فلسطين المساس بها تعني حربا إقليمية، وليفهم كيان العدو
هنادي محمد
عمل اللوبي الصهيوني منذ قرون عدة على تدجين الأُمَّــة وفصلها عن هويتها الإيمانية وعن مقدساتها، وفي مقدمتها فلسطين ليس هذا فحسب بل عملوا على أخذ ما ليس لهم تحت دعايات وتسويغات كثيرة منها دعاية: ”أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض“ التي أطلقوها في القرن التاسع عشر وهنا يعترفون بلسانهم على أنهم كيانٌ لا أرض له ينتمي إليها ولا وطن، وكانت هذه الخطوة البادرة الأولى للاستيطان والتمهيد للاحتلال.
عملية تدجين الأُمَّــة احتاج فيها اللوبي إلى قيادة في الشرط الأوسط والعالم بشكل عام لتمرر مشاريعه بشكل يسهّل عليه الكثير من المراحل فكانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الداعم والولد الطائع لولي الأمر فانطلقت أمريكا بدورها لاستعباد الأنظمة العربية الحاكمة ومن خلالها جميعاً تم تنويم الشعوب وتحريكها بالاتجاه المعاكس لما ينبغي أن تتجه نحوه وحرفها عن اهتماماتها الأَسَاسية منها قضية ” فلسطين “.
باتت الشعوب لا تعرف عن فلسطين إلا ما تعرضه وسائل الأعلام التي تعمدت إظهار العدوّ الإسرائيلي أنه قوة عظمى لا تقهر فكان الإعلام الذي وُضِعت موجهاته من قبل البيت الأبيض وتل أبيب عاملاً رئيسيًّا في هدم الرّوح المعنوية ولم يبق لها إلا منفذ بسيط تتلقى منه ما يريدون.
تطوّرت المرحلة وتعمّق التغلغل الصهيوني الأمريكي إلى واقع الأُمَّــة ورأينا ما رأينا من محاولات يهودية حثيثة لسلب فلسطين من أيدي المسلمين والفلسطينيين عبر ما سمّي بصفقة القرن والتي تهدف إلى حَـلّ النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وكأن المسألة قطعة كعكة سيتم تقاسمها مناصفة وتتويج ذلك باحتفال تحت اسم ”السلام“..!، وقبلها كان تحويل القدس عاصمة لإسرائيل، والآن نشهد العديد من الأنظمة -في مقدمتها السعوديّة والإمارات- التي سارعت للتفاعل مع التطبيع وتوثيق العلاقة مع الكيان الصهيوني.
أمام كُـلّ هذه الأحداث برز الدور المهم لقوى المقاومة والذي أفشل كُـلّ مخطّطاتهم وكان أول أوج للنور هو دعوة الإمام الخميني -رضوان الله عليه- إلى تخصيص آخر جمعة من شهر رمضان المبارك يومٌ عالميٌّ للقدس تخرج فيه الشعوب إلى بمسيراتٍ حاشدة لترفع صوتها وتعلن موقفها مما يحدث، حَيثُ مثّل هذا اليوم مقدمة ليقظة الشعوب وتهيئتها لتكون بمستوى المواجهة وخطوة عملية تؤسس للبحث عن رؤى الصحيحة لحل المشكلة كما وصفه الشهيد القائد السيد/ حسين بدر الدين الحوثي’ رضوان الله عليه’؛ ولاقت هذه الدعوة تفاعلاً كَبيراً، وأصبحت آخر جمعة من رمضان يومٌ مشؤم بالنسبة للعدو الإسرائيلي؛ لأَنَّه يوم تم فيه إعادة توجيه بوصلة الشعوب ومد نظرهم نحو قضيتهم بالرغم مما تعانيه في واقعها الداخلي من صراعات وحروب إلا أن فلسطين تبقى على الدوام من أولوياتهم المهمة.
قادات محور المقاومة كُـلّ باسمه وصفته يؤكّـد على أن المساس بالمقدسات خط أحمر سيؤدي لحرب إقليمية الجميع منهم حاضرٌ للمشاركة فيها، وهنا رسالة واضحة لهذا الكيان القزم أن زواله بات قاب قوسين أَو أدنى فزمن العصا الغليظة والإرهاب والترهيب والوعيد قد فلّ وولّى وأشرقت شمس الجهاد والاستشهاد قوافل متتابعة تأبى الضيم والظلم والهوان والاستعباد، جيوش مقاومة وأنصار لدين الله لا يخافون في الله لومة لائم، فترقّبوا إنا معكم مترقبون.
ولشعوبنا المجاهدة المقاومة، فليكن يوم القدس العالمي عالميّ الخروج والاحتشاد، يوم شحذ العزائم وتجديد العهد الصادق لله بالدفاع عن مقدساتنا والعداء لأعدائنا، يومٌ يجعل العدوّ يرى مصيره المحتوم العاجل مرسوما على ساحاتكم التي اعتادت احتضان اقدامكم الطاهرة أيها الشرفاء ولن تكون العاقبة إلا للمتقين.