عيد الغدير ذكرى اكمال الدين واتمام النعمة
جمال ابومكيه
منذ عقود من الزمن يحتفل اليمنيون وعدد من الشعوب الإسلامية من كل عام بذكرى مناسبة عيد الغدير (يوم الولاية) هذه الذكرى وهذا اليوم الذي يعتبر بمثابة البيان الختامي للرسالة السماوية والقرار الإلهي الحكيم؛ في أكبر مؤتمر نبوي عقد للأمة الإسلامية إنها ذكرى عيد الولاية الذي أمر الله نبيه بترسيخ مبادئها وإقامة أركانها وإعلانها للناس ليكمل لهم دينه ويتم بها نعمته عليهم لما فيه مصلحتهم في الدنيا والآخرة ففي الأيام الأخيرة من حياة الرسول صلى الله عليه واله وبينما هو عائد من حجة الوداع نزل عليه قول الله تعالى (يا أيها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس أن الله لا يهدي القوم الكافرين)
نزلت هذه الآية على الرسول صلوات الله عليه وعلى آله ولما تحتويه وتتضمنه من توجيه إلهي ساخن من قبل الله سبحانه ان الرسول اذا لم يبلغ هذا الامر الإلهي فكأنه لم يعمل شيئاً ولن يقبل منه تبليغ الرسالة الإلهية التي كلف بها إضافة إلى ذلك أضاف والله يعصمك من الناس بعد ان سمع الرسول صلوات الله عليه وعلى اله هذه الآية الكريمة توقف ولم يجرؤ على الحركة توقف في مفترق طرق المسلمين العائدين من الحج وارسل في من تقدموا وانتظر حتى اكتملت جموع المسلمين وبعد أن حضر الجميع ورصت له اقتاب الابل فصعد من فوقها واخذا بيد الامام علي عليه السلام وقال في سياق حديثه المشهور والمعروف عند الجميع (أيها الناس الست أولى بكم من أنفسكم قالو بلى قال ان الله مولاي وانا مولى المؤمنين أولى بهم من انفسهم قالوا بلى قال فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاده وانصر من نصره واخذل من خذله)
وقد تم احياء هذا اليوم من قبل المسلمين وبارك بعض الصحابة للإمام علي عليه السلام مرددين بخٍ بخٍ لك يا ابن ابي طالب لقد أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنه .
فكان أمر الولاية تماماً للرسالة وكمالاً لها وعدم التبليغ بها يعد تقصيراً في تبليغ الرسالة ذاتها ولا يمكن الفصل بينهما ؛ فهما أمران مترابطان ارتباطا وثيقاً وهذا أكبر دليل على عظمة الولاية كامتداد للنهج الإلهي والتزام بمبادئ الدين الإسلامي الكامل فما كان الله ليترك أمر الأمة دون تحديد خليفة لرسوله وراعٍ للأمة وقائد يقودها إلى عزتها وقوتها وريادتها وخلافة الأمر هو أعظم وأهم وأخطر أمر من أمورها باعتبار أن مهمة النبي هي التبليغ والإنذار أما أمر الهداية؛ فقد قال الله لرسوله الكريم ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ) فهداية الأمة لا تكون بطرق عشوائية أو بقرارات بشرية بل تبنى على بصيرة ربانية واختيار سماوي، ولا بد أن تكون في أعلام دينه وورثة كتابه ، وأعظمهم حكمة، وأشجعهم بطولة، وأوفاهم عهداً، وأكملهم أخلاقاً، وأقدرهم قيادة، وأتمهم إيماناً، وأصدقهم لساناً، وأحسنهم تعاملاً، وأخفضهم جناحاً ؛ وأعدلهم في الحكم ؛ وكل ذلك لم يجتمع حينها إلا في شخصية الإمام علي عليه السلام الذي اصطفاه الله لحمل أمر الولاية.
ونحن عندما نقوم بإحياء هذه المناسبة إنما هو استجابة لله ولرسوله وهاذا اليوم هو بالنسبة لكل المسلمين هو يوم إتمام النعمة واكمال الدين( اليوم أكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وهو استجابة لذلك النداء العظيم والدعوة المباركة (اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله) دعوة من رسول الله صلوات الله عليه وعلى اله فهل يلام من استجاب لتلك الدعوة التي لمسنا أثرها اليوم عندما تولينا الله ورسوله والامام علي واحفاد علي لمسناها اليوم ونحن في العام السادس من اعتى عدوان غاشم استهدف الشعب اليمني بمختلف أنواع الأسلحة الحديثة والمتطورة وتحت حصار بري وبحري وجوي طيلة ستة أعوام متتالية لكن حينما تولينا الله ورسوله والامام علي واعلام الهدى انتصرنا وصمدنا ولن يستطيع أحد أن يقهرنا ما دمنا متمسكين بتلك الدعوة التي صادق عليها القرآن الكريم بقوله تعالى (ومن يتول الله ورسوله والذين امنو فأن حزب الله هم الغالبون)