ويوضح السيد القائد تلك المسؤوليات وأولها المسؤوليات كمجتمع بشري، ولماذا استخلفنا الله في الأرض، وكيفية هذا الاستخلاف، ويشير بعد ذلك إلى على مستوى المسؤوليات والالتزامات الأخلاقية، والدينية، والإيمانية، التي حددها الله في القرآن الكريم، يقول السيد القائد: “من أهم ما يجب أن نستفيده من القرآن، وأن نهتدي من خلال القرآن الكريم إليه، هو: تحديد مسؤولياتنا كأمةٍ مسلمة: أولاً المسؤوليات كمجتمع بشري، ما هو دورنا، لماذا استخلفنا الله في الأرض، كيفية هذا الاستخلاف، وما يحقق لنا النجاح فيه في الدنيا والآخرة، في عواقبه في الآخرة، ثم على مستوى مسؤولياتنا والتزاماتنا الأخلاقية، والدينية، والإيمانية، التي حددها الله في القرآن الكريم؛ لأن البعض يرسخ في أوساط الناس أننا أمة بلا مسؤولية، ليس لدينا التزامات ولا مسؤوليات، أمة تبقى هكذا خاضعة، تقودها بقية الأمم، تتدخل في شؤونها بقية الأمم، تتحكم فيها بقية الأمم، ليس لها هدف، ليس لها رسالة، ليس لها دور عالمي، ولا دور حتى في واقع نفسها، وإنما تبقى هكذا على ما هي عليه في هذا العصر، وهذه كارثة، الله “سبحانه وتعالى” يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران: من الآية110]، وحتى بتفسير أن الآية تعني في المقدمة وبشكلٍ رئيسي أخيار هذه الأمة وصفوتها، لكن على أساس أنهم يقودونها ويسيرون بها في مسؤوليتها، يعني: مسؤولية هي هذه المسؤولية في الأساس، وإن كان الذي يضطلع بهذا الدور في الحركة بالأمة على أساسه أخيار هذه الأمة، وصفوتها، الصالحون منها”.
ومن قوله تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، يبين السيد القائد أن لدى الأمة مسؤولية عالمية تتحرك فيها، يقول: “{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}، لديكم مسؤولية، مسؤولية عالمية تتحركون فيها، {تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ}، هذه رسالتكم، المعروف الذي يحارَب، المعروف في كل المجالات، الذي يُغيّب، ويحل بدلاً عنه المنكر وأهل المنكر، {وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}”.
مسيرة إيمانية، فيها مسؤولية عالمية، مسؤولية كبيرة، بدءاً من داخل الأمة، {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: الآية104]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[المائدة: الآية54]، فنحن أمة لديها مسؤوليات، ليست المسألة أن نبقى في قرانا ومساجدنا وبيوتنا، ومن منزلك إلى مسجدك، وليس لك دُخل في أي شيء، وأنت منعزل عن واقع هذه الحياة، وما يجري في هذه الحياة، وما يحدث في واقع هذه الحياة، أنت كمنتمٍ للإسلام مكلف بأن تكون ضمن أمة تحارب الظلم، تحارب الفساد، تحارب الطغيان، تتصدى للمنكر، تتصدى للشر والأشرار، تصلح في أرض الله، تصلح عباد الله، مسؤولية جماعية ومسؤولية مهمة، والقرآن يهدينا إلى مسؤولياتنا، يعرِّفنا بها، يؤكد لنا عليها، وعمَّا يترتب عليها، وعن خطورة الإخلال بها، ويهدينا إلى ما يبنينا لنكون في مستوى النهوض بهذه المسؤوليات، ما يبنينا معرفياً، ثقافياً، تربوياً، ما يبنينا على المستوى العملي، ما يبنينا على المستوى العملي، كيف نتحرك للنهوض بهذه المسؤولية، ونقتدي برسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله” في طريقته، وفي مسيرته، وفي حركته بالرسالة الإلهية، وفي بناء الأمة”.
