شبهاتٌ وردود: نحن في القرن الـ21.. فلماذا عيد الغدير؟
أمين المتوكل
تتوالى دعواتُ الحداثة وما يوافقها من الليبراليين ودعاة العلمنة بمثل هذهِ الأسئلة التي تناقش الظواهرَ لا مِن أجلِ النقاش، بل مِن أجلِ التسقيط المتعمَّد ضمن برامجهم الممولة من الخارج..
لا أخفي أن مثل هذه الأسئلة تنطلق من أناس عاديين؛ مِن أجلِ الاستفهام وسماع وجهات النظر.
بالنسبة لي سأضع إجابات متواضعة بقدر ما أمتلك من مدلولات متواضعة لا ترتقي إلى ما يقدمُه سادتي العلماءُ وإخواني الباحثون:
أولاً:- فلسفياً.. الارتباط بالماضي سمة إنسانية مفطور عليها.. والبحث عن خفايا الماضي وأحداثه ومجرياته ووقائعه وتجاربه شيء يشغل الإنسان بالبحث عليه..؛ لأَنَّه بفطرته يشعر أنه جزء من الماضي وسيكون جزءاً من المستقبل.
لذلك تجد أن الإنسان يبني نفسَه في الحاضر بما ترتبت عليه تجارب الماضي.. ويخطط للمستقبل بتقويم حاضره على وقائع الماضي، وكثير من العلوم والنظريات الجديدة كانت عبارة عن تطورات من نظريات قديمة تسلسلت وأضيفت لها خبرات فكان الماضي أَسَاس لنهضة الحاضر.. من هذه النقطة ننتقل للأُخرى.
ثانياً:- بماذا يختلف الإنسان في عمقه في القرن الواحد والعشرين عن إنسان القرون الماضية.. بماذا؟ بتطوره، وفيما تطور مثلاً؟
فقط إنه طور عقله.. ولكنه لم يطور من إنسانيته.
اليومَ العالَمُ يعج بتطورات تكنولوجية ولكنه يعج بأصوات المحرومين المضطهدين المظلومين، فحامل الرؤوس النووية قد يقدر بمبلغ ما ينهي مسألة المجاعة في إحدى المقاطعات الإفريقية، وقيمة لاعب كرة قدم قد يكون سعر شرائه لأحد الأندية بقيمة إجمالية قدرها ما يبني مستشفيات في دول فقيرة مجهَّزة بأحدث الأجهزة.
ماذا ينفعني إن صعدت تلك الدولُ الفضاءَ وهم سببٌ في مجاعة وحرمان وظلم كثير من الدول المستضعفة وما زالت سياساتهم الاستعمارية قائمة إلى الآن بشتى الأوجه؟
وهل أن عيد الغدير يحمل من المضامين التي تدعوا الأمم السابقة والمتقدمة لترك العلم والتطور والبناء أَو هل الغدير قام على أَسَاسيات تتصادم مع أَسَاسيات التطور والنهضة بما للمفهومين من معنى بلا خلل؟
حاشى لمدينة العلم رسول الله صلى الله عليه وآله وباب مدينة العلم أمير المؤمنين علي عليه السلام أن يكونا كذلك
فعلي عليه السلام هو بناء العقل والإنسان معاً.
ثالثاً:- اليوم المسلمون يحتفلون بعيد الأضحى المبارك، هل تساءل ذات يوم لماذا عيد الأضحى؟
سيكون الجواب أن عيد الأضحى المبارك مرتبطٌ بسيرة سيدنا إبراهيم عليه السلام في موضع أراد فيه بأمر الله ذبح ابنه إسماعيل عليه السلام ففداه الله بذبح عظيم.
ولأجل ذلك الموقف وارتباطاً بهذا الموقف الجليل الذي ينبئنا الله به لنتعلم منه دروس التسليم المطلق لله تعالى يضحي المسلمين في هذا اليوم أضاحي كثيرة.
هل من الممكن أن تقول مثلاً لماذا ونحن في القرن الحادي والعشرين نرتبط كُـلّ عام بعيد الأضحى؛ لأَنَّه مرتبط بموقف حصل قبل آلاف الأعوام؟
انطلاقاً من هذه النقطة ننتقل إلى النقطة الرابعة.
رابعاً:- نحن كشيعة أمير المؤمنين علي -عليه السلام- نؤمن بأن يوم الغدير في السنة العاشرة للهجرة كان يوم إكمال الدين وإتمام النعمة.. وبنص قول الله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
فالله سبحانه وتعالى أنعم على سيدنا إبراهيم عليه السلام بفداء ابنه بذبح عظيم فكان هذا اليوم وهذا الموقف محل إجلال وإكبار إلى يومنا هذا.
وفي يوم الغدير أنعم الله على أُمَّـة محمد صلى الله عليه وآله بنعمة إكمال الدين وإتمام النعمة وأراد لنا أن نفرح بفضله وبرحمته (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا).
ألستم يا قوميون تفرحوا بأعياد وطنية فيها من النقد والملاحظات والمساوئ ما فيها؟
ألستم يا حداثيون تفرحون بأعياد لها أسس ماضية ويا ليتها أسس طيبة بل هي أسس نتنة كعيد الحب؟!
أنت تنتقد المحتفلين بعيد الغدير وقبل ستة أشهر كنت في مولات صنعاء تلبس الأحمر للفالنتاين.
جميعكم.. ما لكم كيف تحكُمُون؟!.