للعام الخامس اليمن تحت الحصار
عمران نت / 10 / 12 / 2019
// تقارير // شبكة الفرقان الثقافية
تستمر معاناة اليمنيين جراء الحصار الذي فرضته قوى العدوان يوما إثر يوم، فتحالف الشر لم يفرق بين مدني وغير مدني أو مسافر أو مريض، إلى جانب حرب الإبادة التي ينفذها بالقصف طوال قرابة ست سنوات منذ 26.مارس.2015 وهو اليوم الذي بدأت فيه الدول الضالعة في العدوان شن هجماتها لقتل المدنيين الأبرياء، كما عملت على إطباق الحصار على كافة المنافذ البرية والبحرية والجوية، في دلالة واضحة تبرز كم الحقد السعودي الأمريكي الإماراتي على اليمن أرضا وإنسانا، لتخلف الحرب العدوانية على اليمن مأساة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة ب “الأسوأ في العالم”، حيث قتل العدوان السعودي الأمريكي على اليمن طوال 1700يوم منذ بداية العدوان أكثر من 10.438 من الرجال وأكثر من2.337 من النساء وأكثر من 3.672 من الأطفال، أما الجرحى فوصل عددهم نتيجة قصف العدوان إلى 19.143 من الرجال و2.689 من النساء و3.856 من الأطفال، ليصل إجمالي عدد القتلى والجرحى من المدنيين إلى 42.135 وفقا لمركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية صنعاء، وإلى كل تلك الجرائم تحاصر دول العدوان قرابة 30 مليون يمني وتحاربهم في أبسط مقومات الحياة.
تحت الحصار
أمعن التحالف العدواني الغاشم في قتل اليمنيين بالنار والحصار فمن نجى منهم من قصف الطائرات يلقى حتفه نتيجة الحصار البحري والجوي الذي تستخدمه دول العدوان كأداة أساسية لتركيع اليمنيين متناسية كل القوانين والأعراف والمواثيق الدولية التي تجرم الحصار بحق المدنيين وتحرم ارتكاب الجرائم بحقهم، والجريمة هي ذاتها وإن كانت بطريقة أخرى، فدول العدوان لم تبالِ بأي معايير إنسانية حتى وصل بها الاجرام إلى منع دخول المواد الغذائية؛ وهو الأمر الذي أدى بتبعاته إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانعدام المتطلبات الأساسية للحياة، ناهيك عن قلة وانعدام الأدوية التي يحتاجها مئات الآلاف من المرضى، وطالما أعلنت الأمم المتحدة ومنظماتها بأن هناك كارثة إنسانية كبرى في اليمن تحدث، إلا أن ذلك لم يحرك ضمير العالم النائم الذي يتشدق بالإنسانية والحرية في حين لم يتجرأ على السعي لإيقاف هذه المأساة أو بالأصح يصمت مقابل المال، وعن هذا قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن القيود الموسعة للتحالف بقيادة السعودية على المساعدات الإنسانية والسلع الأساسية ومنعها من بلوغ سكان اليمن المدنيين، تؤدي إلى تضاعف الكارثة الإنسانية في البلاد، وأكدت أن قوانين الحرب تحظر استخدام التجويع كوسيلة حرب، الأمم المتحدة بدورها هي الأخرى صرحت أكثر من منظمة تابعة لها أن هناك قرابة 8.7 مليون يمني بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، كما أردفت أن أكثر من 20مليون يمني يعيشون تحت خط الفقر، وقالت منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي، أنه يجب إنهاء الحرب فوراً، لأن ما يحدث في اليمن غير منطقي، ومع كل الدعوات التي تصدر لإيقاف الحرب ورفع الحصار، تواصل السعودية وقوى العدوان غطرستها بقرصنة من نوع آخر وهي احتجاز المشتقات النفطية حيث احتجزت في الشهور الماضية أكثر من 13 سفينة نفطية والعشرات من سفن الإمدادات الغذائية؛ الأمر الذي أدى إلى تفاقم المعاناة الإنسانية وخصوصا في المجال الطبي حيث توقفت العديد من المنشآت الطبية نتيجة انعدام الوقود حتى أطلقت وزارة الصحة نداءً إنسانيا لإنقاذ حياة مئات الآلاف من المرضى القابعين في المستشفيات، ومع ذلك استمرت قوى العدوان في احتجاز الناقلات النفطية وبعد ضغوط دولية وجهود وطنية لتدارك الأزمة أفرجت دول العدوان عن بعض الناقلات النفطية وحتى اللحظة لا تزال تمارس سياستها التجويعية بغية الضغط على الشعب اليمني الذي يواجه العدوان والحصار لأكثر من خمس سنوات، أضف إلى ذلك الاستغلال الذي تقوم به المنظمات الإغاثية التابعة للأمم المتحدة في اليمن حيث كشف المجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية في صنعاء قبل أيام بالوثائق والأرقام فساد المنظمات الذي وصل إلى تقاضيها ملايين الدولارات لتصرفها على نفقات تشغيلية وهمية، ناهيك عن أن هذه المنظمات تقدم أغذية فاسدة وأدوية منتهية الصلاحية أدت إلى انتشار الأوبئة التي أودت بحياة آلاف اليمنيين، وطالما كشفت الهيئة الوطنية للمواصفات والمقاييس العديد من الشحنات الغذائية منتهية الصلاحية، ويأتي ذلك في سياق التجويع والإبادة التي تقوم بها دول العدوان بحق أبناء الشعب اليمني عن طريق إطباق الحصار على كل المنافذ التي يمتلكها اليمن، وعن طريق المرتزقة قامت دول العدوان بنهب إيرادات النفط والغاز منذ بداية العدوان حيث كشف السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي عن حجم الأموال التي نهبها المرتزقة في كلمته التي ألقاها بمناسبة المولد النبوي الشريف لهذا العام، موضحا أن حجم هذه الأموال يصل إلى 12 ترليون ريال كانت ستكفي لصرف مرتبات موظفي الدولة لإثني عشر عام، وكانت معاناة اليمنيين قد تضاعفت بنقل قوى العدوان البنك المركزي إلى عدن، الأمر الذي أدى إلى انقطاع المرتبات ويأتي هذا الإجراء ضمن الحصار والتجويع الذي تقوم به دول العدوان بحق أبناء الشعب اليمني، في حين يتشدق العالم بالإنسانية بينما يظل الشعب اليمني تحت الحصار.
إغلاق المطار
بدأت دول العدوان هجماتها مباشرة على مطار صنعاء الذي يمثل أهمية كبرى لليمنيين حيث يستفيد منه 80% من سكان اليمن ويخدم أكثر من 11 محافظة من سكان الجمهورية، كما يخدم أكثر من 6,000 مسافر يومياً، ناهيك أنه يمثل بوابة رئيسية لحركة الشحن الجوي تتدفق من خلالها الأدوية والمستلزمات الطبية الخاصة بالأمراض المزمنة كالسرطان والسكري والفشل الكلوي والقلب والأوعية الدموية والثلاسيميا وأمراض الدم الوراثية كون هذه الأنواع من الأدوية لا تنقل إلا عبر الجو والتي قدرتها وزارة الصحة ب (352 اسماً تجارياً ) ، ومما لا شك فيه أن غياب الدور الهام الذي يضطلع به مطار صنعاء ضاعف من المعاناة الإنسانية بعد أن فرضت قوي العدوان الحظر الكامل عليه في 8 أغسطس 2016، ومنذ تلك الحظة حتى الآن والمعاناة الإنسانية يفاقمها الحصار حيث توفي الكثير من المرضى لعدم مقدرتهم على السفر ولتأخر وصول الأدوية الضرورية خاصة الأمراض المستعصية، ليس ذلك فحسب بل أدى إغلاق المطار إلى حرمان العديد من المغتربين من زيارة ذويهم، ومثلهم المئات من الطلاب المبتعثين للدراسة في الخارج الذين حرموا من العودة للوطن، وفي هذ الشأن أكد وزير الصحة د.طه المتوكل، وفاة أكثر من 42 ألف مريض عجزوا عن السفر إلى الخارج بسبب استمرار إغلاق مطار صنعاء الدولي، مذكرا أن إغلاق المطار جريمة بحق الإنسانية ومخالفة صريحة للقوانين والمواثيق الدولية، وإلى ذلك يعاني الآلاف من الجرحى من الأطفال والنساء والرجال الذين أصيبوا جراء الغارات الجوية لتحالف العدوان السعودي الأمريكي خلال أكثر من 53 شهرا، وفي السياق نفسه تقول إحصائيات صدرت عن وزارة الصحة أن هناك ما يقارب 878,570 مريضا مهددون بالموت نتيجة انعدام العديد من الأدوية المزمنة والمحاليل والمستلزمات الطبية، منهم ما يقارب 200،000 مريض حالات مستعصية بحاجة ماسة للسفر إلى الخارج ينتظرون مصيرهم المجهول في حال عدم فتح المطار، و يتوفى منهم من 25 – 15 حالة مرضية كل يوم، الأمر الذي زاد من وطأة الكارثة الإنسانية على كاهل الشعب اليمني الذي لم يسلم من قصف الطائرات ولم يسلم من الحصار الذي تفرضه دول التحالف السعودي الأمريكي دونما أي ذنب ارتكبه الشعب سوى أنه يود العيش في حياة كريمة تكفل له الحرية والكرامة والاستقلال لا غير، كل ذلك هو حجم الخسائر الإنسانية التي استطاعت الوزارة المعنية والمنظمات الإنسانية رصدها، فضلا عن أن مطار صنعاء الدولي تعرض للعديد من الخسائر المادية نتيجة القصف المباشر والحصار، وتصل خسائر المطار إلى عشرات الملايين من الدولارات بالإضافة إلى توقف جميع الرحلات الجوية من المطار وإليه.
