المحافظات الجنوبية.. الجوعُ والخوفُ والاحتلال
انهيارٌ شامل في مختلف مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية بعد 7 سنوات من العدوان
عمران نت – صحافة – 09 جمادى الآخرة 1443هــ
تستفيقُ المحافظاتُ الجنوبية والشرقية اليومَ من سُباتها العميق الممتد على مدى 7 سنوات من زمن العدوان، ليكتشِفَ ساكنوها أن الوعودَ التي ساقها الاحتلالُ الإماراتي السعوديّ لهم بتحويل عدنَ إلى نُسخةٍ أُخرى من دُبِي أَو أبو ظبي، قد تبخَّرت وذهبت أدراجَ الرياح، ولم يجدوا أمامهم سوى الجوع والخراب والدمار والقتل والاغتيال والاغتصاب والاختطاف وكل ما يقود إلى الموت.
انهيارٌ شاملٌ تعيشُه المحافظاتُ والمناطق المحتلّة على مختلف كُـلّ الأصعدة “السياسية والاقتصادية والأمنية والصحية والاجتماعية” في ظل الاستعمار الجديد واللا دولة، ومستقل قاتم لا خَلاصَ منه إلا بالتحرّر من التبعية والوَصاية والارتهان للخارج، بعكس الاستقرار الأمني والاقتصادي والسياسي الذي يسودُ الحياةَ العامة في المحافظات الحُرَّةِ الواقعة تحت سلطة حكومة الإنقاذ الوطني.
وفي الشأن السياسي مؤخّراً، سادت حالةٌ كبيرةٌ من السخط والاستياء بأوساط المواطنين في شبوةَ المحتلّة بعد قيام ميليشيا ما يسمى المجلس الانتقالي التابعة للاحتلال الإماراتي، السبت المنصرم، بإنزال عَلَمِ الوَحدة ورفع عَلَمِ الانفصال فوق المباني والمؤسّسات الحكومية والشوارع الرئيسية بمدينة عتق عاصمة المحافظة، وذلك بعد أسبوعين من تغيير المحافظ المرتزِق محمد صالح بن عديو -المحسوب على حزب “الإصلاح”-، وإقصاء كُـلّ كوادرِ الحزب من الوظيفة العامة وإنهاء أي تواجد له أَو هيمنة في الجهات الأمنية والعسكرية، لا سِـيَّـما النجدة والأمن المركزي التي باتت تحت سيطرة ما يسمى “النُّخبة الشبوانية”.
وفي تعز، عصفت خلافاتٌ حادَّةٌ بين قيادات الحزب الاشتراكي وحزب “الإصلاح” في تعز المحتلّة، وذلك على التعيينات في بعض المناصب، منها منصبُ رئيس هيئة مستشفى الثورة بتعز، والتي طلب الحزب الاشتراكي التأكّـد من قيام المرتزِق معين عبدالملك -رئيس حكومة الفارّ هادي- بإصدار قرارات تعيين رؤساء هيئات مستشفيات الثورة في بعض المحافظات المحتلّة ومنها تعز.
الموتُ المجهول
وعلى الصعيد الأمني في المحافظات المحتلّة، فَـإنَّ الفوضى وعدمَ الاستقرار هو سيدُ الموقف بمدينة عدنَ، في ظل ارتفاع معدَّل الجريمة وتفشِّي ظاهرة القتل والاغتيال والاختطاف والنهب والتفجيرات وغير ذلك من الحوادث والجرائم اليومية التي تُقَيَّدُ جميعُها ضد مجهول، في الوقت الذي يقوم فيه المرتزِق مطهر الشعيبي -المعين من حكومة الفنادق مديراً لأمن عدن- بنشر القواتِ الأمنية في الشوارع والمديريات وتشكيل اللجان المجتمعية؛ لكي يتم استتباب الأمن والاستقرار في المحافظة بعد فشل الميليشيا الموالية لأبو ظبي فيما يسمى الحزام الأمني بضبط الأمن.
ومن صور ذلك الانفلات الأمني، مقتلُ طبيب في منطقة أبو حربة حي الطيارين الحسوة بمديرية المنصورة، الأسبوع الماضي، بعيارات نارية أثناء عودته إلى منزله التي تصادفت مع تبادل إطلاق نار كثيف حدث بين عصابات مسلحة على خلفية بيع الخمور في الحي، الأمر الذي دفع الأهالي إلى الاستغراب جراء سكوت الجهات المعنية عن بيع الخمور في أوساط الأحياء السكنية.
ويتزامن مقتل الطبيب مع وقوع تفجير هزَّ حَيَّ الإنشاءات قُرب مكاتب المنظمات الدولية مديرية خور مكسر، والناتج عن قنابل صوتية ألقاها مسلحون أمام مقر منظمة “أكتد” الفرنسية الواقعة جوار فندق اللوتس في ساحل أبين، حَيثُ سبب التفجير أضراراً مادية في مقر المنظمة.
وفي سابقة من نوعها، أصدرت ما يسمى الهيئة الشرعية لتنظيم “أنصار الشريعة” في اليمن، فتوى بجواز قَتْلِ الصرَّافين ومصادرة أموالهم في المحافظات الجنوبية المحتلّة؛ بذريعة محاربتهم لله وثبوت إفسادهم في الأرض، وأجازت الفتوى مصادَرةَ أموال الصرَّافين التي اكتسبوها عن طريق الحرام –بحسب الجماعة الإجرامية- واعتبرت الفتوى القيام بهذه الأعمال فرضَ عين على كُـلّ مسلم في ظل غياب الدولة الإسلامية.
