( الرسول ـ والرسالة) عناصر القوة والتأثير والنجاح
عمران نت –تقارير– 14ربيع الأول 1443هــ
إنَّ أعظم نعم الله (سبحانه وتعالى)على الإطلاق هي نعمة الهدى بكل عناصرها (الرسالة والرسول والمنهج) نظرا لما تحمله من نور وهدى ولما تدعو إليه من حق وعدل ولما تمثله من حلول لمشاكل البشرية في كل عصر ومصر فهي دين الله الحق وتوجيهاته الرحيمة وأعظم مظاهر رعايته ورأفته بهذا الإنسان وعد من يسير عليها ويلتزم بها بالتأييد والنصر والغلبة والفوز والفلاح قال تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ }غافر51
كما أنها المنهج الذي ينسجم مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها فلا تتعارض مع فطرة الإنسان ولا مع رغباته واحتياجاته الصحيحة والسليمة بل تلبيها وتشبعها وتشجع فيها جانب الخير والسمو وتصنع فيها العزة والكرامة والإباء والحرية وتصحح المسار الفكري والثقافي لهذا الإنسان، وتخرجه من الظلمات إلى النور، تزكي نفسه وتطهرها من الدنس والخبث ومساوئ الأخلاق وترتقي بها نحو الكمال الإيماني والتربوي والأخلاقي فتربطه بخالقه جل وعلا فهي أعظم رسالة تصلح الإنسان وتصلح بها حياته وتقدم أعظم برنامج يسير عليه في حياته ولذلك فهي تعتبر من أبرز عناصر القوة والقدرة على التأثير وأضمن وسائل وطرق النجاح في مسيرة الحياة البشرية كما أن رسول الله محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) بما منحه الله من مؤهلات عالية وقدرات رهيبة وبما أكرمه من عظيم الخلق وبما نلمسه فيه من خلال سيرته الحقيقية من قوة الانطلاقة ومصداقية الإرادة
وعظيم الاهتمام في تبليغه لهذه الرسالة العظيمة والتزامه بها قولا وعملا وما حققه في وقت وجيز من نجاح بهر به كل البشر من أصدقائه وأعدائه منذ ذلك الوقت وإلى يومنا الحاضر حتى جعل منه مصدراً يستلهم منه القوة ويستفاد منه القدرة على التأثير ومثلا يحتذى به في سبيل النجاح ويقتدى به في مجال العمل وقد تضمن القرآن الكريم جانبا مهما من حياة هذا الرجل العظيم فهو يعتبر أهم مصدر لمعرفة رسول الله معرفة حقيقية وهو بما يمثله من أهمية كبيرة كونه المصدر الوحيد المتبقي لمعرفة دين الله ورسله يحوي علوماً واسعة وشاملة ويتصف بالحق والمصداقية لا يشوبه الباطل ولا يعتريه الضلال ولم يخترقه التحريف والتبديل قال تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ }فصلت42 فهو المنهج الصحيح والسليم الخالي من عيوب النقص والقصور، وهو الذي يستطيع أن يربطنا بالله ورسوله ورسالته وأن يمدنا بالهدى والنور والفرقان وأن يبني الأمة في كل المجالات فتكتسب منه أعلى درجات الوعي وأرقى مستويات الفهم والمعرفة الصحيحة والحكيمة.
