مشروع تقسيم حضرموت ومخاطره على وحدة اليمن
عادت مؤخراً فكرة تقسيم محافظة حضرموت اليمنية بعد لقاءات في الرياض جمعت وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء المقرب من الاصلاح «عصام حبريش الكثيري», مع «علي محسن الأحمر» ومدير مكتب «هادي» الاخواني «عبدالله العليمي» ورئيس الاصلاح «محمد اليدومي».
يسعى “الاخوان” إلى تقسيم محافظة حضرموت الى محافظتين، محافظة “وادي وصحراء حضرموت” ومحافظة “ساحل حضرموت”، بعد ان تم تقسيمها إلى منطقتين عسكريتين، وهو مشروع قديم يعود اليوم كتعبير عن اشتداد المنافسة بين مرتزقة تحالف العدوان عقب “اتفاق الرياض”. وحزب الإصلاح يسعى، وبدعم سعودي، إلى تقسيم حضرموت، ليضمن بقاء سيطرته على منطقة الوادي الغنية بالنفط عن طريق اللواء «صالح طميس» قائد المنطقة العسكرية الأولى، مع سيطرته على مأرب النفطية وكذلك الجوف النفطية، تمهيداً لإعلان ” اليمن الاتحادي متعدد الأقاليم”. الذي يجري هندسته لخدمة المصالح الاستعمارية في اليمن وخدمة وكلاء الاستعمار الجديد.
تقسيم حضرموت، يخدم مباشرة شركات الاحتكارات النفطية التي هي مستعدة لدعم مثل هذه المشاريع حيث ان النفط في حضرموت موجود في الوادي، ومؤخرا وقعت شركة “بترو مسيلة” التي تصدر نفط وادي حضرموت مذكرة تفاهم مع شركة أمريكية لتوليد الطاقة الكهربائية. ومشروع تقسيم حضرموت له وجود تاريخي استعماري سلاطيني فهناك مخاطر جدية من طرح هذه المشاريع على عكس الحديث عن تقسيم مأرب أو الجوف حيث ينعدم الأساس التاريخي لذلك
المخاطر من تقسيم حضرموت على مسارين: 1: مخاطر سعودية من استقطاع اجزائها أو إلحاقها امتداً لتاريخها التوسعي في حضرموت، 2: جعل تقسيم حضرموت تدشيناً لتقسيم اليمن إلى أكثر من إقليم ومن شأن الهيمنة على حضرموت بعد تقسيمها ان يؤدي إلى فصل اليمن إلى أجزاء غير مترابطة جغرافيا ما يتيح استفراد كل من السعودية والإمارات بمحافظة المهرة ومحافظة أرخبيل سُقطرى.
واقعياً-وهو واقع نرفضه- فإن محافظة حضرموت هي اليوم محافظتان إدارياً وأمنياً، كل جزء منهما يمتلك الاستقلالية الكاملة عن الجزء الآخر -كأي محافظة عن أُخرى- ويتبقى وجود قرار هادي وتوقيعه عن مثل هذا التقسيم لكي يُصبح الأمر الواقع في الأرض واقعاً في السياسىة أيضاً. تقسيم حضرموت له وجود تاريخي استعماري سلاطيني فهناك مخاطر جدية من طرح هذه المشاريع على عكس الحديث عن تقسيم مأرب أو الجوف حيث ينعدم الأساس التاريخي لذلك.
كان العميل المدعو «عيدروس الزبيدي» قد توعد “الاصلاح” في شهر مايو من العام الماضي بتحرير الوادي من قبضتهم، إلا أن “التحرير” بات اليوم في حكم المستحيل، بعد الهزائم المتوالية التي منيت بها قوات الانتقالي في شبوة وأبين، وكادت تصل إلى عدن. كما أن توقيع الانتقالي على اتفاق الرياض يعيقه عن التوسع إلى وادي حضرموت، فالسعودية تشرف على دمج ما تبقى من “قوات الانتقالي” ضمن قوات هادي مما يجعله في موقف صعب. وكانت الرياض قد أصرت خلال مفاوضات جدة على استضافة وفود حضرمية مستقلة عن الانتقالي ولا تعترف بتمثيله لها.
