الولاية منظومة الهداية وآلية الغلبة والكرامة
عمران نت / 17 / 8 / 2019
// مقالات // سعاد الشامي
تحل علينا مناسبة عظيمة بعظمة الإسلام ؛ هي بمثابة البيان الختامي للرسالة السماوية والقرار الآلهي لأكبر مؤتمر نبوي عقد للأمة الإسلامية٠ إنها ذكرى عيد الولاية؛ اليوم الذي أمر الله نبيه بترسيخ مبادئها وإقامة أركانها وإعلانها للناس، ليكمل لهم دينه ويتم بها نعمته ولكي لا تكون للناس حجة بعدها.
وكان ذلك في أعقاب حجة الوداع التي شهدها أكثر من مائة ألف من قبائل العرب التي أعتنقت الإسلام والتي أسماها خاتم الانبياء والمرسلين محمد صلوات ربي عليه وعلى آله بهذا المسمى ليودع فيها أمته وينعي نفسه بقوله ” لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا “..
وما كان الله ليترك أمر الأمة دون تحديد خليفة لرسوله وراعياً للأمة وأمورها وقائداً لها يقودها إلى عزتها وقوتها وريادتها. وخلافة الأمر هو أعظم وأهم وأخطر أمر من أمورها بإعتبار أن مهمة النبي صلى الله عليه وآله هي التبليغ والإنذار أما أمر الهداية؛ فلكل قوم هاد. وهذا ما ورد في القرآن بالنص الصريح {قل إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} فهداية الأمة لا تكون بطرق عشوائية أو بقرارات بشرية ، هي تبنى على بصيرة ربانية واختيار سماوي، ولا بد أن تكون في أعلم عباده بدينه وكتابه، وأعظمهم حكمة، وأشجعهم بطولة، وأوفاهم عهداً، وأكملهم أخلاقاً، وأحنكهم قيادة، وأتمهم إيماناً، وأصدقهم لساناً، وأحسنهم تعاملاً، وأخفضهم جناحاً ؛ وأجرأهم في الحق، وأعدلهم في الحكم. وكل ذلك لم يجتمع حينها إلا في شخصية الإمام علي عليه السلام الذي أصطفاه الله لحمل أمر الولاية وهو العالم الخبير بما يصلح حال الأمة ويحميها. وبما يحقق عزتها وقوتها وبما يؤهلها لحمل الدين ويحقق إستخلافها للأرض على مبادئ القوة والعزة والنصر والتمكين.
ولما كان الأمر من الأهمية القصوى بذلك المكان فقد جاء الأمر للنبي صلوات الله عليه وعلى آله من ربه بتبيلغ الأمة بأمر الولاية بقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } .
فكان أمر الولاية تماماً للرسالة وكمالاً لها وعدم التبليغ بها يعد تقصيراً في تبليغ الرسالة ذاتها ولا يمكن الفصل بينهما؛ فهما أمران متداخلان ومتشابكان ومترابطان ارتباطا وثيقاً. وهذا أكبر دليل على عظمة الولاية كإمتداد للنهج الآلهي وإلتزام بمبادئ الدين الإسلامي الكامل وعلى أهميتها المطلقة في هداية تلك الأمة الحديثة العهد بدينها ونبراس حق يضيء الدروب المعتمة للأجيال القادمة من بعدها.
لذلك عندما لم توفِ الأمة بعهد الله. وفرطت في أهم أمر من أمور دينها. ولم تسلم أمرها لمن اختاره الله. وأوّلت وبدّلت في أمر الولاية. ضلّت وأضلّت،واختلفت وتباينت، وضعفت وأستكانت، تفككت وتشتت، ودجنت أفكارها، وأستباحت مقدساتها ووصلت إلى هذا الحال المخزي والمشين.
فارجعوا إلى وصية الله لرسوله، ووصية رسول الله إلى المسلمين كافة في غدير خم في حجة الوداع ففي ذلك خلاصكم في الدنيا والآخرة ولتدركوا جيدا بأن مقاييس القوة والعزة والغلبة ومساراتها لا تدور إلا في فلك الولاية والتي بيّنها وأوضحها الله بصريح النص القراني {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}.