“الكمين” والهروبُ إلى البطولة الوهمية

صفاء السلطان

 

“الكمين” فيلم هوليوودي بكذبة عربية وبتأويل أحد الكُتاب الأمريكيين ومن إنتاج دويلة الإمارات والتي صرفت عليه أموالاً طائلةً، واستقدمت مخرجا ًفرنسياً هوليوودياً، يستعرض الفيلم قصةً منافية للواقع تماماً، فيقدم القاتلَ بثوب الحَمَل، فنرى جنديَّ الاحتلال الإماراتي يقاسي ويعاني حتى يصل لأماكن المواجهات لا ليقتل الشعب اليمني بل ليوصل “سلةَ غذائية” لإحدى الأسر في اليمن ويُقتل الكثير من الجنود الذين جاءوا بدافع الإغاثة لليمن، حَــدَّ زعمهم، فتجد في هذا الفيلم الجندي الإماراتي يستبسل أيما استبسال لينقذ إخوانه “ربعه” حتى لو تطلب ذلك بذل روحه.

 

كان الهدف الحقيقي من الفيلم ذي الإنتاج والترويج الأضخم هو ترك الطابع الإنساني للتواجد الإماراتي ولبس الحق بالباطل كما هو حال كُـلّ الطغاة والمجرمين في هذا العالم.. (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ)، إنما جاءت الإمارات للإصلاح في اليمن وبناء أمن غذائي ضخم ومساعدة من هجّرتهم الحروب وإمدَادهم بالغذاء!! أي أنها تريد من هذا الفيلم أَيْـضاً تركَ الطابع العنيف للجندي السعوديّ، أما هم فشيء مختلف!!

 

إن هكذا أفلام لا يمكن تقديمُها حتى لطفل في اليمن، فكل طفل وامرأة وشاب وشيخ في اليمن يعي حقيقة المهمة الإماراتية في اليمن جيِّدًا وما سجونُ عدن وفضائحها عنّا ببعيد، وحشية في التعذيب لا مثيل لها سوى في سجون أبو غريب وغوانتانامو، سحل وقتل للآلاف في الجنوب، ونهب الكثير من الممتلكات والآثار اليمنية، بل إن أهم ما أقدموا عليه هو نهب كُـلّ الثروات العظيمة والنادرة في جزيرة سقطرى واجتثاث شجرة دم الأخويْن من جذورها وتحويل الجزيرة اليمنية قاعدةً عسكرية واستخبارية للعدو الإسرائيلي، ثم يأتي هؤلاء ليقدموا أنفسهم كالحمل الوديع!

 

أما كان من المهم أن يذكر في هذا الفيلم محرقة الإبرامز التي قُتل فيها العشرات من المحتلّين الإماراتيين؟!

 

إن من المضحك جِـدًّا أن يتناسى هؤلاء أن اليمانيين قد أكرموا ضيافتَهم بضربة التوشكا في بداية عدوانهم على اليمن والتي هلك فيها ستون جندياً إماراتياً وأربعون سعوديًّا كانوا في سباتهم حتى أتاهم التوشكا ليستيقظ من كتب له الاستيقاظ على حفلة شواء لهؤلاء المحتلّين،

 

وكان من الأولى أن يتم عرض مشهد الباكين على أمرائهم القتلى في اليمن؟!

 

يمشي هؤلاء على قاعدة اكذِبْ ثم اكذِبْ حتى تُصدَّقَ؛ ليصنعوا بكذباتهم صورةً مضخَّمةً للجندي الإماراتي حتى يكاد المخرج نفسه أن يموت من فرط الضحك على هكذا أكاذيب، لكنها الدولارات الكثيرة التي دفعت له كفيلةٌ بأن تجعل حتى الشيطان نفسِه أن يأتيَ ويمثِّلَ دورَ القسيس.

 

الله سبحانه من ورائهم محيطٌ ومطَّلِعٌ ومن ورائهم جنودُ الله الذين لا يخافون فيه لومةَ لائم، وإعلامٌ حربي وثّق كُـلَّ جرائم العدوّ في اليمن وكُـلّ انكساراته وانهزامه، فما على هؤلاءِ إلا الرجوعُ لهذه المشاهد الحقيقية ليجدوا البطولةَ في أعظم معانيها ويروا الرجولةَ وَالإنسانيةَ في أسمى عطائها.

مقالات ذات صلة