ذكرى مَجزرة الحُجاجِ الكبرى
مرام عبدالغني
وتعودُ ذكرى مجزرة الدم المهدور ظلماً وعدواناً، وتعود الذكرى التي تدمي القلوب وتنزف لها الأرواح في ذكرها الأولى بعد المِئة، تَعود لتُعيد فينا الأسى والوجع، لتعيد في ذاكرتنا بشاعة ذلك العمل المشؤوم وذلك القبح القبيح الذي كان ضحيته آلاف الحجاج اليمنيين بدون وجه حق، تلك الجموع المؤمنة التي كانت قد ودعت أهلها وذويها وهي في شوقٍ ولهفةٍ لزيارة بيت الله الحرام، وهي في أملٍ واستبشارٍ للوصول لمكة المكرمة وأداء مناسك الحج المبارك ونيل الرضا والأجر والثواب من الله والعودة بعد ذلك بقلوب منشرحة، راضية مرضيةٍ..
فبينما كان الحُجَّاجُ بأهازيجهم يتلون ويلبُّون، توقفوا لأداء صلاة الظهر بوادي تنومة ومن ثَمَّ إتمام بعد ذلك مسيرة الطريق، ولكن هبّت الغِربان السوداء بكل ما تحمله من حقد وبغضٍ وكراهية، كالكلابِ المسعورة المتشوقة للدم، مغتالين أكثرَ من ثلاثة آلاف حج بينهم أطفال ونساء، وناهبين أمتعتهم وأموالهم وكل ما كانوا يحملونه..
نعم قُتِلوا بأيدِ الغدر المشؤومة، جارة الغدر والسوء السعوديّة، التي تتلذذ بالدم منذ مِئات السنين، والتي تمارس عادتها وتلطخ تاريخها بالمجازر والدم والقتل، فمجزرة تنومة واحدة من آلاف المجازر والمصائب التي حلت على اليمنيين..
المؤسف حيالَ هذه الجريمة والمجزرة، حالة السكوت والصمت والتغييب الكبير، فلا ترى إلَّا القليل يعلم بهذه الجريمة والمصيبة التي حلت على كُـلّ اليمنيين، والتي لم يعرف عنها الكثير إلَّا في القريب العاجل.
ولكن أقول: إن مجزرة الحجاج الكبرى ستُخلد في ذاكرتي وذاكرة كُـلّ يمني حر، وسنعلم أبناءَنا ما الذي جرى بأجدادهم، ليعرفوا مدى الحقد والكُره التي تُكِنُّه السعوديّة علينا منذ القدم، وسنحدث الأجيالَ القادمةَ عنها ولن تغيبَ من عقولنا، بل ستُخَلَّدُ إلَّا أن يأتي اليوم الذي نأخذ فيه ثأرَنا من تلك الأسرة الظالمة، ولن ينجوَ كُـلّ من كان له يدٌ في هذه المجزرة من العقاب ولن نتركَهم حتى ينالوا جزاءَهم..