شبابُ اليمن ومهرجانُ الرسول الأعظم
عبد القوي السباعي
في الوقت الذي يجتمعُ فيه مئاتُ الآلاف من شباب الأُمَّــة العربية والإسلامية حول ملاعب المباريات الرياضية المختلفة، ومضمار السباقات والمنافسات المتنوعة، أَو حول صالات الترفيه والموسيقى والطرب، وحانات الرقص والغناء والاستماع لهذا الفنان أَو تلك الفنانة، يجتمع مئات الآلاف من شباب اليمن؛ مِن أجلِ إحيَاء ذكرى مولد الرسول الأعظم، تعظيماً وتكريماً له، وبات الحضورُ اللافتُ والفاعِلُ للشباب اليمني في مختلف الساحات والفعاليات، تحشيداً وتنظيماً، مشاركةً وحضوراً، احتفاء وابتهاجاً، يعكسُ مدى صحوتهم الدينية ضد كُـلّ المفاهيم الدخيلة والثقافات المغلوطة، وبرامج الحرب الناعمة، التي انعكس تأثيرُها بشكلٍ واضحٍ عند الكثير من الشباب المسلم في مختلف البلدان، ومنها بعض المناطق القليلة في بلادنا، بحيث طغت عليهم ثقافة الغرب الأمريكي والتي يعتبرونها ثقافة جيل الحاضر والمستقبل وجيل العولمة والتحضر والرقي، وظل المغرمين بثقافة الموضة والازياء والأفلام والحلاقة الأجنبية، في تزايد مُستمرٍّ، لكن ومع انتشار وتوسع الثقافة القرآنية في اليمن، حصل تغيراً كَبيراً وملموساً وصحوةً كبيرة في أوساط الشباب اليمني الذين عززوا بهُــوِيَّتهم الإيمانية اليمانية الأصيلة علاقتهم وارتباطهم بالله جلّ وعلا، وحبهم لله ورسوله، فكانوا أولَ من دافع وضحى؛ مِن أجلِ الله وفي سبيل الله؛ ومن أجل الإسلام والرسول الكريم.
شبابُ اليمن وهم يحتفلون بالمولد النبوي الشريف يظهرون أمام الأمم الأُخرى أنهم أُمَّـة ذات حضارةٍ لها جذورها، لها تاريخها وأعلامها وهُــوِيَّتها، لها خصوصياتها وقيمها، ولا يمكن في أي حالٍ من الأحوال أن تذوب في بوتقة العولمة والتغريب، أَو أن تتماهى مع مشاريع الغزو الثقافي، في ظل ما تتعرض له الأُمَّــة من غزوٍ ناعم يحاول ترسيخ المفاهيم والسلوكيات البراقة كالاحتفال بعيد الكريسمس، وعيد الحب وعيد الأم وعيد العمال وعيد الشجرة وغيرها، والتي تعد مؤشراً على عدم ارتباط الأُمَّــة بقائدها الأول ودليل واضح على نجاح مشاريع التغريب في أوساط الأُمَّــة.
فمن اليقين أن أعداء الأُمَّــة يتابعون بقلقٍ بالغ استعدادات فعاليات الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله، ذلك؛ لأَنَّهم يعتبرون أن الرسول الأعظم يقدم للأُمَّـة مشروعاً يحيها ويخرجها من واقعها المظلم والمخزي والمذل، ولا ننسى ما قاله في العام 1948م، أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني وهو السفاح العجوز “بن غوريون” حين قال: (إننا نخشى أن يظهر في العالم العربي محمـد جديد)، فعمدت بعدها الصهيونية بكل وسائلها وإمْكَاناتها وأساليبها، على فصل النشء والشباب العربي وسلخهم عن عقيدتهم عن تراثهم عن أعلامهم الحقيقيين، إذ لا يمكن أن تتم الوحدة الإسلامية للأُمَّـة إلَّا في حالة الالتفاف حول شخصية الرسول الكريم محمـد صلى الله عليه وآله وسلم، فلا يمكن أن تتوحد الأُمَّــة تحت راية أي شخص إلا إذَا عادت إليه عودة جادة وصادقة، وهو الأمر الذي يجسده اليوم شباب اليمن، ارتباطاً ومحبةً وتأسياً ونصرةً له.