في حضرة الشهداء
عبدالواحد الشرفي*
قد تعجز الكلمات عن الحديث التام والمكتمل الأركان عن شهدائنا العظماء، فمقامهم مقام اصطفاء واجتباء، وهبة ربانية يختصُّ بها مَن يشاء، فقد قال تعالى {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ} صدق الله العظيم.
الشهادة في سبيل الله مِنَّةٌ إلهية امتن بها الله من أحبه من خلقه بعد النبيين والصالحين قال الله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا}.
المنزلة الرفيعة عند الله سبحانه للشهداء بالقرب منه عظيمة أحياء فرحين مستبشرين لا هَم ولا غم ولا حزن وَفضلٌ من الله ونعمه قال تعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا، بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ، يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}.
فالمنزلة والفضل الذي اختصهم اللهُ على سائر خلقه؛ لأَنَّهم انطلقوا في سبيل الله بنيةٍ وإخلاص وقدموا أرواحَهم الزكية نصرة لدين الله وفي سبيل نصرة المستضعفين والوقوف ضد الظلم والظالمين والمتجبرين، وما يسطره شهداؤنا الكرام في هذه المرحلة من تضحيات في سبيل الله ضد قوى الاستكبار والعدوان التي اجتمعت لشن عدوانها الآثم على أبناء الشعب اليمني، وقتلت الآلاف من الأبرياء والأطفال والنساء والآمنين بمنازلهم والسائرين في طرقهم، بل عملت قوى الشر والعدوان على محاصرة هذا الشعب وتجويعه الذي انتهح طريق الحرية والكرامة.
إن ما قام به الشهداء رضوان الله عليهم من بطولات وما حقّقوه من انتصارات ضد قوى البغي والعدوان وتقديم أنفسهم رخيصة في سبيل الله ومن أجل حياتنا لنعيش في حياة يسودها العدل والحرية والاستقلال والكرامة والعزة التي أراد لنا الله أن نعيش بها.
وعندما نتأمل من يبذلون أرواحهم رخيصةً في سبيل الله نجد أنهم يتمتعون بروحية إيمانية عالية، ووعي وبصيرة، ويدركون حجمَ المسؤولية الملقاة على عاتقهم تجاه امتهم وشعبهم وواقعه المؤلم الذي صنعته قوى الاستكبار وأنظمة العمالة من ظلم وفساد وتبعية وفرقة وارتهان واستلاب وابتعاد عن دين الله والقرآن الكريم وهديه، فكان منهاج المسيرة القرآنية الذي اسسه بنيانه السيد القائد الشهيد حسين بن بدر الدين الحوثي طوق نجاة وملهم للشهداء للسير في طريق العزة والكرامة الذي يعبر عن الإسلام المحمدي الأصيل.
ولا أجد في هذا المقام إلا الترحم على روح مؤسّس المسيرة المباركة وعلى كُـلّ الشهداء الكرام شهداء الحق والعزة، ولا أنسى زميلي طالب العلم بالمدرسة الشمسية بذمار الشهيد محمد يحيى النهدي الذي انطلق مبكراً ليلتحقَ بالشهيد القائد وكان له الفضل بعد الله في التعريف بمنهج المسيرة القرآنية المحمدية في مدينة ذمار متجاوزاً عصبيةً المذهبية الضيقة متسلحاً بالإيمان والوعي والبصيرة والشجاعة فسلام الله على قائدنا المؤسّس وعلى روحه الطاهرة وأرواح الشهداء الزكية وحفظ الله سيدنا العلم، وأيده بنصره.
* عضو مجلس الشورى