مطار المبعوث الأممي
لم يعد مطار صنعاء متاحا لأهل العاصمة صنعاء وبقية محافظات الجمهورية اليمنية نتيجة الحصار وفرض الحظر من قبل دول تحالف العدوان السعودي الأمريكي، بل تحول إلى مطار تابع لرحلات مبعوث الأمم المتحدة في اليمن مارتن غريفث الذي أجرى من خلاله العديد من الرحلات التفاوضية التي لم يستطع أن يحقق منها شيء يخفف من معاناة قرابة 30 مليون يمني يذوقون الأمرين بين قصف وحصار قوى تحالف العدوان، ورغم الوعود المتكررة التي تقطعها الأمم المتحدة بفتح مطار صنعاء الدولي لسفر المرضى والجرحى تخفيفا لحجم المأساة الإنسانية عن طريق فتح جسر جوي، إلا أنها كانت كلها مجرد وعود لا تخرج عن إطار أنها كاذبة ومضللة بغية امتصاص غضب صنعاء الصمود التي تواجه العدوان، حيث كان رفع الحصار وفتح مطار صنعاء الدولي من أبرز الشروط التي طرحها الوفد الوطني من صنعاء في اتفاق ستوكهولم الذي مر عليه أكثر من عام ونصف ولم ينفذ منه أي جزء حتى ما يتعلق بالاتفاق بخصوص الحديدة لتكون ممرا للمساعدات الإنسانية إلا أن ذلك لم يكن، وطالما وعدت الأمم المتحدة لكنها لم تقدر على تنفيذ أيا من وعودها فالتحالف الأرعن يراهن على الورقة الاقتصادية لإخضاع اليمنيين ولم يتحقق له ذلك البتة رغم هول المأساة، ومع ارتفاع حجم المعاناة جراء الحصار وإغلاق مطار صنعاء خرج اليمنيون في مظاهرات حاشدة كما سعت العديد من المنظمات الدولية والناشطون في حملات إعلامية على قنوات تليفزيونية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي؛ مطالبة برفع الحصار وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي، وفي الأيام الأخيرة روجت وسائل إعلام تابعة لدول العدوان أنباء عن فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات المدنية فيما نفى المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد في اليمن مازن غانم فتح مطار صنعاء أمام الرحلات المدنية، معتبرا تلك الأنباء جاءت لتضليل الرأي العام العالمي، وفي ذات السياق أعلن تحالف العدوان قبل أيام تسيير أول رحلة مدنية إلى مطار صنعاء، إلا أن الإعلان جاء على غرار الوعود الكاذبة التي تقطعها الأمم المتحدة، حيث نفت وزارة النقل في صنعاء وصول أي رحلة مدنية إلى المطار عدا طائرة الأسرى التابعة للصليب الأحمر الدولي، وكان التحالف قد أعلن الإفراج عن 200 أسير من أسرى الجيش واللجان الشعبية، إلا أن العدد كان 128 جلهم من العالقين والمحتجزين للتفتيش في مطارات دول العدوان، وجاء إعلان التحالف كرد لا يرقى إلى رد فعلي على مبادرة الرئيس المشاط للسلام التي أطلقها عشية الذكرى الخامسة لثورة 21 سبتمبر المجيدة، بعد عملية نصر من الله بمرحلتيها في الحدود وتوازن الردع الأولى والثانية على منشآت أرامكو النفطية في بقيق وخريص وحقل الشيبة.
ورغم القوة التي باتت يمتلكها المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني، لا تزال صنعاء اليمن تبادر للسلام من منطق القوة فهي من فرضت مؤخرا معادلات الردع والرد حيث تأتي كل عمليات وزارة الدفاع والقوات المسلحة في إطار الرد على جرائم العدوان والحصار الذي تفرضه دول العدوان، ورغم كثرة المفاوضات والوعود التي تقطعها الأمم المتحدة بين الحين والآخر وتتبخر فور إعلانها، ورغم كل الظروف والمتغيرات، ومع استمرار دول العدوان في قصف وحصار أبناء اليمن، تظل القوة بيد صنعاء الحل الوحيد لوقف غطرسة العدوان ورفع الحصار هو تفعيل عمليات توازن الردع والعين بالعين لكي تتسع دائرة النار وتشمل وتطال كل من شارك في العدوان على شعب الإيمان والحكمة، ويحظى الشعب اليمني بالحياة الكريمة والحرية والاستقلال.