رمضان وجنون الأسعار وجشع التجار

ما إن هلَّ هلال شهر رمضان المبارك على يمن الإيمان والحكمة ، متزامنا مع بقاء اليمن خاليا من أي إصابة بفيروس كورونا ، حتى تحرَّكت فيروسات جنون الأسعار المسبِّب لها جشع التجار ، هذه الفيروسات الضارة باتت تمثل مصدر خطورة على اقتصاد ومعيشة السواد الأعظم من أبناء الشعب الذين يعيشون تحت خط الفقر ، هكذا فجأة قفزت أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية والخضروات والفواكه ، وبقية السلع الكمالية بشكل مجحف وغير مبرر على الإطلاق.

والغريب في هذه الفيروسات أنها جاءت عقب تراجع أسعار المشتقات النفطية والاستقرار النسبي لسعر صرف العملة المحلية أمام الدولار والريال السعودي وبقية العملات الأجنبية ، على خلفية منع التعامل بالعملة غير القانونية والتي شكَّلت ضربة موجعة للاقتصاد الوطني وللعملة المحلية ، ولا نعلم لماذا كل هذه الزيادة المجحفة في الأسعار والتي تعوَّدنا عليها عقب أي ارتفاع لأسعار المشتقات النفطية تحت مبرر زيادة تكاليف الإنتاج وارتفاع أجور النقل؟ ، ولكننا مع انخفاض أسعار المشتقات النفطية لا نلمس أي أثر لأي تحفيض في أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية ، والتي يبدو أنها لا تتأثر إلا بالزيادة فقط !!

وهنا نتساءل: ما الفرق بين التحالف السعودي الإماراتي الأمريكي الصهيوني الذي يفرض الحصار البري والبحري والجوي على بلادنا ويسعى بكل السبل والوسائل المتاحة للتضييق على أبناء شعبنا في معيشتهم وبين مافيا تجار الأزمات ، صناع فيروسات جنون الأسعار الذين يستغلون حاجة المواطنين وارتفاع نسبة الطلب على المنتجات الغذائية الأساسية خلال شهر رمضان ويعمدون إلى رفع الأسعار واحتكار بعض السلع ، وممارسة صنوف الغش والمتاجرة بالمواد المنتهية الصلاحية والمهربة والمجهولة المنشأ بعد خلطها مع كميات صالحة للاستخدام الآدمي وإعادة تغليفها وتكييسها وطرحها في الأسواق بأسعار مرتفعة ؟!!

كلاهما يمارسان نفس الجرم ، ويؤديان نفس الغرض ، وهو الإضرار بالوطن والمواطن ، والنيل من صموده وثباته وصبره وتحمله سنوات العدوان والحصار ، وهنا لا بد أن تتضافر الجهود الرسمية ممثلة بوزارة الصناعة والتجارة وهيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة وجمعية حماية المستهلك والأجهزة الأمنية والسلطات المحلية في المحافظات والمديريات بالتنسيق مع اتحاد الغرف التجارية والصناعية لضبط إيقاع الأسعار في السوق المحلية ، بإقرار قائمة بأسعار كافة المواد الغذائية والاستهلاكية وإلزام أصحاب المصانع والوكلاء وتجار الجملة والتجزئة بها وتفعيل الرقابة عليهم واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة تجاه المخالفين والمتلاعبين ، مراعاة لظروف وأوضاع الناس ، فالمهمة ليست منوطة بوزارة الصناعة والتجارة بمفردها ولكنها مسؤولية جماعية مشتركة يلعب المواطن فيها جانبا من المهمة الرقابية في الإبلاغ عن أي تجاوزات أو تلاعب في الأسعار لتكتمل الصورة ، ويشعر الجميع بهيبة الدولة وضبطها وربطها .

بالمختصر المفيد، في الأخير نصيحة أوجّهها للتجار الفجار ممن جعلوا المواطن سلعة يبيعون ويشترون فيها ، نحن في شهر الرحمة والإحسان ، شهر رمضان الذي دعينا فيه إلى ضيافة الله عز وجل ، اتقوا الله في أنفسكم وخافوا عقابه ، وإياكم وجنون الأسعار ، والتضييق على الناس في معيشتهم، يكفيهم ما يقوم به تحالف العدوان ، حكِّموا ضمائركم إن كنتم تمتلكون ضمائر ، الناس في عدوان وحصار ، ومخازنكم ملأى بالمواد الغذائية والاستهلاكية وأرصدتكم البنكية ومدخراتكم المالية في أعلى سقفها ، وأنتم ترفلون بين النعم التي أنعم الله عليكم بها ، ابتعدوا عن الجشع والطمع والغش والاحتكار والمضاربة بالأسعار على الأقل في رمضان ، وسيبارك الله لكم في إحوالكم وأموالكم وذرياتكم وتجارتكم ، ولا تكونوا أنتم والعدوان ضد هذا الشعب الصامد الصابر ، فيحل عليكم غضب الله وسخطه في الدنيا قبل الآخرة .

صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً وعملاً متقبلاً وإفطاراً شهياً وعاشق النبي يصلي عليه وآله وسلم .

مقالات ذات صلة