عمران نت / 2 /2 / 2020
// تحليلات // علي الذهب
بالقشة التي قصمت ظهر التحالف السعودي وأطرافه في الداخل اليمني وُصفت العملية العسكرية الكبيرة لقوات الجيش واللجان الشعبية في “جبهة نهم” والتي أطلق عليها “عملية البنيان المرصوص”.
تفاصيل العملية ونتائجها والطريقة التي نُفذت بها تكشف حجم أهميتها على صعيد الملف العسكري في الأزمة اليمنية، خاصة وأن هذا العمل العسكري يدلل على طبيعة الانجازات النوعية لقوات صنعاء، وتمثل ذلك في تحرير جبهة نهم بالكامل المشتعلة منذ ٥ سنوات، الى جانب السيطرة على مديريات في محافظتي مأرب والجوف، حيث يعني تحرير هذه المناطق تطوراً كبيراً على المستوى العسكري كونها العمق الاستراتيجي لصنعاء، والمثلث الذي يربط بين محافظات صنعاء ومأرب والجوف ولما تتميز به من سلسلة جبلية مطلة على هذه المحافظات، إضافة الى أن منطقة نهم ومحيطها لها أهميتها الاستراتيجية في تغيير المعادلة العسكرية للجبهة الشرقية اليمنية وفرض السيطرة العسكرية على محافظة مأرب التي تمثل المعقل الرئيس لسلطة عبدربه منصور هادي وقواته بعد أن فقدوا سيطرتهم على عدن.
تطور نوعي في التخطيط والتنفيذ للقوات اليمنية المشتركة كشفته هذه العملية العسكرية وتفاصيلها الموثقة بالمشاهد وما تبينت من أرقام، فحسب ما أعلنه المتحدث باسم الجيش العميد يحيى سريع فإنه تمت خلال عملية البنيان المرصوص تحرير أكثر من 2500 كم مربع و17 لواءً عسكريا ونحو ٢٠ كتيبة لقوى العدوان واغتنام مافي هذي الألوية من عتاد عسكري، بالاضافة الى سقوط أكثر من 3500 قتيل ومصاب وأسير من صفوف عناصر قوى العدوان بينهم 1500 قتيل، وهي المعطيات التي أدت كما يبدو الى الانهيارات المتسارعة في صفوفهم وسقوط معسكراتهم واحداً تلو آخر.
وحول ما إذا كانت العملية تمثل تصعيداً عسكرياً من شأنه إفشال اتفاقيات السويد والتحركات من أجل تسوية سياسية، فإن القوات المسلحة بصنعاء أوضحت أن العملية جاءت في إطار الرد المشروع على تصعيد عسكري لقوى العدوان في هذه الجبهة، وأن الهدف الأساس لعملية البنيان المرصوص كان الرد على قوات العدو ودحرها من المنطقة وتأمينها بشكل كامل وإفشال هجوم على المناطق المتاخمة للعاصمة صنعاء، مشيرة إلى أنه بعد التصدي الناجح لهجوم قوات عبدربه منصور هادي بدأت قوات صنعاء في تنفيذ عملية عسكرية هجومية من أربعة اتجاهات رئيسية توسعت على وقع انهيار الخطوط الأمامية للخصوم، ولم تفلح كثافة الغارات الجوية التي بلغت أكثر من 250 غارة من منع القوات المشتركة مواصلة تقدمها.
وللحد من الإسناد الجوي للطيران السعودي في “معركة نهم”، فإن المعلومات التي كشفها متحدث الجيش أفادت أن القوات اليمنية نفذت عمليات نوعية على مواقع حيوية سعودية بهدف إرباك الطيران الحربي وإعاقته عن شن الغارات، ونجحت منظومة الدفاع الجوي في تنفيذ أكثر من 25 عملية تصدي وإجبار على المغادرة، وضرب منشآت وقواعد عسكرية سعودية ردًا على الغارات، فيما القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير استهدفت عدداً من المطارات السعودية المستخدمة لأغراض عسكرية ومنها مطارات نجران وجيزان وخميس مشيط، إضافة إلى ضرب هدف اقتصادي تابع لشركة أرامكو مع هدفين حساسيين في عمق المملكة.
طبيعة التفاصيل بالمجمل لهذه العملية العسكرية والانجازات الميدانية الأخرى في مختلف الجبهات لقوات الجيش واللجان الشعبية تثبت -برأي خبراء عسكريين- تطور قدراتها ونجاحها في تحويل مسار المعركة لصالحها وتحقيق توازن ردع فعلي وطبيعة المستوى الاحترافي والنوعي الذي وصلت إليه المؤسسة العسكرية في صنعاء، لتقابل هذه الانتصارات النوعية بمباركة رسمية وشعبية واسعة كون هذه العملية العسكرية “البنيان المرصوص” حولت مسارات العدوان التصعيدية إلى هزائم على الأرض.