الإمام زيد .. بريق الفضيلة
عبدالملك سام
نعم ، زيد إمامي . كيف لا ، وهو من أحيا الحق في زمن أمتلاء بالظلم والجور ؟! رجل الموقف ، والرجال مواقف . رجل يأبى أن يذل على أيدي الأنذال ، وهو من فضل أن يدفن حيا على أن يرى بعينية أحقر الناس يعيثون فسادا في أمة محمد التي أراد الله لها أن تعيش عزيزة كريمة بين الأمم ! ومن ذا لا يقع في حب رجل أبي شجاع كريم صادق عالم وفي جمع كل الخصال الحميدة ؟! أعطوني سببا يجعلنا لا نتذكر هذا الإمام العظيم الذي جاء من زمن العظماء مقتديا بأبيه وجده وجده حتى يصل بنا إلى جده خير البرية .
“من أحب الحياة عاش ذليلا” ، قالها زيد ليبعث النخوة في قلوب ملائها الرعب من الطغاة والمجرمين ، وخاطب الأمة في زمن السكوت ، وهو نداء يعبر عن فلسفة عميقة بينت سبب العلة التي أبتلي بها الناس ، ودليل لكل من اراد أن يغير واقع الأمة المزري ، وقد جسد الإمام زيد النموذج الذي يجب أن يكون عليه الناس لتصحيح واقعهم ، والعيش بعزة وكرامة ، ليعودوا إلى الدين وتعاليمه النقية من الزيف الذي أفتعله الطغاة ليسيطروا على أعظم الأمم !
جسد زيد واقعا دين ونهج جده محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وشجاعة وبأس علي ، وصبر وعزم الحسن ، وتضحية وفداء الحسين عليهم السلام جميعا ، وعزة وكرامة الإسلام في أنصع صوره ، ليعبر من خلال موقفه ديمومة الثورة الحسينية لإقتلاع الظالمين في كل زمان ومكان مهما كانت الصعاب والتضحيات ، لإقامة الدين ونصرة المستضعفين .
مائة ألف مولود أو يزيدون ، هو عدد الذين أطلق عليهم أسم (زيد) في العام الذي أستشهد فيه الإمام العظيم ، وهذا تعبير عفوي عن الأثر الذي تركه الإمام زيد في قلوب الناس ، وقامت بعده أجيال تنتهج طريقه ، ودولا تفاخرت بأنها أستمدت قوتها من أصداء زئيره في ميادين الجهاد . عاش زيد في ضمير الملايين ، ونعاه رؤوس ومؤسسي جميع المذاهب الإسلامية ، وظل زيد حيا في قلوب الناس ، ورحل وأندثر من أرادوا أن يخفوا سيرته ومنهاجه .
إن الحديث عن “حليف القرآن” يطول ، ورغم قصر الفترة التي تقع بين خروجه من سجن الطاغية هشام وبين إستشهاده ، إلا أنها كانت كفيلة بأن يبقى أثر هذا الإمام العظيم المجدد ممتدا عبر الأجيال ، ويبقى ما تركه الإمام زيد إرثا ثوريا للمسلمين جميعا على أختلاف مشاربهم ليوحدهم بعيدا عن الإختلافات المفتعلة ، فهذا الأرث قادر على توحيد المسلمين لو أستوعبوه ، وليجعلهم يتجهون لما ينفعهم حقا بعد أن يكسروا أغلال الضعف والهوان ، ولتعود الأمة كما اراد الله لها سيدة على كل الأمم .
أخيرا ، هناك رواية قرأتها مرة في أحد الكتب وأحببت أن اتشاركها معكم ، لعله يأتي اليوم الذي نستطيع إثبات صحتها ، وهي أن الإمام زيد بعد أن صلب جسده الطاهر وأظهر الله كرامته كريح الطيب وما نسجته العنكبوت لتخفي عورته وغيرها ، يقال بأن الظالمين ضاقوا ذرعا بجسده وكراماته فقرروا أن ينزلوه ، ثم فصلوا رأسه الشريف عن جسده ، وأحرقوا جسده وذروا رماده في مياه نهر الفرات ، أما رأسه فقد أشتراه تاجر من الموالين لآل محمد وفر به إلى مصر ، وهناك مسجد دفن فيه عرف باسم مسجد “ابن الحسين” ، وإلى الآن يعتبر مزارا معروف بكراماته .. فهل تعرفون أين يقع هذا المسجد ؟!