النظام السعودي .. محطات من التآمر ضد محيطه الإسلامي
عمران نت –تقارير– 25ربيع الأول1443هــ
صادق البهكلي
لم يترك النظام السعودي دولة في محيطه الإسلامي لم يختلق مشكلة معها فأي دولة لا تخضع للأوامر السعودية سرعان ما يستعرض قرن الشيطان قرونه ضدها فمنذ تأسس هذا النظام وهو يجيّر الأماكن المقدسة والثروات النفطية التي يمتلكها في خدمة أعداء الأمة فعندما نعود لدراسة أسباب النكسات العربية المتتالية منذ أربعينيات القرن الماضي نجد النظام السعودي وراء ذلك لما يقوم به من دور المتآمر الخائن.
فدائماً وأبداً عندما يشعر النظام السعودي أنه أمام مأزق سياسي أو مشكلة تهز عرشه المتهالك يلجأ لاختلاق مشاكل سياسية مع مختلف الدول المحيطة به والتي يخشاها مع مصر مع إيران مع تركيا من العراق وسوريا مع لبنان وفلسطين مع اليمن والجزائر مع الصومال والسودان …إلخ وهنا سنحاول بشكل موجز استعراض علاقات النظام السعودي مع محيطة العربي التي اتسمت بالتآمر والدسائس:
النظام السعودي واليمن
منذ قيام النظام السعودي كان عينه على اليمن وكان يخشى اليمن ، ففي وصية المؤسس السعودي عبد العزيز لأبنائه يقول لهم ” خيركم في شر اليمن وشركم في خير اليمن” وتعاقب ملوك آل سعود على التآمر على اليمن واحداً بعد آخر حتى دشن أخيرهم المدعو سلمان عدواناً عالميا على اليمن فقد احتل النظام السعودي بدعم بريطانيا في أربعينيات القرن الماضي ارضي يمنية كعسير وجيزان ونجران ، كما ارتكب هذا النظام مجزرة ” تنومة” والتي أقدم من خلالها جنود آلأ سعود على ذبح قرابة 3 ألف حاج يمني، وفي ستينيات القرن الماضي بلغ التآمر السعودي على اليمن ذروته وفرض النظام السعودي وصايته على اليمن وظل يدعم التمزق والتناحر بين اليمنيين ويستقطب المشائخ والمسؤولين من خلال لجنة خاصة باليمن مهمتها زرع الشقاق بين اليمنيين ولا يمر عقد واحد ما يختلق النظام السعودي مشكلة دموية بين اليمنيين في الثمانينات كانت أحداث يناير يمول أطرافها النظام السعودي وكانت أحداث حرب صيف 94م يمول طرفيها النظام السعودي وكانت الحروب على صعدة بدعم النظام السعودي ليأتي العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن بدعم وتمويل سعودي وبقناع سعودي..
وقد عانى اليمن من التدخل السعودي اشد معاناة وما العدوان السعودي الإجرامي اليوم إلا حلقة من حلقات التآمر السعودي على اليمن.
النظام السعودي و سوريا
وكالمثل اتسمت علاقات النظام السعودي مع سوريا بالتوتر وكان ملوك السعودية لا يطيقون النظام السوري ابداً بسبب اشتراكيته وعلاقاته القوية بالاتحاد السوفياتي كما كان شريكا سياسياً كبيراً لمصر في زمن عبد الناصر وعدو لدود للكيان الصهيوني وهذا فيه ما يكفي لجعل النظام السعودي موتوراً ، وظل النظام السعودي يستثمر كل حدث ضد النظام السوري مهما كان بسيطاً فقد ساندت “إسرائيل” ودعمت الوهابية في سوريا وصولاً لدعم ما الفصائل التكفيرية في سوريا التي عملت بأموال آل سعود على تدمير سوريا كما كان النظام السعودي وراء توقيف مقعد سوريا في الجامعة العربية وما يزال التدخل السعودي مستمراً في سوريا..