أهمية الحديث عن رسول الله(صلوات الله عليه وعلى آله) ورسالته
العرب أمة ربط مصيرها بالدين، فلا فوز لهم، ولا فلاح ولا نجاح في أي مجال، ولا عزة ولا كرامة ولا حرية إنهم ابتعدوا عن دينهم، ونبيهم، وقرآنهم، والحاضر يشهد والتاريخ خير شاهد على ذلك فالعرب كانوا أمة مشتتة وممزقة وواقعها مفكك تعبد الأصنام، وتأتي الحرام، وتنتهك الأعراض، تقتل أبناءها وتئد بناتها، ويظلم القوي فيها الضعيف, مبعثرة لا دولة لها، وعشوائية لا نظام فيها، فعاشت العداوة والفرقة،
واكتوت بنار الحروب البينية، والمآسي الداخلية، وكانت فريسة سهلة ولقمة سائغة لقوى الاستكبار من الفرس والروم، حتى أكرمها الله بدينه، وحباها بنبيه، فلَّم الله على يديه شملها، وأذهب بعظيم خلقه جفائها، وأنار بالقرآن دربها، فغدت أكرم أمة في الوجود، عزيزة بعزة ربها، كريمة بكرامة كتابها، وعظيمة بعظيم ما اقتبسته من أخلاق نبيها، فبهرت الأمم الأخرى بما تحقق في واقعها من النور والهدى، وبما تطبق من الحق والعدل، وبما تجسد من تعاليم القرآن وأخلاق النبوة، فدانت لها رقاب البشر وتهاوت تحت ظلال سيوفها إمبراطوريات الشرك والطغيان، وصاروا حماة المستضعفين، ونصرة المظلومين، وغدا رعاة الشاة سادة وقادة في أرجاء الدنيا، فنعمت البشرية بنور الهدى واطمأنت إلى عدالة الإسلام وصار العربي هو القدوة في الحق والعدل والأسوة في الهدى والبصيرة,
بعد أن كانوا مضرب المثل بين لأمم في الخلف والانحطاط وحينما ابتعد عرب اليوم عن هذا الدين وتركوا كل مقومات العزة والقوة المتمثلة بالقرآن الكريم والنبي العظيم(صلوات الله عليه وعلى آله) وتخلوا عن مسؤوليتهم التي أوكلها الله إليهم في تجسيد الرسالة وتبليغها لبقية البشر هانوا وذلوا وضعفوا واستكانوا وأصبحت جاهلية اليوم أسوء بكثير من جاهلية الأمس فعاشت أمتنا العربية ولازالت المآسي والنكبات وتطاول على حقوقها ودمائها ومقدساتها أرجاس البشرية وأنذال الإنسانية وصارت إلى ما صارت إليه اليوم من الضعة و الهوان الذي لا نظير له حتى في جاهليتها الأولى وما التطبيع مع العدو الإسرائيلي إلا خير شاهد على أحط مستوى من الذلة والهوان ولهذا فإن العودة إلى ربنا ونبينا وقرآننا هو سبيل نجاتنا الوحيد بل هو الحل الأمثل لكل مشاكل البشرية فأن نجمد ونخنع ونستسلم وبين يدينا العلاج الناجع والحل الناجح لهو دليل السذاجة وبرهان الحماقة ومن هنا فإن واجبنا الاستغلال الأمثل لهذه المناسبة العظيمة في الحديث الواسع والشامل عن نبينا خير معلم وأعظم قائد عرفه التاريخ البشري وكذلك الحديث عن القرآن الكريم وتوعية أبناء أمتنا ورفع مستويات الوعي لدينا بما نستلهمه منهما من معاني القوة ومفاهيم المعرفة لكي نصل بأنفسنا وأمتنا إلى بر الأمان.
