من وعي محاضرات السيدالقائد الرمضانية المحاضرة “السادسة عشرة”

عبدالفتاح حيدرة

في محاضرته الرمضانية السادسة عشرة لعام 1443هـ ، تحدث السيد القائد – عليه سلام الله ورضوانه – على ضوء قوله تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) وحديث القرآن الكريم عن البر، الذي يعني ان يجمع الانسان الخير وان يتجه على نحو متكامل وواسع وفق توجيهات الله سبحانه وتعالى، وليس على أهواء النفس والمزاج، والله يعرف البر بصفة كاملة و متكاملة وفق تعليمات الله ولهذا عالج الله سبحانه هذه المشكله، والبعض تقتصر اهتماماته بالعبادات الشكلية، متنصلا عن التزاماته و اهتماماته بالمسئوليات الدينية والايمانية الأخرى ، وهنا يوجه الله معنى البر المتكامل وفق قوله تعالى (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ)، يمكن للإنسان ان يهتم بالعبادات، من دون ان يتنصل عن مسئوليته والتزاماته الدينية والايمانية ، والاسلوب المتحايل على مفهوم البر لا يجوز، فهناك التزامات إيمانية اهم والزم واكبر..

 

لذلك اكمل قوله سبحانه في توضيح معنى البر بقوله سبحانه، (وَلَٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) وهنا نجد ان العنوان الأساس هو الايمان بالله والإنطلاقة الايمانية للبر ، وليس بدافع الرياء والسمعه او دافع مادي او سياسي او مكاسب شخصية، حتى أن البعض يتاجر في المحرمات، ولكنه يتبرع ويحسن للناس وهو هنا يريد ان يحظى بالتعاطف معه من الناس فقط ، والبعض في اطار المكاسب السياسية ، والبعض ينطلق بأهداف شيطانية مثل عمل المنظمات، لهذا فإن الدافع السليم والنظيف للبر في النفس ، ولهذا يجب أن تكون الانطلاقه والدوافع إيماني، والايمان يجب أن يكون دائرة متكاملة، و الوجهه لله ورضوانه، والخوف من التقصير والخوف من ارتكاب المعاصي والتفريط و ارتكاب الحرام ، هذا ما يق الانسان من غضب الله وسخطه، هذا يشكل في الانسان دافع البر النظيف ، والايمان باليوم الاخر والحساب والجزاء وهو دافع مهم وقوى، والايمان بالله واليوم الاخر يعالج التكاسل والبرودة في التعاون على البر والتقوى، إن من يؤمن بالله وبيوم الحساب والعقاب والملائكة ، لا يؤخرة شئ عن البر، وهذا دافع إيماني صالح ونظيف..

 

الأيمان بكل كتب الله، الايمان بهدى الله، لان مسيرة الايمان ممتده، والقرآن خلاصة كتب الله والمصدق لها والمهيمن عليها، والرجوع للقرآن يصحح ويرشد على المستوى العملي، ويحذرك من تقصيرك وعدم اهتمامك ، والايمان الإجمالي بكل انبياء الله كلهم، وهو ايمان بوحدة المسيرة النبوية، وهذا يعني ان رسالات الله ممتدة، والايمان بالله وخاتم الرسل نبينا محمد صل الله عليه وعلى آله وسلم، وللايمان بالانبياء أهميته الكبيرة في الدافع للبر ونتائجه وخيراته على المستوى الشخصي و الجماعي، والايمان هذا يمثل الدافع المتكامل على النحو الصحيح في مجاله وطريقة ادائة، ثم حدد الله سبحانه وتعالى في العنوان الثاني للبر بقوله تعالى (وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ) والروحية الايمانية تبعد الانسان عن الجشع والطمع، بل تجعله يبادر على ايتاء المال لصلة الرحم و اليتامى والمساكين وابن السبيل و السائلين، كلا يتفاعل بطريقته الإنسانية لفعل البر، والانسان المؤمن المدرك بأهمية العطاء لنفسه واخرته، سوف يتعاون على البر حتى في الظروف الصعبة، وتفعيل مبدأ التعاون يبارك الله فيه وله أثره الخير في أعمال كبيرة جدا،

 

وقال تعالى في العنوان الثالث من البر (وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا ۖ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) إقامة الصلاة يزيد أثر ذلك في طهارة النفس وحمل النفس الخيرة والمعطائه ، وايتاء الزكاة، كل عطاءات الانسان في اطار المسئوليات، وعلى الانسان إيتاء الزكاة والمبادرة لاخراجها، والموفون لعهودهم، هم أهل الوفاء، ومن اهم المواصفات في فعل البر وعطائه هو الصبر في ظروف الفقر والمعاناة المعيشية، ولا يؤثر عليهم شئ في حالات المرض والحزن والغم النفسي والجراحة و الاعاقه في سبيل الله ، والانسان المؤمن يصبر، ولا يؤثر عليه في القيام بالتزاماته، والصبر في مواطن الجهاد و المخاطر في سبيل الله، واستمرارة وصبره، وهذه هي حالة التكامل في البر، وختمها الله بقوله (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) ، الصدق والتقوى هو عنوان هذه المواصفات المتكاملة، والتقوى عنوان واسع جدا في التعاون لما فيه خير الأمة، وهو ضرورة وجزء من التزاماتنا الايمانية، للملكة شتات الجهود..

مقالات ذات صلة