قلوب قدت من حجر
عمران نت / 17 / 5 / 2002
// مقالات // عبدالملك سام
عندما تتوارد ألينا الأخبار عما يفعله فيروس كورونا في العالم من حولنا أحس بأنقباض في القلب ، وذلك لمعرفتي بضعف إمكانات بلدنا وشعبنا ، وأعود إلى الله لأدعوه وأنا أطمئن قلبي الوجل ببعض الكلمات مثل أن الله سيرأف بهذا الشعب الطيب المظلوم . ولكن بمجرد أن تسمع بعض ما يفعله ممن أنعدمت الرحمة في قلوبهم حتى تعود حالة الخوف من جديد ، فالراحمون يرحمهم الرحمن ، أما أولئك القساة فما يحدث لهم يكون محتما طال الزمان أم قصر ، والأدهى أنه يصيب مجتمعهم أيضا بحكم أن المجتمع سكت عن أفعالهم ، والراضي بعمل قوم كالداخل فيه !
حدثني أحدهم اليوم أنه شاهد موقف حدث أمامه بينما كان في السوق ، فقد شاهد بعض الكلاب البشرية وهم يسيئون معاملة أحد الأطفال الشحاذين ، فقام أحدهم بضربه على قفاه حتى طرحه أرضا ، ثم راحوا يضحكون ، وقام الآخر بالبصق عليه في وجهه وهو يسبه !! هؤلاء السفلة لم يكونوا صغارا ، بل أعمارهم بين الثلاثين والأربعين ، وفي نهار رمضان ، وفي العشر الأواخر ، وفي وسط سوق ، وفي اوساط شعبنا اليمني الكريم !! فأين ذهبت النخوة ؟! وأين ذهبت الإنسانية والرحمة ؟!
الموقف الثاني سمعته قبل مدة ولم أصدق أذناي ، فالقصة تبدأ مع والدة طفلة تعاني من مرض خطير ، فأتجهت الأم تحت ضغط الحاجة والمرض لأحد التجار (المعروفين) طلبا للمساعدة ، فما كان منه ألا أن طلب أن تأتي ليلا كونه لا يحمل مبلغا مناسبا في جيبه ، فأستبشرت خيرا وذهبت وهي تدعو له .. وفي الليل قدمت مع زوجها المسكين إلى منزل التاجر ، فمنع الحراس دخول الرجل معها ، ودخلت متوجسة وراجية ، ولما وصلت للملحق الخاص بهذا التاجر وجدته وحيدا ، فطلب منها أن تدخل ولا تخجل ، بل ودعاها للجلوس قربه ، بينما هي تجمدت من الخوف ، فطلب منها أن تتبسط لأن هذه (الأمور) تحتاج ليونة !! فأخبرته أنها تحتاج المال لتنصرف لأن زوجها منتظر بالباب ، فتفاجأ التاجر من هذا الأمر ، ثم اخرج من جيبه مبلغ 500 ريال وناولها وقد رسم على وجهه سيماء الغضب !! فأنصرفت وهي تبكي وتدعو على أبن (……) هذا ..
الموقف الثالث سمعته عن إمرأة عجوز متعبة الحال ، هذه المسكينة كانت بحاجة لقيمة الدواء ولا معيل لها ، فاتجهت لبيت قريب منها طلبا للمساعدة لما سمعت عن أهله من الغنى (الفاحش) ، وعندما دقت الباب سمح لها بالدخول لأنهم يعرفونها ، وما ان أخبرتهم بحاجتها حتى وافقوا على دفع قيمة العلاج .. بشرط !! أن تغسل المواعين الخاصة بمطبخهم – وهي كثيرة جدا – لمدة شهر رمضان !! وطبعا لن تستلم المبلغ إلا بعد أنقضاء الشهر ، وهو مبلغ زهيد جدا مقابل ما يطلب من عجوز لم تعد تستطيع المشي إلا بصعوبة ، وصدقوا .. لقد وافقت !! لقد عملت يوم كامل حتى أنحنى عودها المكسور أصلا ، ولم تغادر إلا في وقت متأخر لأن نساء البيت كلهن أتين لها بكل الأواني من كل مطابخ البيت .. في اليوم التالي لم تستطع هذه المسكينة أن تذهب بسبب التعب ، وبسبب اليأس ، وبسبب قسوة قلوب بعض (البشر) !!
صدقني .. لو بكيت لما سمعت فهنيئا لك !! هنيئا لك لأنك ماتزال إنسان ، قلبك رحيم ولابد أن يرحمك الله ، أما عن هؤلاء القساة – وهم كثر – فلتتأكد أن الكورونا سيدخل لا محاله إلى بلدنا بسببهم ، فلابد للمجتمع الذي يكون فيه قساة بهذا العدد أن يعاقب ، فهؤلاء ترعرعوا وتربوا بيننا ، وعددهم يدل أن هناك خلل كبير في مجتمعنا ، فلا هم محسنون ويعرفون ما قال الله ، ولا هم وطنيون ليدافعوا عن بلدهم وشعبهم ، ولا هم بشر أصلا ليشعروا ويحسوا بما في غيرهم ، ورغم هذا كله فهم يدعون أنهم مسلمون ! وطنيون !! بشر !!! .. فتربصوا ..