قالوا عن الرسول الأعظم محمد (صلوات الله عليه وآله وسلم)
قال المفكر الفرنسي [لا مارتين] : (محمداً هو النبي الفيلسوف الخطيب المشرع المحارب قاهر الأهواء وبالنظر لكل مقاييس العظمة البشرية أود أن أتساءل… هل هناك من هو أعظم من النبي محمد؟ )
وقال الأديب الإنجليزي [برناردشو]: ( إن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير محمد، هذا النبي الذي لو تولى أمر العالم اليوم لوفق في حل مشكلاتنا بما يؤمن السلام والسعادة التي يرنوا البشر إليها)
أما [مايكل هارت] صاحب كتاب [الخالدون المائة] فقال: (إن اختياري محمداً ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التأريخ قد يدهش القراء،… لكنه الرجل الوحيد في التأريخ كله، الذي نجح أعلا نجاح على المستويين الديني والدنيوي)
وقال الزعيم الديني الهندي [المهاتما غاندي]: (بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول محمد وجدت نفسي بحاجة للتعرف أكثر على حياته العظيمة،… إنه يملك بلا منازع قلوب ملايين البشر)
وقال الكاتب الإنجليزي [توماس كار ليل]: (إني لأحب محمداً لبراءة طبعة من الرياء والتصنع، إنه يخاطب بقوله الحر المبين قياصرة الروم وأكاسرة العجم، يرشدهم إلى ما يجب عليهم لهذه الحياة الدنيا والحياة الآخرة)
أما الأديب البريطاني [جورج ويلز]…. فيرى في محمد(صلوات الله عليه وعلى آله وسلم) أعظم من أقام دولة للعدل والتسامح.
وكذلك يرى الأديب الروسي الشهير [تولستوي] أن شريعة محمد(صلوات الله عليه وعلى آله وسلم) ستسود العالم لانسجامها مع العقل والحكمة.
وقال المؤلف الكبير [ماكس فان] في مقدمة كتابه [العرب في آسيا] (الحق أن محمداً هو فخر للإنسانية جمعاء وهو الذي جاءها يحمل إليها الرحمة المطلقة فكانت عنوان بعثته{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }الأنبياء107
وقال المؤرخ الفرنسي الشهير [جوستاف لو بون] (إن محمداً أعظم رجال التأريخ)
أما مؤلف موسوعة قصة الحضارة [ويل ديو رانت] فيقول: ( إذا ما حكمنا على العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا: إن محمداً هو أعظم عظماء التاريخ)
وصدق الله العظيم إذا يقول {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }القلم4
الشعب اليمني ومركز الصدارة في الولاء لرسول الله (صلوات الله عليه وآله وسلم)
إذا كانت الأمم الأخرى قد كذبت أنبياءها وحاربتهم ونبذتهم وقتلتهم فإن أبناء اليمن هم الذين هاجروا من أوطانهم وتركوا أموالهم وأملاكهم طلبا لنصرة النبي الموعود قبل ظهوره بزمن طويل وفي قصة الأوس والخزرج وخبر هجرتهم إلى يثرب ما يشهد على مدى تعلق أبناء اليمن بهذا النبي العظيم وصدق محبتهم وولائهم له حتى قبل أن يعرفوه أو يروه فمكثوا في يثرب ينتظرون دعوته سنين عديدة وما إن بلغهم خبره وعرفوا شخصه وسمعوا الهدى منه ورأوا فيه نور النبوة حتى لبوا بكل شوق ورغبة دعوته وتماهوا في طاعته ونصرته فكان أبناء اليمن هم حملة لواء التوحيد وراية الإسلام وحاضنة النبوة والهدى وبأمر من الله هاجر نبي الرحمة وسيد الإنسانية ليعيش بين أوساط أبناء اليمن في يثرب وما بخلوا عليه بشيء يملكونه ولا خالفوه في شيء يأمرهم به حتى رست قواعد الإسلام وعظم شأنه ورأى رسول الله(صلوات الله عليه وعلى آله) أنه بحاجة إلى مزيد من الرجال الصادقين الأوفياء ليتمكن من تمديد دعوته فأختار أهل اليمن وأرسل إليهم أحب رجل عنده وأهم فارس في دولته وهو الإمام علي (عليه السلام) فكان أبناء اليمن هم الأسرع استجابة والأكثر تلبية والأصدق ولاءاً لله ولرسوله حتى قال عنهم رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): (جاؤوكم أهل اليمن هم ألين قلوبا وأرق أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية) ومنذ ذلك الوقت وإلى الآن لم يتخلى أهل اليمن عن الصدارة في نصرة دين الله ونبي الرحمة محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) فهم الأوفياء في زمن النكث والصادقون في عصر الخلف وهاهم اليوم يأخذون الصدارة بين كل الشعوب الإسلامية في تفاعلهم واستعدادهم وخروجهم لإحياء ذكرى مولد الهدى والنور ذكرى مولد النبي المصطفى (صلوات الله عليه وعلى آله) ليعبروا لكل الدنيا عن عظيم ولائهم وعميق محبتهم وشدة ارتباطهم وتعلقهم بخاتم الأنبياء والمرسلين محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وهذا هو الشرف والعزة والكرامة التي تميز بها أبناء اليمن عن غيرهم.