يتطلب منا الواقع مراقبة هذا المشروع واتخاذ موقف سياسي رسمي من صنعاء برفض مثل هذه الأفكار، وتحذير دول العدوان من المساس بملف الحدود اليمنية السعودية في حضرموت وإعادة هندسة الجغرافيا الوطنية. كما يتطلب منا التنسيق مع الشخصيات والقوى التي ترفض مثل هذه المشاريع، وتعبئه الشارع والقبائل في المناطق الحرة برفض تقسيم المحافظات اليمنية والدفاع عن وحدة الجغرافيا الوطنية الواقعة تحت سيطرة الاحتلال متعدد الجنسيات.
مؤشرات مشروع تمزيق حضرموت
بعد تقسيم محافظة حضرموت إلى منطقتين عسكريتين، تسعى حكومة المرتزقة إلى تقسيمها إلى محافظتين، ” محافظة حضرموت الساحل”، و “محافظة حضرموت الوادي والصحراء”، وهم في ذلك يعودون إلى مشروع ظهر أيام حكم الرئيس المخلوع صالح، وهو مبني على واقع رسخه الاستعمار البريطاني سابقاً.
وهذه المساعي لتقسيم محافظة حضرموت لم تعد خُططا سياسية، بل غدت واقعاً ولكنه واقع غير ثابت، ويسعى الاخوان إلى تثبيته وترسيخه، أما ملامح هذا الواقع التقسيمي لحضرموت فهي كالأتي:
وجود منطقتين عسكريتين في حضرموت، المنطقة العسكرية الأولى، اللواء «صالح طميس» الموالي للسعودية والإخوان، والمنطقة العسكرية الثانية يقودها اللواء «البحسني» الموالي للإمارات والانتقالي.
وجود خلافات بين محافظ المحافظة البحسني، وبين السُلطة المحلية في الوادي والصحراء.
تعدد للسلطات الأمنية، ففي ساحل حضرموت تسيطر قوات النخبة الحضرمية الموالية للإمارات، وفي الوادي والصحراء قوات عسكرية موالية لعي مُحسن الأحمر.
وتوجد حالة من الخلافات المناطقية وعدم التآلف القبلي بين منطقتي “الوادي والصحراء” و”الساحل” من بعد “الهبة الشعبية” 2013م تتجلى في تصريحات الشخصيات الإعلامية من الجانبين.
كل مكتب تنفيذي للوزارات في مدينة المكلاء “عاصمة الساحل” يقابله مكتب مماثل في مدينة سيئون “عاصمة الوادي والصحراء“.
توقيع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية تفاهما مع شركة بترو مسيلة لبناء محطة كهرباء في عدن.
وكالة سبأ في نسختها المزيفة التابعة لحكومة المرتزقة تعاملت مع الوادي والصحراء كمحافظة، في خبر اقتصادي في يوليو العام الماضي، حيث ذكرت ” إيرادات محافظة حضرموت الوادي والصحراء”. وقبلها في خبر آخر تحدثت عن لقاء هادي مع قيادات من “منطقة الوادي والصحراء الحضرمي“.
القوى التي لها مصلحة من تقسيم حضرموت
تقسيم حضرموت، كجزء من مشروع الأقلمة وتفتيت اليمن، يتفق مع مصالح الإحتكارات العالمية، وحقول النفط في حضرموت تقع في الوادي والصحراء، والشركات الاحتكارية النفطية مستعدة ان تدعم أي سُلطة انفصالية في وادي حضرموت ما دامت سوف تؤمن لها تدفق النفط، ولعلي محسن الأحمر والإصلاح الذين يسيطرون على وادي وصحراء حضرموت، رصيد من ثقة الاحتكارات العالمية، كما ان وادي وصحراء حضرموت يُعد أحد مواقع تواجد القاعدة؛ فتظل ذريعة محاربة الارهاب في وادي وصحراء حضرموت ورقة قابلة للاستخدام.
