سد شاحك ووادي الاجبار
عمران نت / 15 / 4 / 2020
// مقالات // حميد رزق
من تحدثوا عن انفجار سد شاحك ليلة امس لا يعرفوا المنطقة ؛ المطر خفيف تجاه السد الذي ما يزال فارغ نتيجة شحة الامطار في السنوات الماضية الأمطار الغزيرة نزلت يوم امس في محل بيت حاضر والقرى المجاورة نزولا حتى صافية طامش.
سيول غزيرة قدمت من وسط وأدي الاجبار وبعض مناطق خولان ودهمت المناطق المنخفضة في امانة العاصمة لاسيما شميلة.
وأدي الاجبار الذي يقع جنوب غرب العاصمة صنعاء يعتبر منطقة زراعية خصبة لكنها مهملة ويعاني ابناء القرى المتناثرة في هذا الوادي من انعدام القدرة على الاستغلال الامثل للأراضي الزراعية الواسعة نتيجة شحة المياه ونضوب الابار الارتوازية ؛ ولا زلت اتذكر أن السلطة في ثمانينات القرن الماضي نفذت خطة اسعافية لحوض صنعاء المائي بناء على دراسة قدمتها شركة اجنبية تولت فيما بعد تنفيذ الخطة التي كانت نكبة وكارثة حلت بالمواطنين في وادي الاجبار.
في تلك الفترة ظهرت مؤشرات تراجع منسوب المياه الجوفيه في حوض صنعاء فكانت الحلول على حساب عشرات الاف المزارعين.
وعلى حين غفلة لم يصح المواطنين إلا بفرق المسح تزرع العلامات وترسم بالرنج الأبيض خطوط طويلة ومتوازية بامتداد الوديان وتمتد عبر الجبال والهضاب مرورا بالاراضي الزراعية بدايتها امانة العاصمة وآخرها قرية تنعم جوار سد شاحك
وبعد استكمال اعمال المسح والرصد الجيولوجي لم يتاخر وصول حفارات حديثة بدأت الشق وزراعة الدناميت ومواد شديدة الانفجار في اعماق الأرض ولم يكن يفصل بين الحفرة والأخرى اكثر من ٤٠ إلى ٥٠ متر فقط
كنا ونحن صغار نحس اهتزازات صخمة في اعماق الارض لم نكن نعرف هوية الشركة الاجنبية المنفذة لكن لأول مرة نرى مهندسين غربيين يتنقلون بين القرى بواسطة طائرات مروحية صغيرة الحجم كنا ننتظر بفارغ الصبر وصول طائرة المهندسين الاجانب ونتأمل بدهشة وسعادة لحظة هبوطها واقلاعها وما تثيره من غبار شديد ؛ وكان مبعث سرورنا اكثر علاقة الصداقة التي نشأت بيننا كصغار وبين بعض المهندسين الاجانب ذوي البشرة الصفراء واللغة الأجنبية.
كان يقال للمواطنين ان الدولة تنقب عن النفط والمعادن في قراكم وكان هذا الكلام مبعث رضى وتفاؤل واحساس بالغبطة لدى الناس البسطاء كون الدولة تهتم بمناطقهم وتدفع بالمعدات الحديثة والشركات والعمال الأجانب اليها.
لم يكن ابناء وادي الاجبار يدركون خطورة الامر وما يجري ليس اكثر من حقنة الموت تطعن بها السلطة الفاسدة أجسادهم ؛ كان الهروب من مشكلة تراجع الحوض المائي في أمانة العاصمة بتفجير احواض المياه الجوفية بوادي الاجبار ؛ لم يكن البسطاء من المزارعين يعرفون أن النظام يطعن ارضهم ويفجر في باطنها الشرايين والأوردة التي تمدهم بالحياة ؛ كان النظام يمارس سلوك المحتل والمستعمر دون أي اكتراث لحياة عشرات الآلاف من اليمنيين فذهب يمارس السرقة لثروتهم المائية وتكفلت التفجيرات الكثيفة والضخمة بإحداث تغييرات جيولوجية في باطن الأرض سمحت بتسرب المخزون المائي .
ولم يمر وقت طويل حتى تحول الوادي الذي كان أحد اهم المناطق الزراعية الخصبة في محافظة صنعاء إلى منطقة منكوبة نضبت الابار وغارت الغيول وذبلت المزارع وساءت أحوال المواطنين ؛ وبدلا من الابار التي متوسط عمقها ٢٠٠ متر بات المطلوب للوصول إلى المياه الجوفية حفر ابار جديدة بعمق ٥٠٠ الى٧٠٠ و١٠٠٠ متر وهذا مالا يطيقه سوى قلة قليلة من الناس ووصل الحال بالكثيرين ان مصدر مياه الشرب والري يقطعون المسافات الطويلة لشراءها من امانة العاصمة التي تفصلها عن مناطقهم مسافات طويلة تقطعها الوايتات والدينات بشكل يومي .
ومن تلك الفترة وبعد تلك الاجراءات الغادرة بدات مرحلة الشقاء والمعاناة للكثير من ابناء وادي الاجبار هذا الوادي الذي يحتاج أبناؤه إلى تعويض وإنصاف فهو يمتلك أراض زراعية واسعة وقريبة من العاصمة ولو تم الإهتمام بها ومساندة المواطنين لاستغلالها وزراعتها لكانت مصدرا هاما من مصادر الاعتماد على المنتج المحلي بكلفة بسيطة وبجودة عالية.