كورونا والحجُّ الممنوع!
زينب إبراهيم الديلمي
من مساوئِ الزمنِ المُعاصِرِ، أن نرى مشاعرَ الأُمَّــة العربية يُبهت بريقها وتطغى عليها ديجورُ اللامُبالاة وتموتُ فيها غيرةُ النُّصرة لقضايا من المُفترض أن يكونوا -العرب- أولَ الطلائع مُقاومةً لتلك الخُطط الصهيونيّة الكاسحة شرورها أمصار هذه الأُمَّــة.
ما يزيد الفؤاد حُرقةً وغُصةً عندما تكون قضية الحج فانية في أنفس الملأ الذين غرقوا في متاهات التطبيع والسّلام اللامُسالم مع كيان العدوّ، وكأنها لم تكُن أحد أركان الإسلام وأحد شريان الولوج إلى سُبُل الهُدى والتُّقى.. وللمرة الثّانية تتراءى لنا مائدةُ الكعبة وَلا ضيوفَ فيها، وساحة التلبية لا أذان يُصدح وَيُجلجِلُ الأرضَ وما عليها؛ بذريعة أنّ فيروس كورونا يجتاحُ ضيوفَ الرحمن فور تأديتهم هذه الفريضة العظيمة.. بينما باراتُ الفسوق جعلوا منها حجاً على الكيفيّة الصهيونيّة لمن استطاع إليها سبيلاً ولا مكان لكورونا بين حجيج البارات والديسكوهات!
منذُ قُرابة التسعة عشرة عاماً والشَّهيد القائد يُشير إلى خطورةِ مكائدِ اليهود في جعلِ قضية الحج في هوامش العناوين تدريجيًّا.. ووصولهم إلى أسمى مُناهم في إماتة هذه الفريضة في نفوس المسلمين، كيف لا وهي نفسُها الأمركة اللوبية التي تلاعبت بقضية الجهاد والإنفاق في سبيل الله وأضحت طُعمةً للمُصطلحات الغربيّة مُستبدلةً كلمةَ الجهاد “بمكافحة الإرهاب”!
ما الجدوى التي حقّقها الأعرابُ عندما سارعت أمّارتهم في مدِّ آصرة الارتباط الوثيق بأشد النّاس عداوة لهم ولأمتهم؟ ما الغاية التي حقّقوها عندما تركوا مبادئَهم الإسلاميّة ونبذوا من وراءهم عروبتَهم المبيوعة في نخاسة التطبيع ولم يعد لديهم أي اكتراث بقضايا شعوبهم المكلومة؟ وما المصير الذي يتحتّمُ عليهم عندما يفوتُ الأوانُ ويُصبحون في دائرة العقوبة الإلهية؟
دون أدنى شك إنّ الخُسرانَ المُبينَ يتعقّبُ كُـلَّ خُطاهم وخططهم.. والعُقبى الحسنة تبقى دوماً حليفةً لمن في أروقتهم حميّة تَهُبُّ لنجدة مُقدّسات الله العُظمى وتطهيرها من رجس الأباطرة المُنكسرة شؤونهم والواهنة غاياتهم.
تلك هي شواهد حية تثبت عظمة المشروع الحق وتلك نماذج ونجوم من كواكب سطعت نوراً في سماء اليمن وذاع صيتها ملء الأرض إعجاباً وإشادة حتى من العدو.
وهنا نقولها: لا غرابة في ذلك، فتلك هي مدرسة القرآن، وتلك هي مسيرة الحق وهي مَن تصنع مِن الإنسانية عظماءَ وتجعل من المستحيل ممكناً، وذلك فضلُ الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم..