الشهيد الصماد.. سيفُ المواجهة وعنوانُ السلام

عبدالغني العزي

 

لم يكن الشهيدُ الصماد رجلَ الإدارة وَالسياسة البارع فحسب بل كانت له جوانبُ مميزةٌ ومتعددة ومتوازنة تظهر في شخصيته وتتجلى في تفكيره لا يغلّب أحدها على الآخر، حَيثُ يمكن أن يدرك المراقب ذلك في مختلف اهتماماته اليومية وبرامجه العملية.

 

سير المعارك وأوضاع الجبهات متابعة وتخطيطا كانت تأخذ الهم الأكبر لديه؛ لأنها رغم أهميتها لم تطغَ على ما سواها من الاهتمامات التي كانت تشغل بال شهيدنا العظيم.

 

برنامجه اليومي والاختلاء مع الله بكل فكره وَكامل جوارحه تالياً كتاب الله متفكراً في آلاء الله داعياً مبتهلا متضرعا له بصدق النوايا وبلاغة المنطق كان له الحيز الأكبر، حَيثُ يبرز ذلك الاهتمام جليًّا في بشاشة وجهة وقوة شخصيته بنمو ملحوظ يوماً بعد يوم حتى بلغت نفسه الزكي العالي والإيمَـان العميق القوي الراسخ الذي لا يتزحزح بعوامل التعرية والمؤثرات الحياتية.

 

ومن الجوانب البارزة في شخصية الشهيد الصماد إنسانيتُه وحُبُّه للبسطاء والمستضعفين ورغبته في مجالستهم والحديث معهم وتلمس همومهم بعيدًا عن عدسات الإعلام وَبهرجة الحياة وزخرفها التي لا تساوي أمامه جناح بعوضة ولا ترتقي عنده الي القيمة التي يراها غيره.

 

قداسته للسلام ورغبته في تحقيقه لعموم شعبنا اليمني العظيم هدف ملازم له تجلى في العديد من مواقفه اليومية خلال الفعاليات والمناسبات والجلسات الفردية والجماعية إلَّا أن السلامَ عنده ليس كلمة عابرة ولا مصطلحا يتردّد للاستهلاك بل يراه قيمة حضارية إنسانية تختزل تحتها معانيَ مقدسةً تصل إلى الاستقلال والكرامة والأمن والاستقرار ودحر الغزاة وتحقيق تطلعات الشعب وتضميد الجراح ومواساة المكلومين والتي مثّلها الشهيد في أبهى الصور المعبرة عن الجموع الغفيرة التي عقدت عليه الآمال العريضة في تحقيق السلام العادل الشامل البعيد عن الوَصاية والهيمنة الإقليمية والدولية.

 

كان الشهيد الصماد يرى أن بداياتِ السلام الشامل تأتي من تحقيق السلام بين المكونات اليمنية السياسية والاجتماعية والقضاء على الخلافات الداخلية والثارات القبلية فجند نفسه لذلك وحقّق الكثير منه وفق الرؤى القرآنية المتشبعة بها نفسه وفكرة ومنطقه وسلوكه.

 

لقد مثل الشهيد الصماد المدرسةَ الإيمَـانية والمسيرة القرآنية والمنهج الرباني أفضل تمثيل في موقع المسؤولية وقبل وصوله إلى ذلك الموقع الذي كان يراه تكليف لا تشريف.

 

أما رغبته في الشهادة فقد كان هدفا استراتيجيا يدعو الله لنيله ويترجاه لتحقيقه؛ لأَنَّ إيمَـانه بعظمة ذلك الوسام الذي يمنحه الله لصفوة عباده لن يزدادَ عنده بكشف الغطاء.

 

وبرحيل الشهيد الصماد يكون الشعب اليمني قد فقد الكثير من آماله التي كان يتطلع إلى تحقيقِها برئاسة الشهيد العظيم إلَّا أننا نثق في أن الله سبحانه وتعالى لن يترُكَ شعبَنا اليمني بلا صماد يحملُ رايةَ الجهاد ويعلى سيف النصر اليماني وَيجسِّدُ المشروع القرآني عمليًّا على الساحة اليمنية ويلهم الجماهير المؤمنة أبجديات العزة والكرامة وعظمة الجهاد في سبيل الله ويرسم للمستضعفين مسارات السلام العادل المشرف الذي يحقّق عزة الدنيا ونعيم الآخرة.

مقالات ذات صلة