عمليات إعصار اليمن ونتائجها
مصطفى العنسي
توسعت دائرة القصف لبنك الأهداف اليمنية لتشمل بنارها وبأسها دويلة الإمارات وقواعدها العسكرية ومنشآتها الحيوية والاقتصادية وكأننا أمام حدث تاريخي سيغير معادلات القوى عالميًّا وليس إقليمياً فقط.
المشهد اليوم أكثر حدة أمام الرد اليمني الذي تصاعد وتوسع نتيجة انعكاس واضح لسياسة تصعيد قوى العدوان الأخيرة والتي لم تحقّق أية إنجازات تذكر سوى الأدغال في قتل الأطفال والنساء والإمعان في مجازر إجرامية ووحشية بحق المواطنين العزل.
في هذا السياق نفسه نفذت القوة الصاروخية والطيران المُسَـيَّر عمليتي إعصار اليمن الأولى والثانية بما تحملانه من رسائل ودلالات مهمة عصفت بالسعوديّة والإمارات وشردت بهم من خلفهم من الأمريكيين والإسرائيليين..
وأذهلت العالم من حَيثُ التكتيك والدقة والبعد الاستراتيجي ومن حَيثُ إمْكَانية الرد وقدرة المناورة في دك أهداف متعددة لعمقين استراتيجيين لدولتين في آن واحد.
هذا يعتبر استراتيجياً معجزة فمعادلات الحروب الحديثة تثبت استحالة الرد في ظروف محاطة وأجواء مغلقة ورقابة مركزة إلَّا أن الرد اليمني كان حاضراً رغم كُـلّ التعقيدات والتشويشات ونفذ بعد تحذيرات معلنة لناطق جيشنا اليمني..
أتى الرد:
– بعد أن جهز له الأعداء وتحصنوا وعملوا بكل إمْكَاناتهم ومنظوماتهم الاعتراضية والمتطورة على إفشاله..
– في ظل حصار خانق ورقابة جوية مشدّدة ومُستمرّة عبر وسائلهم التكنولوجية والمتطورة وطائراتهم التجسسية وأقمارهم الصناعية..
– وسط كثافة غاراتهم المُستمرّة فالأجواء اليمنية كانت محاطة بأسراب من الطائرات الحربية والتجسسية وتحت رقابة العناية المركزة لأقمارهم واستنفار عام لكل وسائلهم التكنولوجية..
أليست هذه من المعادلات المذهلة التي أذهلت كُـلّ العالم وتذوق مرارتها الأمريكي والإسرائيلي وأخرجتهم عن صمتهم ليفصحوا ويعلنوا بأنفسهم عن مدى تأثير الضربات عليهم وعن مدى رعبهم وخوفهم وجعلتهم في الإعلام يقصون ويتحدثون ويصرحون في حالة إرباك غير مسبوقة..
إعصار اليمن في ذروته الصغرى يعصر بأوكار أمريكا وإسرائيل ويعصر قلوبهم ويكشف ضعفهم ويظهر عجزهم ووهنهم ويكشف زيفهم في تصدي واعتراض وإسقاط الصواريخ قبل وصولها ويفضح ادِّعاءهم في إسقاط 90 % من الصواريخ اليمنية التي استهدفت قاعدتهم في الظفرة..
لقد قضت عمليات إعصار اليمن على هيبة أمريكيا وكشفتها على حقيقتها التي لطالما توارت بها عن العالم..
أمريكا التي بذلت كُـلّ ما بوسعها لتنميق صورتها وبث هيبتها ومد سطوتها تقف عاجزة وتعلن مفلسة عن هروب جنودها ودخولهم إلى الملاجئ خوفاً من الصواريخ اليمنية في تناقض عجيب مع إعلانهم إسقاطها واعتراضها وتدميرها قبل وصولها..
أمريكا بهيبتها المصطنعة أصبحت أمام صواريخنا اليمنية عبارة عن قشة.. وأصبح جنودها كجرذان يولون إلى مغاراتهم وهم يجمحون..
هذا حال أمريكا الذي لا يقل شأناً عن حال إسرائيل التي أصبح تأثير وقع الضربات الصاروخية اليمنية عليها أشد من وقعه على أمريكا نفسها..
إسرائيل بضجتها المهولة تكشف فاعلية وتأثير الضربات الصاروخية اليمنية في الوقت الذي تدلل على وصولها لأهدافها في الإمارات وإصابتها الدقيقة.. وإلا فما معنى أن تعترف إسرائيل بقدرات اليمن الصاروخية وتتحدث عن دقتها..
وهذه من المعطيات التي تدلل على فاعلية ودقة وبأس سلاح اليمن الاستراتيجي فلو أن صواريخنا وطائراتنا لم تصل إلى أهدافها في السعوديّة والإمارات وتصيبها بدقة لما خرجتا أمريكا وإسرائيل عن صمتهما ولما تناقضتا معاً في آن واحد.
وهنا المشهد لم يكتمل رغم الصورة الواضحة عن مستقبل اليمن وقوته في المنطقة فوجود أمريكا في المنطقة معادلة صعبة سيكلفها الكثير وستكون مجبرة للتخفي أَو الانسحاب لوجود قوة يمنية صلبة ترفض أمريكا ولا تعترف بها.
كما أن المعادلة نفسها ستجبر إسرائيل على تغيير تموضعها في الخارطة جغرافياً وتؤثر عليها عسكريًّا واقتصاديًّا.
إننا أمام مستقبل مليء بالمفاجآت والتطورات لصالح شعبنا اليمني المظلوم.
لا تزال خيارات شعبنا اليمني الاستراتيجية واسعة ومتعددة وقيادته الحكيمة والربانية لا تألو جُهدًا في اتِّخاذ الخطوات المناسبة وانتقاء الهدف المناسب في الوقت المناسب.
ومن المتوقع إذَا أمعن العدوان في حصاره وعدوانه وإجرامه أن تتخذ قيادتنا خياراً استراتيجياً مهماً فباب المندب لا يزال يمنياً وصبر شعبنا وقيادته لن يطول فإما أن يعيش شعبنا كما بقية الشعوب في أمن واستقرار ويهنأ بالعيش الكريم وإلَّا فلن يهنأ الجميع بالأمن والاستقرار وستتوسع جغرافية الحرب لتتجاوز الإقليم.