المجتمعُ وهدى الله بين الواقع المُر وطموح قائد الثورة (1)
من الطبيعي والبديهي أنَّ أيَّ مجتمعٍ أَو شعب أَو وطن يتعرضُ لعدوان خارجي أن تجمعَه المحنةُ وتذوبَ الخلافاتُ الداخليةُ بين مكوناته ويرتصَّ صفاً واحداً لمواجهة ذلك العدوان أَو الغزو؛ باعتبَاره خطراً يترصدُ حياةَ أبنائه وسيادةَ وطنه ويهدّدُ سلامته ووجوده ومقدراته وثرواته، ومستقبل أجياله، وهذا أبسطُ موقف فِطري لأي شعب إنساني يتواجد في أية مساحة من الأرض، سواءٌ أَكان على ملة واحدة أَو على عدة ملل، وهذه الحقيقة تفرضُ علينا تساؤلاً مهماً جداً هو: لماذا حدث شذوذٌ عن هذا الموقف في بعض البلدان العربية كبلادنا والعراق وليبيا وسوريا ولبنان… إلخ؟
والإجَابَة عن هذا التساؤل معروفة ويستطيع أي مواطن في هذه البلدان أن يجيبَ عليه مهما كان مستوى ثقافته وسواءٌ أَكان مع وطنه أَو ضده، وخُصُوصاً في بلدنا اليمن، فالإجَابَة الصادقة عن هذا التساؤل ستكون واحدة من المناهض للعدوان والمرتزِق في صفوفه وبالذات بعد النتائج التي أفرزتها ستة أعوام من العدوان.
ما يعني أن المشكلةَ التي يعاني منها الشعب اليمني معروفة لجميع أبنائه وتتمثل في انقسام المجتمع وتفرقه واختلافه في دينه؛ نتيجةَ استهدافه لعقود طويلة بالمذهب الوهَّـابي المنحرف والمغاير لكل مبادئ الدين المحمدي الحنيف بمخطّط قذر من أعدائه الأزليين الإقليميين والدوليين.
هذه الكارثةُ أول من اكتشفها هو الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه بوعي بصيرته القرآنية وفي وقت مبكر جِـدًّا لم تكن فيه قد تكشفت الحقائق كما أصبحت ظاهرة اليوم، وأدرك خطورتها الكبيرة قبل غيره فتحَرّك لمواجهتها بالحكمة والموعظة الحسنة، مبينًا للناس هذه الكارثة ومن هم أعداء الأُمَّــة الذين يقفون وراء صناعتها وموضحًا أن السببَ الرئيسي لنجاحهم فيها هو ابتعادنا عن القرآن الكريم وعدم تمسكنا به والتحَرّك وفق نصوصه وأننا بذلك ساعدنا أعداء الأُمَّــة وأعناهم على النجاح في استهدافنا، فكشف مؤامرتهم وفضح أهدافهم بدقة متناهية بتشخيصه للداء وتحديده للدواء، فجن من جنونهم وجعل كُـلّ قوى الشر والاستكبار العالمي وأياديهم القذرة يقفون على قدم وساق؛ للقضاء عليه وعلى مشروعه فنال الشهادة في سبيل الله وهو لا زال في بداية مشروعه القرآني، وكتب الله له الخلود ولمشروعه الدوام.
لم يحدث فراغٌ بعد استشهاده رضوان الله عليه وحمل مشروعَه القائدُ العَلَمُ السيد عبدالملك يحفظه الله ويرعاه وتحمل المسؤولية بعده فكان جديراً بها وأهلاً لحملها وواجه هو وخريجو مدرسة الحسين خمسَ حروب ضروس كان هدفها الأول والأخير القضاء على المشروع القرآني وحمَلته ومسحهم من على وجه الأرض.
ومنذ نهاية الحرب السادسة وحتى اليوم لم يتوقف قائد الثورة يحفظه الله ويرعاه يوماً واحداً عن مواصلة مسيرة جهاده حتى اكتمل المشروعُ القرآني ولم يمر يومٌ إلا وهو يحذّر في كُـلّ مناسبة وموقف مشكلةَ الأمة المتمثلة بفُرقتها واختلافها في دينها، وهي ذاتها مشكلةُ الشعب اليمني، ويبين أن المشروع القرآني هو الحلُّ وهو العلاج الناجع السريع لكل مشاكل الأُمَّــة ومشاكل شعبنا، ومع تمكين الله لعباده المؤمنين وانطلاق ثورتهم المباركة ونجاحها قدم قائدُها الحكيم السيد العلَم أبو جبريل رؤية متكاملة من المشروع القرآني تضمن حَـلَّ كُـلّ مشاكل الشعب ووجّه بتنفيذ مضامينها، ووفر الإمْكَانيات اللازمة لنشر هدى الله في المجتمع وحدّد أطرافَ تنفيذها ومسؤوليةَ كُـلّ طرف رسميًّا وإشرافيًّا وشعبيًّا من بعد قيام ثورة 21 سبتمبر وحتى أشعلوا العدوان ولم يتوقف يوماً خلال سنوات العدوان إلا وهو يرشد الجميع ويبين لهم أن العدوانَ علينا ما كان ليستمر لولا الفُرقةُ والخلافُ بين أوساط الشعب وأن أعداء اليمن يغذُّونها ليستمرَّ الصراعُ ويضعفَ الشعبُ ويتحولَ إلى لقمةٍ سائغةٍ لهم ويتقاسمونه ككعكةٍ في يوم حفلتهم.