ذكرى مَن أحيا أملَ الأُمَّــة
عبد المجيد البهال
الشهيد القائد تحَرّك في زمن أرادت أمريكا أن تجعل من نفسها إلهاً من دون الله، ويخافها الناس ويرغبونها أكثر من الله، وفعلاً توجّـهت إليها الأُمَّــة ونظرت إليها على أنها منقذ وهي أكبر المجرمين، وملاك وهي أكبر الشياطين، وعنوان الحرية وهي رمز المستعبدين.
ولنا أن نتحدث عن ذلك الرجل العظيم الذي لا زال حاضراً يواجه العدوان بفكره وبرجاله الذين رباهم، ذلك الرجل الذي كان بحق حليف القرآن، وتأمل القرآن على مُكثٍ وورثه: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}، فكان من السابقين بخيرات الهدى والنور، ونظر إلى المؤامرات التي تدور على رأس الأُمَّــة بعين المسؤولية، وحمَل همَّ الأُمَّــة المطحونة والمسؤولية تجاهها أمام الله تعالى، وكيف يسكت والله يقول في كتابه العزيز: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولئك يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}، وكيف يسكت وجده الإمام زيد الذي قال: (واللهِ ما يدعُني كتابُ الله أن أسكُتَ) يعز عليه أن يسكت وهو يرى أُمَّـة جده رسول الله -صلوات الله عليه وآله- تُضطهد وتُظلم وتُقهر، يعز عليه أن يرى مقدسات الأُمَّــة تُدنس وأعراضها تُنتَهك ونساءها في العراق وفلسطين تستغيث ولا من مغيث، ولا يمكن أن يصمت وإن صمت العالم كله، وكيف يصمت من حالف القرآن وورثه من رسول الله وورث صفاته في حمل هَمِّ هداية الأُمَّــة وتبصيرها وتحريرها؛ فبذل وقته ليلاً ونهاراً، توعية وتبصيراً وإرشاداً للأُمَّـة لإخراجها من الظلمات إلى النور، عاملاً بذلك المبدأ الذي ورثه عن الإمام زيد بن علي (عليه السلام) (البصيرةَ البصيرةَ ثم الجهاد)، وحمل على عاتقه مسؤولية تربية أُمَّـة قرآنية جهادية لا تخاف في الله لومة لائم، وكان الجدير بحمل تلك المسؤولية، وحمل شجاعة منقطعة النظير في زمن الذِّلة والخضوع، وحين شاهد الأنظمة العربية تستسلم لأمريكا كان لسان حاله يقول كما قال الإمام علي (عليه السلام): (وَاللَّهِ إِنَّ امْرَأً يُمَكِّنُ عَدُوَّهُ مِنْ نَفْسِهِ يَعْرُقُ لَحْمَهُ وَيَهْشِمُ عَظْمَهُ وَيَفْرِي جِلْدَهُ لَعَظِيمٌ عَجْزُهُ ضَعِيفٌ مَا ضُمَّتْ عَلَيْهِ جَوَانِحُ صَدْرِهِ، فَكُنْ ذَاكَ إِنْ شِئْتَ فَأَمَّا أَنَا فَوَ اللَّهِ دُونَ أَنْ أُعْطِيَ ذَلِكَ ضَرْبٌ بِالْمَشْرَفِيَّةِ تَطِيرُ مِنْهُ فَرَاشُ الْهَامِ وَتَطِيحُ السَّوَاعِدُ وَالْأَقْدَامُ وَيَفْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ ما يَشاءُ)؛ فكان الوارث لشجاعة الإمام علي، وكان من أقوى الناس قلباً في مواجهة أمريكا ومواجهة أذنابها المعتدين عليه في الحرب الأولى والتصدي لهم، لا يخاف الموت والقتل، بل يرى الشهادة في سبيل الله نصراً شخصيًّا له؛ فأحيا أملَ الأُمَّــة وربطها بِعِلمِ أهل البيت وشجاعتهم وإخلاصهم وحرصهم على رضا الله كالإمام علي والحسن والحسين والإمام زيد والإمام الهادي.