المدح بضاعة المفلسين !

إن الإفراط في المدح والتزلف للمدراء والتملق للمشرفين وكبار المسئولين الغير صالحين, من البطانة وأهل الولاء هو مضر بأحوال الحكم والسياسة , لأنه يحجب عنهم حقيقة الواقع ومعاناة الشعب , كما أنه داعم اساسي لتجبرهم وجبنهم وغطرستهم , والناظر في صفحات التاريخ الإسلامي والعربي يلاحظ أن هذه العادة كانت تنتشر في زمن ولاة السوء والفساد وتقل أو تنعدم في ولاية العدل والورع ,كما أنها لا تصدر إلا من ذي نفس ضعيفة, وعقل خامل, وفكر كاسد لا يجد ما يعوض به نقيصته إلا بنسج سبائك المديح التي تصل أحيانا إلى الكفر بالله عز وجل والعياذ بالله .

 

ناهيك عن ما في منافقه لكبار المسئولين الغير صالحين , وغير مجاهدين , ورفعهم فوق مقامهم ; من كذب وزور يدركه المسئول الممدوح نفسه, وكأمثلة على هذا النفاق السياسي والاجتماعي الذي ضرب بأطنابه في تاريخنا القديم ولا يزال إلى اليوم, ما قاله أحد شعراء مصر في الملك فاروق:

 

يا واحد العُرْب الذي … أمسى وليس له نظيرُ

لو كان مثلك في الورى … ما كان في الدنيا فقيرُ

 

وأسوأ منه ما قاله الشاعر ابن هانئ الأندلسي للمعز لدين الله الفاطمي من الفجور الصُّراح والكفر البواح:

 

 

ما شئتَ لا ما شاءتِ الأقدارُ … فاحكُمْ فأنتَ الواحد القهّارُ

فكأنّما أنتَ النبيُّ محمّدٌ … وكأنّما أنصاركَ الانصارُ

هذا الذي ترجى النجاة ُ بحبِّهِ … وبه يُحطُّ الإصرُ والأوزار

هذا الذي تجدي شفاعته غداً … وتفجَّرَتْ وتدفّقَتْ أنهارُ .

وهناك الكثير والكثير من هؤلاء …

 

المهم نجد المغالاة في تقديس المسؤولين والمدراء  تقعدهم عن الاهتمام بشؤون المواطن وإصلاح البلاد ومعالجة أحوال العباد , وتريهم من أنفسهم خلاف ما هم عليه….

 

يَهْوَى الثَّنَاءَ مُبَرِّزٌ وَمُقَصِّرٌ : : حُبُّ الثَّنَاءِ طَبِيعَةُ الْإِنْسَانِ .

 

وقيل أنه مكتوب في الحكمة ..

عَجِبْت لِمَنْ قِيلَ فِيهِ الْخَيْرُ وَلَيْسَ فِيهِ كَيْفَ يَفْرَحُ ، وَعَجِبْت لِمَنْ قِيلَ فِيهِ الشَّرُّ وَهُوَ فِيهِ كَيْفَ يَغْضَبُ . !

 

نشوان الحميدي

مقالات ذات صلة