إضافة إلى ذلك فهناك قوى قبلية ذات علاقات وطيدة مع السعودية وتحظى برعاية سُلطة حكومة هادي العميلة، لها مصلحة من مشروع التمزيق، كما ان المملكة العربية السعودية التي تتوسع في حضرموت لديها مصلحة من اقتطاع الوادي والصحراء الذي يقع على حدودها كخطوة في سبيل ضمه إليها، وهو المنطقة الجنوبية الأخيرة التي ليس فيها تواجد إماراتي.
تاريخ تقسيم حضرموت
تقسيم حضرموت له وجود تاريخي استعماري سلاطيني فهناك مخاطر جدية من طرح هذه المشاريع على عكس الحديث عن تقسيم مأرب أو الجوف حيث ينعدم الأساس التاريخي لذلك.
وقعت البريطانيون معاهدات مع السلطنة القعيطية والكثيرية عام 1937م فأعطتهما الهوية السياسية والقوة العسكرية، وظلت السلطنتان تخوضان صراع نفوذ مع استمرار الرعاية والاستشارية الاستعمارية البريطانية.
لم تنضم سلطنتي حضرموت الكثيرية والقعيطية إلى “اتحاد إمارات الجنوب العربي” عام 1959، وظلت السلطنتان تريان بأنهما جزء من حضرموت كهوية في ذاتها لا “الجنوب العربي” أو “الجنوب اليمني“.
سقطت السلطنتين عام 1967 بيد قوات الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل وتم إعادة توحيدها.
عام 1998، اقترح الرئيس الأسبق «علي صالح» تقسيم حضرموت لمحافظتين ” وادي دوعن ووادي حضرموت” وأخرى المكلا والشحر” ، ورغم فشل تلك الخطوة إلا انه مهد بان قسم المحافظة عملياتياً إلى منطقتين عسكريتين، وفتح فروعاً لمكاتب الوزارات في وادي حضرموت، وأخرى في الساحل.
الأطماع السعودية التوسعية في حضرموت:
تقسيم حضرموت يفتح ملف التوسع السعودي في المحافظة، ومطامعها التاريخية فيها:
كان هناك خلافات حدودية بين بريطانيا الاستعمارية في عدن وبين السعودية حول ملكية قطاع شرورة من حضرموت حيث ظلت بريطانيا ترفض الاعتراف بأنه محافظة سعودية.
قبيل الاستقلال الوطني في عام 1967م في زمن الملك فيصل كان هناك مفاوضات بين السعودية وبريطانيا من أجل انتزاع حضرموت من الأرض اليمنية وضمها إلى المملكة السعودية.
1968 بعد عام من الاستقلال والتوحيد رفض قيادات “جيش البادية الحضرمي” السلاطيني تلقي الأوامر من عاصمة اليمن الديمقراطية في عدن، وكان ذلك التمرد مدعوم من السعودية.
في 27 نوفمبر 1969 اندلعت حرب الوديعة بين اليمن الجنوبي والمملكة بعد مهاجمة اليمن الديمقراطية لمعسكرات السلاطين في الوديعة والتي كانت تمثل قاعدة للتمرد في حضرموت، انتهت الحرب الحدودية بانتصار القوات السعودية وإعادة سيطرتها على مركز الوديعة.
في 5/12/1972م أعلن الرئيس «على ناصر محمد» اكتشاف مؤامرة تهدف إلى احتلال محافظة حضرموت, والمهرة, بتدبير من المملكة العربية السعودية, والمخابرات الأمريكية.
عام 1994 كادت أن تندلع حرب سعودية-يمنية في ديسمبر، أثناء قيام قوات سعودية باستحداث نقاط ومواقع في منطقة الخراخير.
مع بداية العدوان دفعت السعودية بالمشايخ الموالين لها للمطالبة بضم حضرموت إلى المملكة، وقد وقعت ورقة من قبل 95 من شيوخ قبائل حضرموت، يطالبون بضم المحافظة إلى السعودية.
في العام 2017م احتلت السعودية 42 ألف كيلو متر مربع من الأراضي اليمنية الحدودية في حضرموت منطقة الخراخير وألحقتها بالمملكة.