آلياتٌ في مواجهة الحرب الاقتصادية
منصور البكالي
لكل حرب عسكرية أَو سياسية أَو اقتصادية أَو ثقافية وفكرية خطط واستراتيجيات وأسلحة وآليات ووسائل وغرف عمليات تدار من قبل مختصين وخبراء ومفكرين يترجمون توجيهات صناع القرار في الميدان ويحولونها من أفكار ومخطّطات في العقول والأوراق إلى حقائق ملموسة، تنال من الخصوم وتستمر في سعيها لإفشالهم في التصدي لها.
وما يهم شعبنا اليمن في هذا السياق وفي هذه المرحلة التي يتعرض فيها لأشد حرب اقتصادية وصل العدوّ في استخدام وسائلها وأساليبها إلى ذروته وطرح كُـلّ أوراقه المكشوفة عنها للعلن أمام الرأي العام، هو كيفية التصدي لها؟ وكيف نستطيع التغلب عليها؟ وكيف نحولها إلى فرصة لبناء اقتصادنا على أسس وقاعدة ثابتة؟
كما يهم كُـلّ مواطن يمني في مختلف المحافظات والمناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الأمريكي السعوديّ، والحرة على حدٍّ سواءٍ، هو معرفة مدى فاعلية خطط الإنقاذ الاقتصادية المتخذة من قبل حكومة الإنقاذ الوطني، وتقييم نتائجها المحقّقة في ميدان المواجهة التي أسهمت إلى حَـدٍّ كبير في صمود الريال اليمني أمام الدولار وبقية العملات، وأثبتت نجاحها وقدرتها على الانتصار أمام المخطّطات الأمريكية، إضافة إلى أهميّة تحديثها وتطويرها بشكل يدفع المواطن اليمني في المناطق المحتلّة إلى تطبيقها والخروج في مظاهرات ومسيرات مندّدة بالسياسات الاقتصادية لحكومة العملاء والخونة في فنادق دول العدوان المُستمرّة في طباعة العملات وإلزام البنوك والمصارف الواقعة تحت سيطرة المحتلّ على التعامل بها.
أما على صعيد استهداف العمالة اليمنية في مملكة العدوان فيجب على حكومة الإنقاذ الوطني بصنعاء رفع مستوى الأداء وتهيئة البنية التحتية في الجانب الاستثماري وتشجيع القطاع الخاص، ودعوة رجال المال والأعمال لفتح المصانع المنتجة لكل الاحتياجات الشعبيّة الأَسَاسية ومنع الاستيراد من الخارج للمنتجات ذات البدائل المحلية، إضافة إلى عدم الركون إلى الاتّفاقيات والمعاهدات الدولية أَو إلى الأدوار الأممية والإنسانية.
وهنا نعيد التساؤل إلى أين وصلت حكومتنا في مشروع المدينة الصناعية التي أعلن عن تأسيسها الرئيس الشهيد الصماد؟ ولماذا لم نعد هيكلة وتطوير وتحديث بعض المصانع المحلية كمصنع الغزل والنسيج؟ وكم هي صادراتنا من البن والقطن والمنتجات الزراعية الأُخرى إلى الخارج؟ وما هو المانع من تشجيع المزارعين على العودة الجادة لزراعة المنتجات ذات الجودة والقيمة العالية في الأسواق العالمية وتفعيل وتنظيم تسويقها؟
إلى أين وصلت وزارة الزراعة في تحقيق الاكتفاء الذاتي؟ وإلى أين وصلت وزارة الصناعة في مقاطعة المنتجات المنافسة للمنتج المحلي، وكذا مقاطعة استيراد البضائع الأمريكية والإسرائيلية، وهل من الحكمة منع التجار من استيراد البضائع والمنتجات السعوديّة رداً على قرار ترحيل العمالة اليمنية منها؟
بل الشعب كله يسأل: إلى أي مدى وصلنا في تنفيذ وتطبيق توجيهات وتعليمات الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي عليه السلام، في هذا الخصوص الذي تطرق إليها في ملازم دروس من هدي القرآن الكريم، وكذا تعليمات قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في محاضراته العديدة، إضافةً إلى توجيهات القيادة السياسية التي تسعى لعكسها وتنفيذها في الواقع خَاصَّة في مجالات الزراعة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتشجيع الاستثمارات المحلية، وتنمية الحرف اليدوية والمنتجات المنزلية، وغيرها؟
وبالعودة إلى الحديث عن آليات مواجهة الحرب الاقتصادية، التي امتدت لتطال المغتربين ورجال المال والأعمال والعمالة اليمنية في مملكة الشر؛ بسَببِ ما يعودون به من العملات الأجنبية التي تساهم في استقرار الريال اليمني، أمام مخطّطات العدوّ الرامية لضرب العملة الوطنية، لا بد لنا من احتواء كُـلّ المرحلين من الأراضي السعوديّة ودعوة المستثمرين اليمنيين فيها للعودة إلى بلادهم والمشاركة في بناء وطنهم وفتح مشاريع عملاقة تعوض ما فقد وتمتلك القدرة على الإنتاج العالي وُصُـولاً إلى التصدير بعد تغطية السوق المحلية التي تعج بالمنتجات السعوديّة والتركية والأمريكية وغيرها من البضائع، فيحيق بالأعادي مكرهم الذي يقول الله عنهم وعن نفسه “وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ، وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ”، وحينها تنتصر العمالة اليمنية لذاتها الوطنية وينتصر رجل المال والأعمال، وكل مستثمر ومغترب خارج الوطن، مع أبناء شعبهم الصامدين في مواجهة العدوان منذ 7 أعوام، وما النصرُ إلا من عند الله.