الوعي عن الأعداء والمخاطر:
يبين السيد القائد أن من أهم ما نهتدي به في القرآن الكريم هو الوعي عن الأعداء والمخاطر، وهذا مما حصل فيه جهلٌ رهيب، وغباءٌ كبير، وانحرافات كارثية، وسياسات خاطئة للغاية، إلى حد كارثي، أوقع الأمة في مآزق، وهوى بها إلى الأسفل، ومكَّن أعداءها منها، وتكبَّدت الأمة بسببه خسائر رهيبة للغاية، يقول: “من أهم ما نهتدي به في القرآن الكريم– وخسرت الأمة كثيراً؛ لأنها غيَّبته- الهداية في مجال الوعي عن الأعداء، وعن التحديات، وعن المخاطر، وهذا مما حصل فيه جهلٌ رهيب، وغباءٌ كبير، وانحرافات كارثية، وسياسات خاطئة للغاية، إلى حد كارثي، أوقع الأمة في مآزق، وهوى بها إلى الأسفل، ومكَّن أعداءها منها، وتكبَّدت الأمة بسببه خسائر رهيبة للغاية، فقدت الوعي عن الأعداء، من هم الأعداء؟ القرآن يحدد لك من هو العدو، وهذا من أهم ما تحتاج إليه الأمة؛ لأن هناك عملية تضليل كبيرة في داخل الأمة عمَّن هو العدو، ومن هو الصديق، من هو العدو؟ القرآن يحدد لك من هم أعداؤك كمسلم، ولماذا هم أعداؤك، وعلى أي أساس، ما هي حقيقة مشكلتك معهم، ومشكلتهم معك، حديث واسع في القرآن الكريم، وحديث واسع عمَّا يبني الأمة للتصدي لمخاطر الأعداء، حديث عن طبيعة نشاط الأعداء، طريقتهم في استهداف الأمة، الأسلوب الصحيح لمواجهتهم، مجالات المواجهة معهم، حديثٌ واسعٌ جدًّا فيه ما يكفي ويفي لدرء الأخطار عن هذه الأمة، ولتكون في منعة من أعدائها، وعزة، وعلى قاعدةٍ مهمة أوردها الله في القرآن الكريم، هي قوله “سبحانه وتعالى”: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}[النساء: من الآية45]، أعلم بهم من هم، أعلم بهم كيف هم، أعلم بهم ماذا يفعلون، ما هي سياساتهم، ما هي أساليبهم، أعلم بهم كيف هو مستوى خطورتهم عليكم، أعلم بهم ما هي نقاط الضعف لديهم، ما هو الأسلوب الصحيح في مواجهتهم، ما هي السياسات الحكيمة والراشدة والمثمرة والمفيدة تجاههم… وهكذا، (أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ) دائرة واسعة تشمل كل ما يتعلق بالعدو، وما يتعلق بنا تجاه العدو”.
القرآن ميسّر لمن تأمل وتدبر:
يؤكد السيد القائد أن القرآن الكريم هو ميسّر لمن تأمل وتدبر، وأنه لا يتحقق للأمة أن تصلح واقعها، إلَّا إذا تمسكت به، واهتدت به، وسارت على أساس هديه، حيث يقول:“ومع كل مزاياه العظيمة التي هذا جزءٌ يسيرٌ منها، مزاياه أكبر وأعظم، فقد يسَّره الله للذكر، عندما نتلو القرآن الكريم بتدبر، بتأمل؛ نستفيد، بدايةً مما يقدِّمه بشكلٍ واضحٍ جدًّا، وبشكلٍ بديهيٍ وسريع، من اللحظة الأولى، بأدنى تأمل، {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر: الآية17]؛ إنما كيف نلتفت إلى واقعنا ونحن نتأمل القرآن، ونقيِّم واقعنا على هذا الأساس، هدايته واسعة، {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ}[الروم: من الآية58]، ولا يتحقق للأمة أن تصلح واقعها، إلَّا إذا تمسكت به، واهتدت به، وسارت على أساس هديه، {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}[الأعراف: الآية170]، طريق الإصلاح للنفس، طريق الإصلاح لواقع المجتمع، طريق الإصلاح في حالة الأمة، لكل ما قد تخرَّب في داخل هذه الأمة، هو عن طريق القرآن الكريم، والتمسك به، والاهتداء به”.
وفي ضوء ماسبق، يؤكد السيد القائد أن: “الحديث عن القرآن الكريم يمكن أن يطول كثيراً، لكن من خلال التلاوة، من خلال الاهتمام بثقافته، الإنسان يستفيد أكثر وأكثر، وتتعزز علاقته بالقرآن أكثر وأكثر، والأهم من كل ذلك: ما يمنحك الله من خلال إقبالك إلى القرآن من الاهتداء به، والأنس به، والاستيعاب- ولو إلى حدٍ ما- لعظمة هذا الكتاب وأهميته”.