مبادرةُ السلام في مأرب وتعنت العدوان
بسام عبدالله النجار
مبادرةٌ تلو أُخرى تحرصُ القيادةُ الثورية والسياسية في صنعاء –وما زالت- على تقديمها للطرف الآخر؛ بهَدفِ تحقيق السلام الشامل، وإنهاء العدوان ورفع الحصار ووقف الحرب الاقتصادية بحق أبناء الشعب اليمني الصابر، إلا أن دول تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي الطاغي ومرتزِقته قابلوا تلك المبادرات بالرفض والاستكبار والطغيان، في ظل مراوغة دولية، وتواطؤ أممي ظهر خبثها إلى السطح، وبرز دورُها الإجرامي المشبوه في مساندة العدوان على بلادنا، والمشاركة الفعلية في عرقلة عمليات السلام وإجهاض كُـلّ المبادرات الحقيقية والصادقة التي تقدمت بها صنعاء؛ مِن أجلِ إحلال السلام وإنهاء الحرب الظالمة التي طال أمدها عبثاً.
وفي الوقت الذي تدّعي فيه الأمم المتحدة قلقَهَا وحرصَها على حفظ حقوق الإنسان وتحقيق السلام في بلادنا، وتذرِفُ أمريكا وبريطانيا والسعوديّة والإمارات دموع التماسيح على محافظة مأرب؛ لإيهام من فيها أنها تخاف عليهم، قدّم قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي مبادرةَ مأرب للسلام التي قُدمت للوسيط العماني عند زيارته لليمن، كبادرة تدُّل على صدق نية صنعاء وتوجّـهها الحقيقي نحو تحقيق السلام العادل والشامل الذي يضمن للشعب اليمني العيش بكرامة وعزة وحرية.
ووفقاً للكثير من المراقبين والمحللين السياسيين في الداخل والخارج، فَـإنَّ هذه المبادرة تضمنت رؤيةً عادلةً تصُبُّ في مصلحة كافة المواطنين اليمنيين وتقف إلى صفهم، وتُحقِّقُ لهم الأمن والسلامة في حِلِّهم وترحالهم، وتُيسّر لهم الحياة الكريمة الآمنة في كُـلّ مناطق اليمن الحبيب، بعيدًا عن المناكفات والمهاترات السياسية أَو الحزبية، وبعيدًا عن كبر وغطرسة العدوان وتسلُّطه، وهذا ما أزعج أمريكا وبريطانيا على وجه الخصوص وجعلها تشتاط غضباً؛ لأَنَّها الرابح الأكبر في هذا العدوان والمُموّل الرئيسي له؛ كما أنها لا تريد الخير والسلامة لليمنيين، بل تسعى جاهدةً -بكل الوسائل والسُّبُل- إلى إذكاء الصراع وإبقاء الحرب مستعرة وإطالة أمدها؛ لكي يتسنى لها الاستمرارُ في نهب ثروات اليمن، وَاستخدامها كورقة حرب للضغط على أبناء الحكمة والإيمان ومحاولة إركاعهم والنيل منهم بأسهم، وأعرافهم التي لا ترضَى بالضّيم والذّل من دول الاستعلاء الظالمة..
ونجد أَيْـضاً أن مبادرة مأرب التي قدمها السيد عبد الملك الحوثي عرَّت الأمم المتحدة وأكّـدت -بما لا يدع مجالاً للشك- زيفها وعدم رغبتها في إحلال السلام الذي نسمع له جعجعة في وسائل إعلامها ولا نرى له طحيناً على أرض الواقع، وفضحت رأسَ الشيطان وقرنية، التي تخشى على مشروعها الاستعماري الذي لطالما حلمت به أمريكا وربيبتها الصهيونية في الاستيلاء على مضيق باب المندب الاستراتيجي من السقوط والانتهاء قبل أن تتحقّق.
ناهيك عن أن أمريكا ترى في تحقيق السلام بمحافظة مأرب خَاصَّة واليمن عامة، وأداً لورقتها الاستراتيجية التي دائماً ما تستخدمها لإركاع الشعوب والأمم المنهضة لسياساتها الملعونة في أنحاء العالم، والمتمثلة بالورقة الاقتصادية وحرب التجويع، التي لجأت لاستخدامها دول العدوان بحق أبناء اليمن مُنذ ما يقارب ست سنوات، بعد الهزائم النكراء والمتوالية التي مُنيت بها قواتها ومرتزِقتها وعملاؤها -بفضل الله- أمام صبر وصمود وبأس الشعب اليمني، وبسالة وشجاعة وحنكة رجال الرجال من أبطال الجيش واللجان الشعبيّة، إضافة وفشلهم الذريع، وحرق سمومهم المدسوسة التي أُعدَّت؛ بهَدفِ خلخلة الجبهة الداخلية والنيل من تلاحمها المجتمعي.
وهنا نتوجّـه إلى قبائل مأرب الحضارة والتاريخ، إلى أحفاد سبأ وحمير، أن يحكِّموا عقولهم، ويستغلوا هذه المُبادرة القيّمة والعادلة التي تُحقّق لإخواننا في مأرب أولاً، وللشعب اليمني ثانياً العيش بحرية وكرامة بعيدًا عن الوصاية والاستعباد والتدخلات الخارجية التي لا تريد سوى تحقيق مصالحها الشيطانية على حسابنا نحن اليمنيين.
يجب أن نتعقل، ونستحضر حكمتنا التي شهد لنا بها رسول الأُمَّــة، ونعمل جميعاً -بصدق وإخلاص- جاهدين على الحفاظ على دماءنا وأرضنا وثرواتنا، وحمايتها من الغزاة والمُعتدين الذين يُريدون تدنيسها والنيل من حضارتنا التليدة والحديثة. وأنا على يقين أن أحفاد بلقيس والهدهاد وكرب إيل وتر، من أبناء قبائل مأرب الأبية، سيقفون في صفّ الوطن ولن ينجّروا خلف العدوان وأذنابه ومرتزِقته الذين باعوا أنفسهم للشيطان بثمن بخس، وسيبادرون لتنفيذ هذه المبادرة وإحلال السلام في أرض الجنتين.
أما الأمم المتحدة وطغاة العصر-أمريكا وبريطانيا- ومن سار على نهجهم الإجرامي الضال فنقول لهم:
الحكمةُ أَسَاسها اليمن، والقوة والبأس موطنُها وورثتها أبناءُ اليمن، وأرضُ السعيدة جنتان لمن جاء إليها زائراً مسالماً، ومقبرةٌ وجحيمٌ لمن قَدِم إليها غازياً معتدياً.
ومن أراد السلام فاليمنيون حمائمُ سلام، ودعاةُ حياة، ومَن تجبر واستكبر، فهم وحوشٌ كاسرةٌ في الحرب، يحبون الموت كما تحبون الحياة. فالسلام منجاكم، والحربُ مفناكم.. ولكم الخيار.