النظام السعودي والعراق
يقول الكاتب العراقي د.عبد الخالق حسين عن تاريخ العلاقة بين السعودية والعراق : عداء النظام السعودي الوهابي للعراق ليس جديداً، بل يعود إلى أوائل القرن الثامن عشر، أي منذ نشوء الحركة الوهابية المتطرفة الغارقة في التزمت الديني، والعداء لجميع المذاهب الإسلامية، عدا الحنبلية التي تدعي الانتماء إليها، والتحالف المصيري بين آل سعود وآل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، مؤسس الحركة، إضافة إلى تكفيرها للأديان الأخرى وإباحة قتلهم.
أما في عصرنا الراهن، فعداء السعودية للعراق يعود إلى ثلاثة أسباب: طائفي، وسياسي واقتصادي.
وفي هذا الخصوص نشرت مجلة ميدل ايست مونيترMidEast Monitor(عدد يونيو /يوليو 2007) دراسة أكاديمية للسفير الأمريكي السابق لدى كوستاريكا (كورتين وينزر) استعرض فيها “تأريخ نشأة الحركة الوهابية ودور الشيخ محمد بن عبد الوهاب في مزج قوة الدولة بالعقيدة في إطار الخلافة الإسلامية، مشيرا إلى العام 1744 م كبداية لنشوء التحالف التاريخي بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومحمد آل سعود (مؤسس الإمارة السعودية الأولى)، والذي مكن الأخير من بسط نفوذه، مقابل دعمه لأتباع عبد الوهاب في نشر رسالتهم “لتطهير الأرض من الكفار”.
وكان أول ضحية لهم في هذا الخصوص هم شيعة العراق، حيث اتخذوا من الاختلاف المذهبي ذريعة للهجمات التي شنوها على المدن العراقية، مثل كربلاء والنجف وسوق الشيوخ وغيرها من المدن العراقية في العهد العثماني، وأوائل عهد الدولة العراقية الحديثة. واستمر هؤلاء في شن هجماتهم على العراق حتى أوائل القرن العشرين أيام تأسيس الدولة العراقية.
ويؤكد السفير وينزر في دراسته هذه الهجمات فيقول: ” قام محاربو الوهابية-السعودية في عام 1801م بغزو ما يعرف اليوم بالعراق حيث اجتاحوا مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة ونهبوها وقتلوا 4000 من أبنائها. وبعد سيطرة آل سعود على مكة والمدينة في العشرينيات من القرن الماضي، قاموا بتدمير الأضرحة مثل مقبرة جنات البقيع التي دمرت في عام 1925م وكانت تحوي رفات أربعة من أئمة الشيعة الاثني عشرية. “
ومن هنا يتبين لنا حجم العداء السعودي للعراق فقد كان النظام السعودي وراء توريط العراق في حربه مع إيران في ثمانينات القرن الماضي بهدف إنهاكه للسيطرة على النفط العراقي.. وفي التسعينيات كانت الأراضي السعودية هي قاعدة انطلاق القوات الأمريكية ضد العراق وحتى في العدوان الأمريكي على العراق عام 2003م كان النظام السعودي الممول الأساسي لهذا العدوان .. “وقد نقل عن الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، قوله: أنه دفع 20 مليار دولار لصدام حسين لشن حرب على إيران، ودفع أكثر من 80 مليار دولار لإخراج صدام من الكويت، وأنه مستعد الآن أن يدفع 200 مليار دولار لإخراج الشيعة من السلطة في العراق” تلى ذلك تمويل السعودية قرابة 5 ألف انتحاري حولوا حياة العراقيين إلى جحيم.. والتآمر السعودي على العراق ما يزال قائماً حتى اليوم ونراه جلياً في الصراع السياسي والطائفي في العراق..
