الأمم المتحدة.. إجراءاتٌ لمزيد من سفك دماء اليمنيين
إكرام المحاقري
الـ 8 من أُكتوبر للعام 2016م تاريخٌ ليوم مروَّعٍ يتذكره اليمنيون وتقشعر أبدانُهم من هول ما حدث فيه، قيل عنها “أم الجرائم”، وهناك من لم يستطعْ وصفَها حتى اللحظة، وهناك من غض الطرف عنها وعما حدث فيها من فاجعة أليمة تبعثرت فيها الأشلاء في الطرقات، وسالت الدماء مختلطة بتراب الوطن، حَيثُ توفت إثر ذلك الحادث العدواني إنسانية “الأمم المتحدة”، ومن وقتها لم تُبعث للحياة بل واصلت مشوارها الأعمى.
إنها ذكرى مجزرة “الصالة الكبرى” في قلب العاصمة السياسية “صنعاء”، والتي خلفت وراءها نحو 160 شهيدًا، و799 جريحًا، في أربع غارات متتالية لطيران تحالف العدوان، صنعت محرقة بشرية تخلدت في ذاكرة كُـلّ اليمنيين، لم تميز تلك الغارات بين المكونات والأحزاب، واستهدفت الجميع بدون استثناء، بل إن المستهدف الرئيسي كانوا أُولئك المنتمين للمؤتمر الشعبي العام، فعلى ماذا يدل ذلك؟! وهل يدل إلا على واحدية الهدف العدواني لإبادة الشعب اليمني بشكل عام.
لم تكن الأهدافُ محسوبةً من طرف الدول المتبنية للتحالف العدواني فقط، بل إن هناك طرفاً رئيسياً لولاه لَما تمكّنت دول العدوان من احتلال بعض المناطق اليمنية، ولولاه لما مرت الجريمة وعُطلت مضامين الحق في قانون الحقوق، إنها “الأمم المتحدة” المتلاعبة بأوراق الصراع، المنظمة ذات الدفع المسبق هي طرف رئيسي في الحرب على اليمن، وهي أَيْـضاً من تفرض الحصار وتتلاعب حتى بالورقة الاقتصادية وليس فقط السياسية!!
شهدت “الأمم المتحدة” بـ منظماتها الحقوقية والإغاثية ومبعوثيها الدبلوماسيين كُـلَّ ما حدث في اليمن وكانوا شاهد عيان على دموية العدوان، وكانت تقاريرهم منافية للحقيقة التي باتت واضحة للعالم، ومجهولة لموظفي “الأمم المتحدة” الذين يتقنون سياسية النفاق.
القرار الأخير الذي أقرته “الأمم المتحدة” في هذا التزامن بالذات ليس مُجَـرّد قرارات عابرة؛ مِن أجلِ إخضاع الشعب اليمني وتضييق الخناق عليه حتى الموت، بل إنه مرتبط بقرب نهاية العدوان على اليمن، وهذا ما تعرفه دول العدوان التي لم تعد تسيطر حتى على 5 % من أرض المعركة، فما يحدث في محافظة مأربَ من سيطرة القوات المسلحة اليمنية على المنطقة وتحريرها بشكل شبه كامل هو من جعلهم يتخذون هذا القرار؛ مِن أجلِ وأد الجريمة في رفوف مكاتب “الأمم المتحدة”، لكنهم لا يدركون أن الأمر ليس بهذه البساطة.
فما تجاهلته “الأمم المتحدة” قد وّثقته العدسات والأقلام اليمنية، ووثّقه التاريخ الذي أبى إلا أن ينحاز لصف الحق، فالحديث هنا عن رفض مجلس حقوق الإنسان تمديد عمل خبراء التحقيق، هو حديث عن خيانة كبيرة، وللأسف الشديد أن هؤلاء الخبراء لم يقوموا بعد بعملهم على أكمل وجه، فمثلاً:
– هناك مغالطات في التحقيق في جريمة الصالة الكبرى وما تلاها من جرائم بحق الشعب اليمني في عطان ونقم بالقنابل العنقودية، وبحق أطفال ضحيان، وطفل الميزان، والطفل سميح، ومجزرة عرس منطقة سنبان، وسوق حارة الهنود بالحديدة، وجميع الجرائم الوحشية التي ارتكبها طيران العدوّ منذ بداية العدوان وحتى اللحظة، والتي كشفت فيها “الأمم المتحدة” عن وجهها القبيح، لكن هذه الخطوات لن تحقّق شيء في الساحة اليمنية، حتى وإن عرقلت الملف السياسي وحولت الجرائم في اليمن إلى (جرائم منسية) مقابلَ حفنةٍ من الدولارات التي كانت وما زالت ثمناً لهم.
مع ذلك.. لا يحق للأمم المتحدة تمييع مظلومية الشعب اليمني إلى هذا الحد والذي قد يجعلهم يدفعون الثمن أكثر من دول العدوان نفسها، وقد تقيم القيادة اليمنية الحد السياسي على تواجد الأمم المتحدة في اليمن، وحينها سينفد الحبر وسينشط البارود وتتحرّر الأرض بقوة السلاح، حَيثُ لم تترك “الأمم المتحدة” أي مجال للتفاوض والحوار، وبعد ذلك فليبحثوا لهم عن فتنة جديدة يترزقون منها قوت يومهم بعيدًا عن اليمن، ليس هذا ببعيد، وجميع الجرائم لن تمر دون عقاب، وإن غداً لناظره قريب.