ثورة 21 سبتمبر … ثورة بيضاء افشلت كل المؤامرات السوداء (1)
منير الشامي
لم يشهد اليمن عبر تاريخه الطويل والضارب جذوره في أعماق التاريخ ثورة شعبية بيضاء كثورة ال 21 من سبتمبر المباركة سواء في تاريخه قبل الاسلام او في تاريخه بعد الاسلام ولعل المتأمل والمطلع على أحداث التاريخ اليمني يقف متعجبا ومستغربا أمام هذه الثورة الطاهرة وينظر إليها وكأنها طفرة ثورية تميزت بنقاءها وبياضها الناصع فلم تسفك قطرة دم واحدة ظلما وعدوانا ولا يوجد للثأر والانتقام اثرا في قاموسها مثلما كان من سمات الثورات السابقة لها، التي شيدت وجودها بجماجم الالاف وعبرت على أنهار جارية من الدماء المسفوكة
لقد كان الاعداء الخارجيين لهذه الثورة المباركة منتظرين ان يروا هذه الثورة غارقة في مستنقع الثأر والانتقام، وغارقة في بحيرة من الدماء المسفوكة إلا إن ذلك لم يحصل وما كانوا يتمنوه منها لم يتحقق
إذ تبين لهم سريعا أن هذه الثورة ثورة قيم ومبادئ وأن حلمها أوسع من غضبها، وعفوها تقدم على انتقامها، فصفحت عن كل من تورط بسفك دماء ثوارها وثبت تلطخ يديه بدماء الثوار، رغم أن بعضهم كانت الدماء لا زالت طرية في يديه لم تجف بعد، في حين ركزت على متابعة اركان العمالة والخيانة من كبار النافذين معلنة ذلك هدفا من اهدافها
الأمر الذي جعلهم يفرون إلى خارج الوطن بجلابيب النساء وبذلك فقد قضت على اركان عمالتهم وافشلت عليهم مؤامرتهم الخطيرة التي كانوا قد رسموا مشاهدها وحددوا فيها كيفية استثمار شق الصف الداخلي وتمزيق اللحمة الوطنية وكيفية تأجيج الفرقة وتوسيع دائرة الانقسام والاختلاف بين أفراد الشعب وتقسيمه على مستوى الاسرة والقرية والحارة والحي املا في تحويل اليمن إلى ساحة صراع داخلي لا يتوقف ابدا، فافشلت عليهم ثورة 21 سبتمبر بتسامحها هذه المؤامرة وقضت عليها نهائيا، واجبرتهم على العودة إلى رهان ارهبة الساحة اليمنية الذي كانوا قد قطعوا فيه شوطا كبيرا خلال السنوات الماضية، ولذلك كانت الصدمة كبيرة عليهم وشديدة
وهذا الأمر ليس غريبا على هذه الثورة المباركة لأنها ثورة شعبية حملت مظلومية الشعب ومعاناته الطويلة وتحركت وفق مشروع قرآني، وعلى نهج ثقافة قرآنية جسدت العفو عند المقدرة في أوضح صورة، وعممت التسامح ضد كل من حاربها وصد عنها ﻷنها ثورة هدى لا ثورة ضلال وثورة رحمة لا ثورة انتقام وثورة قيم ومبادئ قرآنية ونبوية، وانسانية لا ثورة حقد وقتل وتصفيات.
وسرعان ما فاجأتهم هذه الثورة بتحركها للقضاء على رهانهم الأخير المتمثل بأرهبة الساحة اليمنية، من خلال تحرك أبطالها المجاهدين لمواجهة عناصر الإرهاب داخل العاصمة وفي المحافظات التي يتواجدون فيها، وحققوا انتصارات كبيرة وسريعة عليهم
ونجحوا أيضا في القبض على عدد من خلاياهم وعناصرهم داخل الأمانة وخارجها،وبتلك الانتصارات نجحت قيادة الثورة في إفشال مؤامرتهم بأرهبة اليمن وكان هذا هو ثالث نصر تحققه ثورة 21 سبتمبر بعد دخول أبطالها المجاهدين العاصمة صنعاء، وعدد من المحافظات، ونتيجة لهذه الأحداث المتسارعة التي أسقطت كل رهانات الأعداء واحرقت كل اوراقهم في الساحة الداخلية
ونتيجة لأن الثورة لم تنثني أمام كل مؤامراتهم في جميع مساراتها لا في مسار مؤتمر الحوار الوطني ولا مسار المفاوضات السياسية بموفمبيك ولا تزعزعت أمام جرائم استهدافهم لانصارها في كل مكان ولا لكوادرها أمثال الشهداء الدكتور جدبان، والاستاذ الخيواني،والبروفيسور أحمد شرف الدين، كل هذه الأحداث اكدت لقوى الاستكبار أن هذه الثورة يستحيل القضاء عليها بالاعتماد على مؤامرات من الداخل كما أن تأخر تحركها بخيار قوي قد يجعلها تخسر ادواتها الداخلية والذي لو حدث فحينها لن تستطيع تلك القوى ان تقف امام هذه الثورة الوليدة التي تتنامى قوتها سريعا وتتضاعف كل يوم عن ذي قبله
ولذلك اندفعت قوى الشر والاستكبار بقوة للإسراع بالتخطيط للعدوان الإجرامي وهو ما سنتناوله في الجزء الثاني عن هذا الموضوع إن شاء الله تعالى .