النظام السعودي ومصر
يقول الكاتب المصري رفعت سيد أحمد في مقال له في موقع الميادين نت عن علاقة النظام السعودي بمصر (يُحدّثنا تاريخ العلاقات المصرية السعودية ووثائقه، أن علاقة آل سعود بجمال عبد الناصر، لا تنفصل بأية حالٍ من الأحوال عن علاقتهم بمصر، وكراهيتهم لجمال عبد الناصر لا يمكن فصلها عن كراهيتهم التاريخية لمصر والتي تمثّل عقدة تاريخية ثابتة ودائمة لديهم منذ إسقاط الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا عام 1818م لدولة آل سعود الأولى في الدرعية ، وأَسْر أميرهم وسجنه في سجن القلعة، واستمرت الكراهية حتى اليوم2018م وإن اتّخذت أشكالاً مختلفة ومتطوّرة مع طبيعة الزمان ، لذلك نجدهم لا يتورّعون عن الرقص طرباً كلما ألمَّ بهذه البلاد شر، وهو عين ما جرى بعد هزيمة 1967 حين نقلت الأنباء أخباراً مؤكَّدة عن قيام الأسرة السعودية الحاكِمة بإقامة الاحتفالات وذبح الخِراف والرقص سعادة بهزيمة مصر في تلك الحرب العدوانية عليها، إذن لا يمكن بأية حال أن نفصل بين الأمرين: كراهية عبد الناصر وكراهية مصر، ذلك كان وسيظل ديدن حكّام السعودية واستراتيجيتهم الثابتة نحو مصر في كافة العهود. وإن كانت كراهية عهد عبد الناصر هي الأشدّ بينهم جميعاً))
ويختم مقاله بقوله: ((إن كراهية آل سعود لعبد الناصر، والتي تمثّلت في عشرات المواقف والسياسات تؤكّد في جوهرها إننا إزاء قانون تاريخي ثابت ودائم في هذه المنطقة، قانون يقوم على مُعادلةٍ استراتيجية تقول (إذا قام أو صعد الدور المصري الاقليمي والدولي لابدّ وأن يتراجع وينكمش الدور السعودي، والعكس صحيح، إذا تراجع الدور المصري، تقدَّم الدور السعودي بكل مثالبه وتبعيّته لواشنطن وتل أبيب). بهذا المعنى نستطيع أن نفهم جوهر كراهيّتهم لعبد الناصر، ولمصر القوية، وترحيبهم بمصر الضعيفة المُتسوِّلة لحسنات محمّد بن سلمان. حمى الله مصر، رحم الله عبد الناصر وجزاه خير الجزاء بما قدَّمه لأمّته من خيرٍ وجهاد.)).
النظام السعودي وإيران
عداء النظام السعودي ورضاه قائم على الرغبة الأمريكية والصهيونية وليس على مصالح شعب الحجاز والشرقية الذي يحكمه آل سعود وقد سعى النظام السعودي منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران وعبر أمواله ووسائله الإعلامية إلى محاولة جعل إيران هي العدو الرئيسي للأمة وتحت مسوغات لا يقبله عقل ولا منطق ولا يؤيدها الواقع إذ يدعي النظام السعودي أن إيران تسعى للسيطرة على الدول العربية عبر نشر مذهب التشيع وماذا فعلت الثورة الإسلامية في إيران؟
لقد كان أول ما فعلته هو طرد السفير الصهيوني من طهران وتحويل السفارة الصهيونية إلى سفارة لفلسطين كما اختارت الخط العربي لكتابة الفارسية بدلاً عن الخط اللاتيني وعملت على دعم القضية الفلسطينية ودعمت المقاومة الإسلامية بلبنان حتى تحرر لبنان من الوجود الصهيوني ورفضت استقلال كردستان العراق كل ذلك جعل النظام السعودي يحمل العداء لها ودفع العراق لشن أكبر عدوان عربي ضد الثورة الإسلامية كرد جميل لها!!
