ثورة الدماء تنتصر
عمران نت / 24 / 8 / 2020
// مقالات // أمل المطهر
لم تكن كربلاء حادثة عارضة ورحلت مع مرور الزمان. ولم تكن فاجعة فجعت بها أمة ذلك الزمان وتلاشت. فكربلاء هي أمتداد لأزمنة وعصور. فهي راسخة مستمرة في الحدوث جيلاً يتبعه آخر. كربلاء الأمام الحسين كانت كهالة نور أحاطت بالقيم والدين والمبادئ المحمدية السمحاء، احتضنتها من التشوية وحمتها من التغيير لتبثها سيلاً من الدروس، وترسمها لنا منهجية ثابتة صحيحة توصلنا ألى التحرر والكرامة. دروس عظيمة وصلت إلينا عبر دوامات الزمن وبأحرف خطت بمداد أحمر قاني لعظماء وعظيمات تلك الملحمة الثورية الخالدة كربلاء الطف.
من هناك بدأ المسير نحو إصلاح الأمة وتقويم الأعوجاج. “والله ما خرجت أشراً ولا بطراً وأنما خرجت للإصلاح في أمة جدي”. كانت النية خيراً وصلاحاً للأمة على أمتداد الأزمنة، وها هي كربلاء تبرز لنا في كل زاوية من زوايا هذا الكون مواقف وافعال. ها هي تلك الثورة تتفجر ثورات دماء حرة تحصد النصر وتمحو هزائم شعوب طال عليها الأمد
فالإنسان بطبيعته وفطرته يعشق كل ما يمكنه من حريته، وينسجم مع كل ما يسمو بروحه، وينجذب لكل ما يرتقي بتفكيره. لذلك لا يمكن لأي أنسان سوي الفطرة إلا أن يتاثر بأحداث تلك الثورة التي أسست لبناء صرح الحرية والعدالة لكل البشرية وقد قرأنا وسمعنا الكثير الكثير ممن تأثروا بالإمام الحسين وبثورته، بخطواته وحكمته وشجاعته سواء أكانوا مسلمين أم لم يكونوا. فأصبحت كربلاء هي ملاذهم وأصبح الحسين رمزاً وقدوة لهم ومن هنا يتوضح لنا أهمية وعظمة تلك التضحيات التي بذلت في ساحة كربلاء منذ خروج الإمام وحتى إرتقائه شهيداً خالداً. تضحيات لم يستطع الدهر محوها. ولم يفلح التاريخ في طمسها وتزويرها. كانت كل تلك الدماء الطاهرة تتغلغل في أعماق الأرض لتنمو نحو السماء كرامة وعزة وإباء. فأصبحت شجرة مباركةأصلها في الارض ثورة ونور ونجاة وفرعها في السماء نصر وفتح وآيات بينات .
وهاهم أصحاب الحسين وعشاق الحسين يهتفون بها في كل ساحات كربلاء هيهات من الذلة. ثبات وإقدام ومسارعة، ها هم يعتلون صهوة جيادهم سالكين طريق الإصلاح في أمة محمد. ها هم يزيلون غبار الأزمنة عن الإنسانية ويكملون طريق الحسين نحو الحرية المطلقة من عبودية العبيد إلى العبودية لرب العبيد.
فمن كربلاء الطف إلى كربلاء اليمن الكثير من القصص والشواهد التي تحكي لنا عن إستمرارية كربلاء بأحداثها وشخصياتها ودروسها وانتصاراتها. فما زالت ثورة الحسين مستمرة حتى يومنا هذا. وما زالت الدماء تنتصر على السيوف حتى اللحظة.