خديعة العصر الأميركية .. هؤلاء هم المعتدلون في سوريا
عمران نت-الوطن العربي
بقلم: حسين ملاح
الجريمة البشعة كشفت زيف الادعاءات الغربية والتركية حول “اعتدال” “حركة الزنكي” بعد محاولات حثيثة لإبعاد صفة الإرهاب عنها، مع أن مؤسس تلك الجماعة المدعو “توفيق شهاب الدين” معروف بميوله التكفيرية وهو تزعم الحركة منذ بداية الأحداث في سوريا عام 2011.
جريمة “جماعة الزنكي” تُثبت من جديد أن لا فرق بين الجماعات المسلحة في سوريا وهي وإن اختلفت في الأسماء والمصالح وصراع النفوذ لكنها تتفق فيما بينها على حمل الفكر التكفيري.
ولعله من المفيد هنا إعادة التذكير ببعض جرائم تلك الجماعات، وفي هذا الإطار كان موقع المنار عرض قبل نحو عامين (12-09-2014) تقريراً يؤكد الأسلوب التكفيري التي تنتهجه الجماعات الإرهابية في سوريا من داعش والنصرة والجبهة الشامية.. إلخ، وجاء في التقرير:
خديعة العصر الأميركية… هؤلاء هم المعتدلون في سوريا
تتعرض شعوب المنطقة والعالم لعملية تضليل وخداع ممنهج تمارسه الإدارة الأميركية وحلفاؤها الغربيون والعرب تهدف إلى تبييض صفحة الجماعات المسلحة في سوريا في ضوء تشكُل “التحالف الدولي لمواجهة تنظيم داعش”، عدا عن تحقيق مصالح تدخلية عديدة في سوريا والمنطقة.
فقد برز إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما استعداده لشن ضربات جوية في سوريا ضد “داعش” وزيادة المساعدة العسكرية المخصصة لـ”المعارضة السورية المعتدلة”، والذي أُتبع باجتماع أميركي – عربي في جدة السعودية، هدفت واشنطن من خلاله إلى حشد “الدعم” الخليجي والعربي من أجل التصدي لـ”داعش”.
تحضير المسرح لمواجهة تنظيم البغدادي وتحديداً في سوريا أتى مصحوباً بمعزوفة أميركية – عربية تؤكد على دعم “المعتدلين السوريين” وتستبعد أي دور للحكومة السورية من أجل وقف تهديدات “داعش”. لذلك تم الاستعانة بماكينة إعلامية غربية وعربية تعمل على تبرئة ساحة جماعات مسلحة في سوريا عبر إلباسها ثوب “الاعتدال”.
لعل الأمر المتفق عليه عند الجميع في المنطقة والعالم هو مدى الوحشية التي وصل اليها مسلحو تنظيم “داعش” الذين يشنون حملات إبادة على مختلف المكونات الإسلامية والمسيحية وغيرهم. لكن هناك اختلاف حول طرق التصدي لهذا التنظيم.
إيران وروسيا مرتابتان من خطط واشنطن حيال مواجهة “داعش” المتهمة أصلاً بأنها تغض الطرف عن إرهاب الجماعات المسلحة في سوريا و”تحاربها” في العراق. كما أن هناك تناقضاً بين الدول التي اجتمعت في جدة وبالأخص بين السعودية وقطر اللتين تدعمان بشكل مباشر أو غير مباشر جماعات مسلحة محسوبة عليها في سوريا.
إذا كان تنظيم “داعش” بلغ بوحشيته الحد الأقصى من الإجرام فإن جماعات أخرى وتحديداً التي انتشرت في سوريا تقترب من التنظيم فكراً وممارسة.
شهدت الأشهر الأولى للأزمة السورية تصعيداً متدرجاً في العنف المسلح حين عمدت جماعات إلى استهداف متعمد للمؤسسات الدولة السورية وارتكبت عدة مجازر نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر المجزرة التي ارتكبتها جماعات مسلحة في جسر الشغور بريف إدلب صيف عام 2011 وراح ضحيتها أكثر من 120 من عناصر قوى الأمن والشرطة وسط تعتيم إعلام غربي وعربي . لتكر بعدها سبحة الاستهدافات للمراكز العسكرية والمدنية والحيوية في مختلف الأراضي السورية.
ففي صيف العام 2012 ارتكب مسلحون مجرزة بحق موظفي البريد في مدينة الباب بريف حلب الشرقي حيث تم إعدامهم ورمي جثثهم من فوق المبنى.
