صراعُ العائلة الحاكمة في السعودية على السلطة .. وتوقع اغتيالات
صراعُ الأجنحة في العائلة الحاكمة في السعودية، موضوعٌ تناوله المراقبون والمحلّلون منذُ صعود الأمير محمد بن سلمان آل سعود فجأةً للحكم ثم ولاية العهد، بالإضافةِ إلى مؤشرات عدم الاستقرار، وتوقعات بحصول عمليات اغتيال.
التقرير التالي يعرضُ بعضَ المعلومات الصحفية المتداولة في هذا المجال.
// تقارير // المسيرة
تنقُلُ صحيفة الخليج أولاين عن يقول سفير بريطانيا في السعودية السابق جون جينكينز (2012 ـ 2015) لصحيفة التايمز: إن “محمد بن سلمان كان يخطط لأَن يصبح ملكاً منذ أن كان في منتصف العشرينيات، أي منذ العام 2011.. كان دائماً بجانب والده في اللقاءات، لا يتحدث كثيراً ولكن يستمع ويدُون الملاحظات، لقد سئمتُ من وصفه بـ(المتهور)، هذا ليس تهوراً، إنهَّ أمرٌ مخطّط له، لقد كان في انتظار ذلك لسنوات عدة”.
والتحدي الأكبر الذي يواجهه ولي العهد في أن ينجح في إظهار أنَّ إصلاحاته تؤتي ثمارها، حيثُ سيؤدي فشل الإصلاحات الاقتصادية التي يقودها، إلى احتمالات بروز إجماع بالعائلة الحاكمة ضده، ومعارضة بن سلمان داخل الأسرة المالكة، خَاصَّة بعدما وضع جميع السلطات في يده يفتح احتمال تهيؤ أرضية كبيرة لأن يتحَرّك أفراد بالعائلة المالكة ضده، وبالتعاون مع الناقمين على سياساته من خارج العائلة المالكة، لا سيما رجال الأعمال ورجال الدين الذين حجّمهم بحملة الاعتقالات الأخيرة التي تركت تساؤلات حول قوة من بقي في الخارج من “الساخطين”.
وما يعزز هذه الفرضية تنبُّؤُ العديدِ من التحليلات والتقارير الدولية بعد إصدار “رؤية 2030” بعدم ملاءمتها لأوضاع المملكة، سواء على مستوى الاقتصاد الوطني أَو حتى على مستوى المواطن السعودي، والتي لحقها مشروعُ “نيوم” العملاق الذي يتطلب 500 مليار دولار أمامها استفهامات عدة يطرحها عجز الموازنة السعودية.
ونقلت وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية عن رئيسة مجموعة “آر بي سي كابيتال ماركتس” RBC Capital Markets الأمريكية، هليما كروفت، في تقرير لها في أيلول/ سبتمبر الماضي أن “الضغوط ستتزايد على محمد بن سلمان لتقديم نتائج إيجابية ملموسة لرؤية 2030، لو وجد نفسه بعد وقت قريب جالساً على العرش، وهنا عليه أن يسكت الأصوات المعارضة، وأن يعزز الدعم الشعبي له، وعليه أن يظهر بعض النتائج الاقتصادية”.
وتؤكّـد التقارير الغربية، ومنها تقريرٌ حديثٌ نشرته وكالة رويترز، وجودَ سخط وامتعاض كبيرَين داخل العائلة الحاكمة في السعودية من إدارة محمد بن سلمان دفةَ الحكم، فبعض أفراد الأسرة والنخبة قلقون بشأن قدرته على الدفاع عن أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وقيادتها بعد الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة أرامكو السعودية 14 أيلول/ سبتمبر 2019.
وقد اعتمدت الوكالةُ في تقريرها على شهادة خمسة مصادر تربطها علاقاتٌ بالعائلة المالكة والنخبة السعودية، بالإضافة إلى دبلوماسي أجنبي كبير، جميعهم قالوا إن الهجومَ أثار سخطاً بين البعض في دوائر النخبة، ويعتقدون أن ولي العهد سعى بشدة إلى السيطرة على السلطة. وقال بعضهم: إن الهجوم أثار انتقادات بين أولئك الذين يعتقدون أنه اتخذ موقفاً عدوانياً مفرطاً تجاه إيران.
وأضاف التقرير بأن “الهجوم أذكى استياءً بدأ مع تولي بن سلمان السلطة قبل عامين، حيثُ أبعد منافسيه عن العرش، واعتقل المئات من أبرز الشخصيات في المملكة على خلفية مزاعم فساد.. وطال الضرر سمعة الأمير الشاب في الخارج؛ بسببِ الحرب المكلفة التي تقودها بلاده على اليمن، وأسفرت عن مقتل عشرات الآلاف وتسببت بأزمات إنسانية، إضافة إلى تعرضه لانتقادات دولية؛ بسببِ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل عام في القنصلية السعودية في إسطنبول، وقالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إن ولي العهد أمر بها.
