حشودُ المولد.. أيقونةُ الوَحدة الإسلامية
سند الصيادي
بعد أن أبهرت اليمنُ شعوبَ الأُمَّــة المحمدية باحتفائية المولد النبوي الشريف، وَفي ذلك الاحتفاء المهيب وصلت رسائلُ سطّرها الشعبُ اليمني وقيادتُه إلى كُـلّ أحرار الأُمَّــة، أبرزت محمداً صلواتُ الله وعلى آله كعنوانٍ جامعٍ للَمِّ الشمل الإسلامي، قبل أن تحتضنَ صنعاء بالأمس القريب الخِطابَ الإسلامي الحر والمقاوم في مؤتمرٍ لعلماء اليمن، تجاوز الهموم المحلية ليحمل هَمَّ الوحدة الإسلامية وَيستعرض فرصها وَتحدياتها.
وفي هذا المؤتمر موقفٌ مضافٌ يعزز أممية ومسؤولية الخطاب الإسلامي الذي تصدّره صنعاءُ لكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، خطابٌ يتعالى فوق التباينات وَالاختلافات الفقهية والفكرية التي اعترت ماضي وحاضر العالم الإسلامي وَقوَّضت حضورَه وَأوهنت وجودَه الحضاري والإنساني بين الأمم، خطابٌ يعيد تأصيل الهُــوِيَّة واعتبارها، وَتوجيهٌ نحو كُـلّ ما يجمع وَلا يفرق.
من المشرق الإسلامي حتى مغربه كانت المشاركات المتلفزة لعلماء الأُمَّــة الأحرار، بمختلف طوائفهم ومذاهبهم، كانت المضامين واحدةً وَالكلمات متناغمة، كُـلُّ خطاب يعزز ما قبله، عناوينه الرفض للتطبيع مع العدوّ الصهيوني وتحريمه، واجبُ الجهاد ضد الوجود الأجنبي في المنطقة، وإجماعٌ على سقوط ولاية آل سعود على الحرمين الشريفين، وعلى مقاطعة أبواق الفتنة والتضليل والدعوات الطائفية والمناطقية وَانحيازٌ إلى جانب المقاومة الإسلامية في لبنان وإدانة للجرائم بحق المسلمين في أصقاع العالم.
وفي الكلمات مباركة لانتصارات الجيش اليمني واللجان الشعبيّة، وَاتّفاق بدا ممكناً ومبشّراً يمكن أن تستشرف فيه الأُمَّــة آفاقاً رحبة لمستقبل الوَحدة الإسلامية، إذا ما احتشدت شعوبها خلف هذه الأصوات، وَصمت آذانها عن أدعياء التدين وَدعاة الفتنة.
وفي هذا المؤتمر الذي احتضنته صنعاءُ في أوج العدوان عليها وَحصارها وَعزلتها، تجلت حقائقُ كثيرة، أبرزها أن الخلافات مفتعلة وَيصنعها الغربُ من خلال أسماء ومناهجَ تدّعي زورًا وَعمدًا تمثيلَ الإسلام؛ بهَدفِ ضربه من الداخل، وَبأن المذاهب والطوائف الإسلامية الأصيلة تتشارك الأولوياتِ وَالقضيةَ برجالها الأحرار، كما لا يقف بينها وبين الوَحدةِ عوائقُ منهجية أَو تاريخية.
كما تجلَّت حقيقةُ أن المشروعَ الذي أسّس له الشهيدُ القائد حسين بدر الدين الحوثي وانتصرت به وَله الثورة السبتمبرية المباركة يمثلُ أَيقونةَ الوَحدة الإسلامية وَبشائرَ حدوثها؛ لأَنَّه مشروعٌ إسلامي خالص نقي، لا يشوبُه اختراقٌ ولا تأويلٌ ولا تسطيحٌ، مشروعٌ أعلى القرآنَ الجامِعَ ككتاب هداية وخارطةَ طريق ضامنة، مترفعاً عن التنازع البيني، غير غارقٍ في التفاصيل، مشروعٌ شخّص جروحَ الأُمَّــة، قبل أن يُوجِدَ لها العلاج.