مسلسل الاستهداف انتقل من الموظفين إلى المراكز الحيوية والدينية وضُربت ونُهبت المرافق النفطية وشركات الغاز والكهرباء حتى المصانع والمستشفيات دمرت، بينها مشفى الكندي (حلب) الذي كان يُراد منه أن يكون أكبر مستشفيات الشرق الأوسط لمعالجة الأورام، إضافة إلى النيل من معامل الأدوية ويأتي في طليعتها معمل تاميكو (المليحة) الذي كان يغطي 95 بالمئة من صناعة الأدوية في سوريا.
مستوى الإجرام عند مسلحي سوريا بلغ حد محاولة تدمير السدود المائية لإغراق مناطق البيئة المؤيدة للحكومة، كما حصل عندما سعى مسلحون إلى تخريب سد الحسكة الأمر الذي يُنذر بكارثة كانت ستحل بالمنطقة لولا تدخل السلطات.
أما المدنيون فنالوا الحصة الأكبر من التنكيل والاستهداف، فسالت دماؤهم في الطرقات عبر التفجيرات الانتحارية التي تباهت فيها الجماعات المسلحة من “النصرة” و”أحرار الشام” و”جيش الإسلام”… إلخ .هؤلاء لم يتركوا وسيلة إلا وحاولوا بها النيل من المواطنين المتواجدين في مناطق سيطرة الدولة ولجأوا إلى التفجيرات الانتحارية في دمشق (المزرعة – المرجة – الميدان…) وفي حلب (تفجيرات جامعة حلب) وحمص وإدلب ودرعا.
المجازر توسعت لتشمل “غزوات” شنها المسلحون على المدن والقرى الآمنة بينها كما جرى مع مواطني ريف اللاذقية الشمالي (2013) حين تم تصفية واختطاف مئات المواطنين فضلاً عن ارتكاب جرائم اغتصاب ممنهجة للنسوة وقتل للحوامل، قِيل يومها إن من قاد الهجمات هي حركة أحرار الشام وكتائب مسلحة.
بعدها بأشهر ارتكبت الجماعات المسلحة المنضوية تحت لواء المعارضة إضافة إلى جبهة النصرة مجزرة بحق المواطنين في عدرا العمالية بريف دمشق وتم إعدام عشرات المواطنين واختطاف المئات قيل من أن بينهم نساء. وفي شباط الماضي اقتحم مسلحو أحرار الشام وجند الأقصى بلدة معان بريف حماه وقتلوا أكثر من سبعين مواطناً بعضهم ذبحاً وآخرون أُلقي بهم من أسطح المنازل فيما اختطف العشرات.
“التفجيرات” و”الغزوات” لم تُشبع نهم الجماعات المسلحة التي تفننت في تعذيب المدنيين تارة بمدافع “جهنم” وطوراً “بقذائف الموت” التي لا تزال تتساقط على رؤوس المواطنين غير آبهة بأماكن العبادة والمدارس والجامعات في دمشق وحلب وحمص واللاذقية.
طبعاً نالت الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية وحتى الأثرية نصيباً واسعاً من التدمير المستند إلى أفكار تكفيرية، كتفجير المقامات الصوفية أو العائدة لصحابة رسول الله (ص) كمقام حجر بن عدي وعمار بن ياسر وأويس القرني، ناهيك عن حرق المسجد الأموي في حلب فضلاً عن اغتيال العلماء (الشيخ محمد سعيد رمضان البوطى). وعلى الصعيد المسيحي جرى تخريب وتدمير عشرات الكنائس (معلولا. الرقة. براد. أم الزنار). كما نُهبت الآثار (دير الزور. حلب) وأحرقت أسواق حلب القديمة التي تُعد تحفة تاريخية.
هذا غيض من فيض جماعات مسلحة عاثت خراباً على الأرض السورية. واليوم يريدون إقناعنا بأنها معتدلة سواء كانت “نصرة” أو “جبهة إسلامية” أو “جيش حر”، مع العلم أن أول من شق الصدور وأكل القلوب هم عناصر ما يسمى “الجيش الحر المعتدل” كما تراه عيون واشنطن وحلفاؤها.
المشكلة الأساس تبقى في الفكر التكفيري الذي يحمله “داعش” و”النصرة” و”الجبهة الإسلامية” وأمثالهم، فهؤلاء يشربون من النبع ذاته وإن اختلفت الأساليب والتكتيكات.
فعلى من تكذب أميركا والعرب في هذه التصنيفات الوهمية؟ والسؤال طبعاً هل أميركا أمُّ السلم والإنسانية في المنطقة ام كانت في طليعة مرتكبي الإرهاب، وأين اسرائيل في قاموس الإرهاب التاريخي؟