لماذا نحيي ذكرى المولد النبوي
ليس بطرا ولا تبجحا ما يقوم به أبناء شعبنا اليمني العزيز من مظاهر الاحتفاء والاحتفال بذكرى مولد الهدى والنور محمد (صلوات الله عليه وعلى آله وسلم) وإنما استجابة منهم لقول الله سبحانه وتعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ }يونس58 وتعبيرا منهم عن صدق ولائهم ومحبتهم العميقة لدينهم ونبيهم نبي الرحمة والإنسانية محمد الصادق الأمين (عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم) ومن خلال هذه المناسبة العظيمة يسعى أبنا يمن الإيمان والحكمة إلى الاستفادة القصوى منها فيما يلي:
تعزيز الولاء والمحبة لرسول الله (صلوات الله عليه وآله وسلم).
ترسيخ المفاهيم والمبادئ والقيم الإسلامية التي آتى بها من عند الله (سبحانه وتعالى).
الحث على الاقتداء والتأسي برسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله).
التعرف على مسيرته المباركة في حركته بالرسالة الإلهية وما حمله من قيم وما جسده من أخلاق وما بلغه من تعاليم إلهية.
إظهار الفرح والاعتزاز بهذا الرجل العظيم وإظهار مزيد من التقدير لنعمة الله والاعتراف بفضل الله علينا أن حبانا بهذه النعمة العظيمة.
تعبية الأمة وتوعيتها بأمور دينها وتعريفها بعظمة نبيها وما يمثله من حل لكل مشاكلها إن هي تمسكت به واتبعته.
الإمعان في دراسة الجوانب المشرقة في حياة هذا الرجل العظيم لتطبيقها والاستفادة منها واستيحاء الحلول والمعالجات لمشاكلنا على ضوئها.
إظهار عظمة الإسلام ونبي الإسلام لبقية الأمم الأخرى وتصحيح الثقافة المغلوطة تجاه كلا منهما.
محاولة جعلها محطة للتصالح والتسامح والتلاقي بين كافة أطياف المسلمين بكل مذاهبهم وأعراقهم لما يمثله رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) من عامل مشترك يلتقي حوله كل المسلمين بل وكل الأحرار المنصفين في العالم.
يمكن أن نجعل منها فرصة لتلافي الأخطاء والانحرافات عن الخط الرسالي السليم والقويم في واقعنا الجهادي.
التفاعل بجد وإخلاص مع هذه المناسبة يعتبر من الجهاد في سبيل الله لأن شخص رسول الله(صلوات الله عليه وعلى آله) من أهم ما يستهدفه أعداء الله من اليهود والنصارى والمنافقين سواء بالتشوية والتحقير أو بالتهميش والتقليل من شأنه وكذلك لما يمثله هذا القائد الملهم من رافد معنوي ومعرفي بفنون القتال وحنكة القيادة.