ويترافق تهديدُ الجماعات الإرهابية للصرافين بعدن، مع تصريحات المرتزِق اللواء مطهر الشعيبي، الذي هدّد بزج الصرافين في سجن المنصورة، وذلك على خلفية التدهور المتسارع في قيمة العُملة المحلية، حَيثُ عاد ارتفاعُ قيمة العُملات الأجنبية من جديد بعد أن وصلت قيمةُ الدولار إلى 1260 ريالاً، بينما تعدى السعوديّ 300 ريال يمني، ما أثار غضباً واسعاً لدى المواطنين الذين يطالبون الأجهزةَ الأمنية بضبط المتلاعبين بالعُملة وبأقوات الناس.
وفي مديرية كريتر محافظة عدن المحتلّة، قام المئاتُ من المحتجين الغاضبين بالتظاهر والنزول إلى الشوارع الرئيسية وإغلاق عدد من محلات الصرافة بالقوة؛ تنديداً بتردي الأوضاع المعيشية واضطراب أسعار الصرف، كما قام مسلحون بقيادة امرأة ناشطة فيما يسمى الحراك الجنوبي بالمرور في كريتر واستخدام مكبِّرات الصوت لمطالبة أصحاب محلات الصرافة بإغلاق محلاتهم وتهديدهم باقتحام محلاتهم بالقوة.
وفيما يخُصُّ الوضعَ الأمني المنفلِت، قامت ميليشيا الانتقالي بمداهمة المقر الرئيسي لما تسمى شركة النفط في خور مكسر عدن وإخراج الموظفين بالقوة، على خلفية القرار الأخير لرئيس حكومة المرتزِقة، بحصر توزيعِ المشتقات النفطية على شركة النفط، كما يأتي الاقتحام؛ بسَببِ تولّي المرتزِق عمار العولقي مهامَّه الجديدة كمدير لشركة النفط بعد تعيينه من الفارّ هادي، والذي سبق أن رفضَه الانتقالي، واصفاً قرارَ التعيين بأُحادي الجانب.
إلى ذلك، بلغ الانفلاتُ الأمني ذروتَه في شبوة المحتلّة، حَيثُ شهدت المحافظةُ الغنية بالثروات النفطية والغازية تفجيرات عدةً لأنابيب النفط في مديريتي حبان ميفعة من قبل مرتزِقة العدوان، في وقت هدّد الاحتلالُ الإماراتي بقصف قوات ما يسمى الأمن الخَاصَّة الموالية لحزب “الإصلاح” بعتق، بعد رفض القيادي المرتزِق عبدربه لعكب إخلاء وتسليم المعسكر.
وفي أبين المحتلّة، قامت ميليشيا مسلحة بمدينة لودر بنصب الحواجز؛ لغرض التقطع ونهب السيارات القادمة إلى المدينة، رافقه اشتباك الميليشيا مع أحد الأطقم العسكرية التابعة لما يسمى لواء الأماجد، ما أسفر عن مقتل أحد المواطنين المارة إثر تبادل لإطلاق النار مع العصابة.
حكومةُ الدولار
وفيما تتواصَلُ معاناة المواطنين المعيشية والاقتصادية بالمحافظات المحتلّة التي أثقلت من كاهلهم إزاءَ انهيار العُملة وارتفاع الأسعار وانعدام الخدمات الضرورية كالكهرباء والمياه والبنزين والغاز، كشفت مصادرُ مقرَّبةٌ من المرتزِق معين عبدالملك -رئيس حكومة الفنادق- عن فساد المسئولين والقيادات المرتزِقة، إذ وصل راتبُ الوزير في حكومة الفارّ هادي إلى 7500 دولار شهرياً، إضافةً إلى مليون ريال يمني تُصرَفُ نثريات، وهو نفس الراتب الذي يتقاضاه محافظُ البنك المركزي في عدنَ، في ظل تسريبات عن استلامه 40 ألف دولار شهرياً.
منظومةُ الكهرباء في عدنَ هي الأُخرى تساهم في زيادة أوجاع السكان، حَيثُ سبّب عطب كابل نقل الطاقة الواصل بين محطتَي الحسوة والمنصورة إلى خروج الكهرباء عن الخدمة، بعد قيام إدارة مدينة درة عدن بالحفر لإمدَاد خدمة المياه للمواطنين، مما تسبب بعطب كابل نقل رئيسي أَدَّى لخروج المنظومة، ناهيك عن انعدام المشتقات النفطية خلال الأسبوع الماضي في عدنَ وأبين ولحج، بعد أن وصل سعرُ دبة البنزين (20) لتراً إلى (30) ألف ريال، ما شجّع ظهورَ السوق السوداء في المحافظات المحتلّة، على مرأى ومسمع السلطات المحلية دون القيام بدورها في ضبط تجار السوق السوداء، أَو إيجاد حلول ومعالجات لتلك الأزمة التي أثّرت على تنقلات المواطنين بين المحافظات والمديريات؛ نظراً لارتفاع أسعار إيجار النقل لسيارات الأجرة.
وقد دفع استمرارُ حكومة الفارّ هادي بالمضارَبة بالعُملة وزعزعة السوق المالي، إلى قيام جمعية الصرَّافين اليمنيين بعدن بإصدار توجيهات لكافة منشآت الصرافة وشبكات التحويل المالية بوقف عملية البيع والشراء للعُملات على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعد معاودة الريال اليمني تدهورَه أمام العُملات الأجنبية، إثر الانخفاض الوهمي تزامناً مع وُصُولِ القيادةِ الجديدة لمركَزي عدن.
صحيفة المسيرة