لماذا يعيدُ القائدُ التذكيرَ ببدر؟!
يظهر حرص السيد القائد -رضوان الله عليه- في كُـلّ ذكرى رمضانية لمعركة بدر الكبرى، أن يفرد لها عدداً من محاضراته الإيمانية القيمة، ويفصل واقعها الموثق في سطور آيات القرآن الكريم، وَبأُسلُـوبه العميق يعيدنا بكامل حواسنا وَمشاعرنا إلى ذلك الموقف الكبير بظروفه وَتوقيته، والعظيم بتجلي الله فيه موجهاً وَمدداً وَسنداً.
ولأن دروس هذه المعركة كثيرة وَمتعددة الفائدة والأثر؛ بكونها الانطلاقة العملية الأولى لمسيرة النهج المحمدي العظيم في مضمار الوجود والانتشار وَمقارعة الطغيان في هذا الكون، يظهر حرص القائد على أن لا يفوت مشهداً فيها إلَّا وَتناوله، ليس بدوافع الإلمام بهذه الذكرى وحسب، وإنما بأهميّة الانطلاق المستمر منها في مسارنا الجهادي الإيماني وإسقاطها على واقعنا بفاعلية، حتى يظل الله سبحانه وتعالى حاضراً فينا تمكيناً وتأييداً ونصرة لنا ورضاء دائماً عنا، إن نحن كنا عند توجيهاته وَنصحه قولاً وَفعلاً.
علينا أن نعيَ جيِّدًا المعنى والمضمون، الذي يحرص علم الهدى أن يوصلَ إلينا أنه تحذير وَمهابة وتوعية وَلفت انتباه مستمر، خلاصته:
تعلموا كيف يكون النصر، وَكيف يكون الحفاظ عليه وَتعزيزه وَاستمرار تحقّقه وَتوسعه، إن اردتم أن تُستخلفوا وتتمكّنوا وَتقهروا طواغيت المعمورة جمعاً، فمفاعيل هذه الأهداف وهذه الطموحات في متناولكم وَبين أيديكم.
ختاماً ما أشبه بداية مسيرتنا القرآنية المباركة ببداية النهج الإلهي المحمدي التي مضت وتمضي عليه، وَما أحوجنا إلى أن نستلهم الدروس التي سبقت، دون غرور أَو تباهٍ أَو حتى أن تنتابنا حالة اطمئنان تنطلق من حسابات مادية وبشرية متصاعدة مقارنة بما كانت عليه في مستهلها، فقد كره الله قول الذين راهنوا على ذلك وَنسوه، وظل يذكرهم وَيذكر الأمم من بعدهم بأن حقوق النصر مملوكة وَحصرية له وحده، كما هي وحدانيته في كُـلّ شيء.