حاجة الناس للتغيير والخلاص والإنقاذ
عندما خلق الله (سبحانه وتعالى) البشر ربط مصيرهم بهدية وهداته قال تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى }طه123 ورسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) عندما بُعِثَ بُعِثَ والبشرية في جاهليةٍ جهلاء، الحالة السائدة في الواقع البشري هي الجاهلية، والقطيعة مع التعليمات الإلهية، والابتعاد عن النور الإلهي، فسادت الظلمات بكل ما تعنيه الكلمة وانتشرت الأفكار والسلوكيات والمناهج والاتجاهات الظلامية، فكانت النتيجة أن يمتلئ الواقع البشري بحالة رهيبة جداً من التظالم، والفساد، والمنكرات، وأن تنحط البشرية عن مقام السمو الإنساني، فتنتشر المنكرات، وتغيب الأخلاق، وتعيش البشرية في حالةٍ من التخبط، وينتج عن ذلك الكثير من المشاكل والأزمات والفتن والمحن، تحوِّل حياة البشرية إلى جحيم، وشقاء، ومعاناة رهيبة.
ولذلك عندما تحرَّك رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) برسالة الله (سبحانه وتعالى)، داعياً إلى الله (سبحانه وتعالى) أحدث تغييراً كبيراً وعظيماً في واقع الحياة، وأمتد هذا الأثر إلى واقع حياة الناس؛ لأن الإنسان إذا صلح وزكى في نفسه، وأصبح حكيماً بالتوجيهات الحكيمة من الله (سبحانه وتعالى)؛ تصلح حياته، لأن الدين هو لصلاح الحياة، وإنقاذ البشر في حياتهم في الدنيا أولاً، ولضمان مستقبلهم الأبدي في الآخرة، للوصول إلى الجنة، والسلامة من عذاب الله، والفوز برضوان الله، وما وعد به (سبحانه وتعالى).
ولأنَّ الواقع البشري اليوم في الساحة العالمية بكلها مليءٌ بالمشاكل، والأزمات، والمعاناة، وحتى البلدان التي لديها إمكانات مادية كبيرة تعيش مشاكل من نوعٍ آخر كالإفلاس الأخلاقي، تصل بها إلى حالة الشقاء بكل ما تعنيه الكلمة، ونتيجة الخواء الروحي، والطغيان المادي، تدفع بالكثير إلى الانتحار، وتجعل الكثير من الناس لا يعيشون حالة الرضا عن حياتهم ولا عن واقعهم، إنهم يشعرون بالعبثية، والضياع، وفي نفس الوقت ينعدم الإحساس بالكرامة التي أرادها الله لهذا الإنسان، فتصل نسبة الانتحار بين أوساط الشباب في أوروبا إلى نسب عالية ومتقدمة.
أما مجتمعاتنا الإسلامية، فتعيش الكثير من المشاكل والأزمات, بقدر ما ضيعنا من أسس ومبادئ وتعاليم مهمة جداً في رسالة الإسلام، لأن هناك أسس، ومبادئ يجب أن نستحضرها في واقع الحياة وأن نعود إليها من جديد، كانت هي من الأساسيات في هذا الإسلام، وفي حركة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، ولكي نستطيع أن نصحح واقعنا ونغيره نحو الأفضل ليس على مستوى جيلنا فحسب بل يمتد إلى الأجيال القادمة لابد أن نركز على جانبين مهمين أولا: معرفة نسبة ما تم تحريفه من الدين فنتحاشاه لأنه من الضلال وثانيا: الكشف عن المغيب والضائع من هذا الدين مما هو من الأسس المهمة التي تصلح الحياة وتبنيها وتحقق العدل وتسموا بالإنسان وتعالج الكثير من المشاكل والأزمات التي نعاني منها في واقع حياتنا وهذا يعني أن نعود من جديد لمعرفة هذا الهدى، والجوانب التي نحتاج إليها بطبيعة ما نواجهه من تحديات ومشاكل وأزمات، نستطيع أن نفرز وأن نحدد المشاكل التي نعاني منها، والتحديات التي تواجهنا، ثم نعرف من خلال هذا الهدى كيف نتعامل مع هذه المشاكل، وكيف نواجه هذه التحديات، وكيف نعالج هذا الخلل، هذا من أهم ما نستفيده من هذه المناسبة المباركة.