قصف أرامكو يكشف فشل السعودية عسكرياً ويهز ثقة العالم بها
اهتزت صورتها، وبات الحلفاء والأعداء يسخرون منها، هكذا أصبحت صورة المملكة العربية السعودية، المنتج الأكبر للنفط، في العالم والدول العربية والإسلامية، بعد عجزها عن حماية منشآتها النفطية ومواقعها المدنية والعسكرية من ضربات الحوثي المؤلمة التي لا تتوقف.
وأظهر القصف اليمني الأخير لمصفاتين نفطيتين تابعتين لشركة “أرامكو” النفطية، شرقي المملكة بـ10 طائرات مسيرة، عجز السعودية عن وقف الخطر القادم من اليمن، رغم صفقات الأسلحة التي أبرمتها وحصلت عليها بمليارات الدولارات.
وكانت آخر صور التهكم على السعودية بسبب عجز أجهزتها العسكرية وأسلحة الدفاع الجوية الأمريكية التي تمتلكها عن صد الهجمات اليمنية، هو عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على السعودية شراء الأسلحة الروسية.
وظهر بوتين وهو يعرض الحماية للسعودية من الهجمات، في حين يدخل نظيره الإيراني حسن روحاني، ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، في نوبة ضحك، استهزاءً بالمملكة وعدم قدرتها على حماية نفسها، وتلقيها العروض الخارجية.
وقال بوتين، على هامش قمة مع نظيريه؛ التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني، في أنقرة: “نحن مستعدون لتقديم المساعدة إلى السعودية لحمايتها بلاداً وشعباً”.
وأضاف: “سيكون كافياً أن تتخذ القيادة السعودية قراراً حكومياً حكيماً، كما فعل قادة إيران، بشراء منظومة إس-300 والرئيس أردوغان بشرائه منظومة إس-400 للدفاع الجوي من روسيا، حينها سيكون بإمكانهم حماية أي منشأة في السعودية”، ثم ضحك الرئيس الإيراني ساخراً!
ابتزاز جديد
مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر، محجوب الزويري، يؤكد أن الهجمات اليمنية الأخيرة ضد منشآت أرامكو السعودية في بقيق شرق المملكة وما خلفه من أضرار كبيرة، أثار شهية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لممارسة نوع جديد من الابتزاز المالي ضد السعودية.
ويقول الزويري، في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “الهجوم الأخير سيضع السعودية أمام مزيد من الضغوط المالية، بحيث بدأ ترامب بالقول إنه يمكن مساعدة السعودية بالدفاع عن نفسها ولكن لا يمكن القتال عنها”.
ويرى الزويري أن بوتين استثمر الأزمة التي تعيشها السعودية، في حرب بلاده المعلنة مع الولايات المتحدة في السيطرة على النفوذ بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة مع شعورهم بأن ترامب بدأ بالتخلي عن حلفائه.
ويوضح أن الهجوم الأخير أظهر حالة الضعف التي تعاني منها السعودية، حيث ستعاني من أضرار اقتصادية كبيرة، وتقلبات بأسعار النفط خلال الفترة القادمة.
ويضيف: “روسيا تحاول التدخل بالمنطقة والوصول إلى السعودية، خاصة بعد اعتقادها أن فشل الولايات المتحدة في سوريا، يمكن تعميمه في مناطق أخرى، لذلك بدأت باللعب على المحور السعودي”.
ويشير إلى أن العروض الروسية للسعودية لم تكن وليدة اللحظة، إذ عرض بوتين على ولي العهد محمد بن سلمان، خلال زيارته لموسكو في مايو 2017، شراء الأسلحة الروسية.
ويعتقد مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر أنه في حالة موافقة السعودية على شراء السلاح الروسي، فذلك سيتطلب منها تغيير التسلح في منظومة جيشها العسكرية بالكامل.