كما نقلت رويترز عن خمسة من المصادر التي لها علاقات مع العائلة المالكة ونخبة رجال الأعمال وأحد كبار الدبلوماسيين قولهم: إن السياسة الخارجية العدوانية التي ينتهجها محمد بن سلمان، وتورطه في الحرب في اليمن عرّضا المملكة للهجوم، كما أعربوا عن شعورهم بالإحباط؛ لأَنَّ ولي العهد لم يتمكّن من منع الهجمات على الرغم من إنفاق مئات المليارات من الدولارات على الدفاع.
وفي سياق الحديث عن سيناريوهات المستقبل نقلت أَيْـضاً عن مطلعين سعوديين ودبلوماسيين غربيين قولهم: إنه من غير المرجح أن تعارض الأسرة الملكية الأمير محمد بن سلمان طوال فترة حياة الملك، حيثُ من غير المحتمل أن ينقلب الملك على ابنه المفضل، وتحدي سلطة بن سلمان قد يكون صعباً في ظل إحكام قبضته على أمن المملكة الداخلي.
وفي الوقت نفسه يشير التقرير إلى أن بعض الأمراء ينظرون إلى الأمير أحمد بن عَبدالعزيز، البالغ من العمر 77 عامًا، والشقيق الوحيد للملك سلمان الباقي على قيد الحياة، كبديل ممكن يحظى بدعم أفراد الأسرة والجهاز الأمني وبعض القوى الغربية. والأمير أحمد كان واحداً من ثلاثة أشخاص فقط في هيئة البيعة التي تشمل كبار أعضاء الأسرة الحاكمة ممن عارضوا تولي محمد بن سلمان ولاية العهد عام 2017.
وفي السياق نفسه توقع د. هادي دلول في حوار متلفز أن تشهد السعودية سلسلة اغتيالات على مستوى العائلة الحاكمة مع بروز معارضين لابن سلمان من الأمراء، وفي الوقت نفسه ستكون هناك استباقية للاغتيال قبل فتح الحساب معهم، كما يتوقع ضربات عسكرية بين العائلة الحاكمة بعدما فقدت مركزها في الخليج، وبعد استفحال المشاكل السياسية والمادية في ما بينهم، خَاصَّةً في اتخاذ القرار، وما خص قضية أطفال اليمن التي ستفتح على ابن سلمان، فالسعودية ستحمل تبعات هذا الملف بعد خروج الإمارات وأيضًا تبعات الملف السوري ودعم الإرهاب.. لقد أصبحوا في مركب يغرق.
ولا يستبعد أن: “نستيقظ في يومٍ من الأيّام على خبر عاجل: “اغتيال محمد بن سلمان على يد مجهول” خَاصَّةً بعد الانقسام الداخلي بين العائلة الحاكمة التي تطالبه بتحمل المسؤولية أمام الشعب، وفي ضوء استحالة احتمال المطالبة بالتقسيم فأنهم ـ أي الأمراء ـ سيعودون إلى سيناريو الاغتيال كما يقول دلول.
بدوره، يذهب الكاتب والمحلّل السياسي العراقي إلى أن أكبر الأزمات والمشاكل التي تواجهها العائلة الحاكمة في السعودية هي مشكلة ولاية العهد، وكيفية انتقال تلك الولاية من أمير إلى آخر خُصُوصاً بعد موت الملك عَبدالله حتى اليوم.
وبخلاف نظرة السفير البريطاني جينكينز حول محمد بن سلمان وشخصيته، يذهب إلى أن محمد بن سلمان ليس لديه الكاريزما والعقل القيادي ولا حتى أدنى مستويات الفكر السياسي والمؤهلات التي تمكّنه من قيادة دولة مثل السعودية لديها ثروات هائلة، ناهيك عن الارتباط المباشر بالصهيو-أمريكية. لقد استلم المملكة في قمة الهزائم في سوريا واليمن والبحرين ولبنان، فضلاً عن تداعيات مع احتقار الرئيس الأمريكي ترامب للعائلة الحاكمة وابتزازها مال ياً علناً.
ويشير المرشدي في حوار متلفز إلى أن محمد بن سلمان أسّس حمايةً شخصيةً بالاستعانة بشركة “أكاديمي” (بلاك ووتر سابقاً) وجنودها المرتزِقة، كانت ممهدة أَو سابقة لقيامه لاغتيال عَبدالعزيز الفغم المولج بحماية الملك سلمان قبل ثلاثة أيام من موعد الذكرى الأولى لجريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
ولذلك لا يتعجبُ المرشدي “إذا ما استيقظنا غداً على سلسلة من الاغتيالات”، مؤكّـداً وجودَ صراع واضح على السلطة وأصوات ورموز في العائلة الحاكمة تندّد بسيرِ عملية إدارة الدولة في السعودية في ظل هذه الهزائم وحالة الحرج الكبيرة التي تعرضوا لها في ظل التداعيات السياسية في عموم المنطقة والعالم. وقال:
لقد فشل محمد بن سلمان في إيجاد صيغة مالية للتعامل مع الأحداث، بل هو يتخبّط باستمراره في العداء السافر ضد محور المقاومة والجمهورية الإسلامية بإيران وبين الخضوع المذل والمهين لإرادة ترامب والصهيونية.