الله يريد أن نتعبد له بتقديسه وتنزيهه ومن الباطل أن نتعبده بالنقص ونسبة الفواحش إليه
أحيانًا الإنسان إذا لم يكن يعي ما يقول، ويعي ما يقرأ، ويعي ما يشاهد، تكون الأشياء كلها تمر على سمعه وبصره، وتنطلق من لسانه، وتمر مرور الكرام، لا تترك أي أثر، حاول أن ترسخ في نفسك دائمًا التنـزيه لله، وإذا لمست بأنك لا تزال في وضعية قد تتعرض فيها لارتياب فاعلم بأنك لا تزال مهيئًا لنفسك أن تكون ضحية للضلال في أي وقت.. فيقولون لك: قال رسول الله كذا، وكان السلف الصالح كذا، وقال الصحابي الفلاني كذا، وكان كذا، والمفسر الفلاني قال كذا… ويهذفوا عليك حتى تعتقد عقيدة باطلة هي كفر بنـزاهة الله، كفر بقدسية الله، فتؤمن بها على أنها من دين الله، أليس هذا هو من الضلال؟
الله يريد منا أن نتعبد له بقدسيته، بنـزاهته، فنأتي لنتعبده بماذا؟ بالنقص، نتعبد له بنسبة الفواحش إليه، نتعبد له بالسوء، أليس هذا من الباطل؟ الباطل الذي يعتبر باطل مضحك [وشر البلية ما تضحك].
نجد كذلك التسبيح مما أمر به أولياء الله، والرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول الله له: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} (الطور:48 – 49).
وحتى في حالة الشدة كما حدث لنبي الله يونس وهو في بطن الحوت ماذا قال؟ {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ} (الأنبياء: من الآية87) ألم يقل سبحانك؟ أنزهك {إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الأنبياء: من الآية87) فأن تكون أنت مؤمن بهذه القاعدة بشكلٍ واعٍ، وفي كل الحالات؛ لأنها قاعدة إيمانية في كل الظروف لا يمكن لحظة واحدة من لحظات حياتك تقول فيها: أما هذه ما تنـزه فيها.. أما هذه ما تنزه فيها.. لا يصح إطلاقًا. في كل الظروف في كل الحالات، في كل الشدائد، في حالة الشدة والرخاء، وحالة السراء والضراء، لا بد أن تكون قاعدة لديك ثابتة.
نبي الله يونس ألم يسبِّح وهو في بطن الحوت {سُبْحَانَكَ}؟ هذه لها أثرها الكبير، أنك دائمًا سترجع إلى نفسك في كل حدث تواجهه في الحياة، وأنت تعمل في سبيل الله، وأنت ترى نفسك بأنك تسير على نهج أولياء الله، لا ترد اللوم على الله أبدًا، حتى وإن كان من عنده ما أصابك فإنما ذلك إما لأنك أنت كنت جديرًا بأن صدر منك ما تستوجب به أن يحصل عليك هذا الشيء، وإما لأن في ذلك مصلحة لك، وحكمة، حكمة من الله أن تلاقي تلك الشدة، أو تحصل عليك تلك المصيبة، لمصلحتك أنت.
من يضعف إيمانهم دائمًا يردون – كما نقول نحن – المَحْق، يردون المَحْق في الله، فيحمِّل الله مسؤولية ما حصل، ثم ينطلق ليسيء الظن في الله {وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} (الأحزاب: من الآية10) فحصل عند البعض عندما حوصر المسلمون في المدينة مع الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في غزوة الأحزاب: {وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} حتى انطلق بعضهم يسخرون من النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) وهم يحفرون الخندق، عندما ضرب الصخرة فانقدحت فقال: (الله أكبر إني لأرى قصور فارس، إني لأرى قصور صنعاء) فقالوا: يعدنا بأن يصل ديننا، أو أن تفتح هذه المناطق على أيدينا، وها نحن لا يأمن الواحد منا أن يخرج ليبول. ألم يقولوا هكذا؟ انطلق بعض الناس يقول هكذا.
في [سورة آل عمران] بعد أحداث [أحد] حصل في غزوة أحد شدائد، وحصل فيها ما جعل البعض يرتبك، ما جعل البعض ينظر أنه لماذا أصابنا هذا الشيء {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} (آل عمران: من الآية165) وهم قدهم يريدوا يتجهوا إلى الله! المحق منه، هو السبب، يمكن نَسيْ، يمكن…! يعني في واقع الحال أنت قد تكون تتعامل مع الله على هذا النحو، ربما نسي، ربما لم يف، ربما.. وإن لم تنطق أنت بهذه، سوء الظن.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
معنى التسبيح
ألقاها السيد / حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 9/2/2002م
اليمن – صعدة