ويستبعد أن تتجه السعودية إلى روسيا بشكل مباشر بهذا التوقيت، لأن تغيير نمط التسليح والأنظمة الجوية يحتاج إلى مدة طويلة قد تصل إلى عام أو عامين.
ويَذكر أن الولايات المتحدة ستعمل على طمأنة السعودية من خلال تزويدها بأنظمة رصد عسكرية متطورة، وتكنولوجيا إضافية، وإرسال الناقلات البحرية القريبة من المملكة.
فشل كبير
ومع مرور أربعة أعوام ونصف على الحرب الدائرة باليمن، لا يزال الكثير من المدن السعودية ومنشآتها النفطية تحت تهديد الصواريخ الباليستية التي تطلقها جماعة “الحوثيين” في اليمن.
وخلال مراحل الاستهداف التي تعرضت لها السعودية تجاهل الموقف الرسمي تلك الأخطار التي تواجه البلاد، ولم تعقد قياداته اجتماعات طارئة لمناقشة الهجمات وسبل مواجهتها، واكتفت بالتنديد، واستخدمت طيرانها العسكري للرد على مواقع عسكرية وأخرى مدنية في اليمن للتنفيس عن غضبها.
وانعكس ذلك التجاهل على أرض الواقع؛ فالمطارات والمواقع التي تستهدف غالباً من قبل الطيران المسير “للحوثيين” لم يتم تعليق العمل فيها أو توقيفها بشكل كلي، كما تجاهلت الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الهجمات على مؤسساتها النفطية، إلا أن الاستهداف الأخير لأرامكو شكل هزة للمملكة.
واللافت أن الفشل السعودي الأكبر يكمن في التصدي عسكرياً لأسلحة اليمنيين المتواضعة، رغم امتلاك الرياض ترسانة من المنظومات الأمريكية العسكرية المتطورة.
اللواء والخبير العسكري المتقاعد يوسف الشرقاوي، يرى أن الحوثيين استخدموا استراتيجية عسكرية واستخباراتية جديدة في الوصول إلى المنشآت الحيوية السعودية وخاصة النفطية، من خلال الطائرات المسيرة، وتحقيق خسائر كبيرة فيها جراء القصف والاستهداف من الجو.
ويقول الشرقاوي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”: “أجزم أن الحوثيين تمكنوا من الوصول إلى معلومات أمنية مهمة حول المنشآت التي يريدون قصفها من خلال مصادر خاصة لهم، واختراق أمني كبير داخل المملكة، بحيث يعملون على رصد تلك الأهداف قبل توجيه الضربات لها، ومعرفة وجود أسلحة نظام دفاع جوي حولها من خلال مصادر بشرية لهم على الأرض”.
ويضيف: “الحوثيون أيضاً عملوا على إرسال الطائرات إلى الأجواء السعودية ومناطق العمق من خلال التحليق بشكل منخفض جداً، وهو ما يصعب على الباتريوت الأمريكي إمكانية كشفها ثم إسقاطها”.
ويتابع: “ما يحدث هو صراع أدمغة بين الحوثيين والأنظمة الدفاعية الجوية الأمريكية المتطورة الموجودة في السعودية، خاصة أن الباتريوت معروف أنه لا يستطيع الوصول إلى الأهداف المعادية وإصابتها بشكل دقيق، فدقته تصل إلى 50%”.
تؤكد صحيفة “الدياريو” الإسبانية أن رادارات بطارية الصواريخ صُممت لتحديد وتدمير أهداف أكبر من طائرة بدون طيار، مثل المقاتلات أو الصواريخ، لكن من الصعب جداً تصديق أن بلداً يُعدّ واحداً من أكبر مستوردي الأسلحة في العالم غير قادر على اكتشاف مجموعة من الطائرات بدون طيار التي تعبر البلاد بأكملها إلى الساحل الغربي، وتقطع مسافة أكثر من ألف كيلومتر لتضرب أهدافها دون اعتراض.
الخليج اونلاين