أما اليوم فالعداء لإيران من قبل النظام السعودي وصل لأوجه لدرجة أن تشيد “إسرائيل” بهذا العداء وتتفاخر بأن هناك انظمة عربية تشاركها نفس العداء لإيران وتلتقي معها على هذه القاعدة وهو ما دفع بالنظام السعودي وبقية الأنظمة الخليجية للارتماء في احضان “إسرائيل” بحجة مواجهة إيران كما يعمل النظام السعودي على اختلاق المشاكل والحروب مع بقية الدول العربة بتهمة العلاقة مع ايران.
النظام السعودي ولبنان
لبنان البلد العربي الصغير الكبير بمنجزاته وبخدمته الكبيرة للعرب والعربية ووقوفه مع قضايا الأمة هو الآخر لم يسلم من التآمر السعودي والمؤامرة السعودية على لبنان ليست جديدة وليس صحيحا ما يذهب إليه البعض اليوم من أن عداء النظام السعودي للبنان بسبب علاقة حزب الله بإيران إذ تذكر المصادر التاريخية أن النظام السعودي هدد لبنان في السبعينيات واختلق أزمة سياسية كبيرة بسبب تأييد لبنان للزعيم المصري جمال عبد الناصر الذي كان يكن له النظام السعودي عداء شديدا كما أن علاقة النظام السعودي بلبنان قائمة على التآمر والاستحقار إذ يعتبر لبنان حديقة خلفية له مثله مثل بقية دول الخليج كالبحرين والكويت وأن عليه الاستجابة لمطالب آل سعود وموقفهم من حزب الله معروف إذ يكنون له عداء أشد من عداء الصهاينة له لدرجة أنهم نسقوا مع الصهاينة لمهاجمة لبنان عام 2006م بهدف القضاء على حزب الله الذي طرد الصهاينة من لبنان وتحمل النظام السعودي تكاليف العدوان الصهيوني على لبنان..
اليوم يختلق النظام السعودي مشكلة سياسية كبيرة مع لبنان ويسحب سفيره من لبنان ويطرد السفير اللبناني ويمنع دخول البضائع اللبنانية أراضيه ويرغم دول الخليج باستثناء عمان على فعل نفس الشيء وعلى ماذا كل هذه الجعجعة؟
على كلمتين قالها وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي قبل ان يصبح وزيراً بقرابة شهر يقول فيها أن الحرب على اليمن عبثية فجن جنون آل سعود وبالرغم أن آل سعود تعرضوا خلال أربع سنوات هي حكم ترامب لإهانات بالغة القسوة ولم يكن ينفشوا ريشهم كما فعلوا مع لبنان ومع وزير أعلامها الذي لم يجانب الحقيقة عندما يصف الحرب السعودية على اليمن بالعبثية فهي أكثر من كونها عبثيها هي حرب إبادة وإجرامية لم يسبق لها مثيل ومع هذا لم يحقق النظام السعودي إي أنجاز بل تلقى صفعة تاريخية لن ينساها وهزائم مذلة لم يتلق مثلها لذلك كان هذا الهيجان ضد لبنان سببه الهزائم المذلة الذي يتلقها في الحدود اليمنية وفي مأرب بالذات..
على النظام السعودي أن يدرك أن الاستعلاء والعنترة السياسية والبلطجة ضد محيطه العربي لن تستمر طويلاً وأن عليه أن يدرك أن يدرك أن الرهان على أمريكا و”اسرائيل ” رهان خاسر سيكون هو الخاسر الأكبر وأن يأخذ الدروس ممن سبقة من الأنظمة كنظام شاه إيران ونظام صدام وغيرهم وقبل كل ذلك عليه أن يستوعب حجمه الحقيقي فقد ضاق الجميع ذرعا بهذا النظام القمعي الاستبدادي الهمجي والخيار بيده إما أن يعتدل أو ينتظر لحظة السقوط التي لم تعدد ببعيد..