صبراً صعدة السّلام

عمران نت / 30 / 7 / 2019

// مقالات // زينب إبراهيم الديلمي
أرى موطني مُضطرباً وهائجاً بسحُبٍ قد تبخّرت بالدماء بدلاً عن الماء الذي يتبخّر إلى السّماء ، فتتراكم قطراته وتتساقط إلى الأرض .. أرى صعدة السّلام تحدّت صواريخ وقنابل الموت رغم ما يتعرضُ أبناءها من قتلٍ ممنهج وتدميرٍ لبيوتهم بشكل وحشي مُستمر منذُ الحروب الستّة الظالمة التي تآمرت على صعدة الإباء حتى أيام العدوان ؛ كي تكتمل سابعة الحرب عليهم.

رغم كل شيء فإنَّ قلمي عاجز عن الكتابة ، عاجزٌ أنّ يوثّق تفاصيل بشاعة العدوان ووحشيته .. عاجزٌ أن يروي مجزرة أطفال ضحيان التي حدثت بالأمس الماضي .. واليوم عاجزٌ أن يشرح مجزرة سوق آل ثابت التي حدثت عصر اليوم ، كلها حقائق باتت ترى بالعين المُجردة .. لكنّ قلمي لازال حاضراً في محرابه ؛ كي يُؤدي مهمّته في توثيق يوميات العدوان ووحشيّته وعن ما تنزف به جراحات وطني المظلوم.

إن هذا القلم الذي يتحدّث نيابة عن اللّسان الشحيح بات مُتحيراً وغارقاً في تفكيره ، كيف له أنّ يوثّق أشلاء المتسوّقين من النّاس ؟، كيف يصف حال الدماء التي تبخّرت والأرواح التي أُزهقت ؟ كيف يكتب عن الرؤوس المقطوعة ظُلماً وغدراً منذُ خمسة أعوام خلت ؟ كيف يُفتّش عن الجثث مجهولة الهويّة ؟ وعن الجرحى الذين نُقلوا للمستشفى علّهم يستمروا في الحياة أم أنّهم سيُفارقوها ؟

أين هي تلك المنظّمات الصّامتة التي تاهت في عمق القلق المُريب ؟ أين هي أصداء العالم التي تُنادي بالحريّة فلتُنادي بإجرام وغدر العدو ؟ أين هي أعين المحايدين الذين وقفوا مكتوفي الأيدي ولهم أعينٌ يبصرون بها ، لكنّ بصيرتهم أُعميت عن كل حقيقة وعن كل مجزرة أُرتكبت !

هاهي صعدة قد اكتست شوارعها بالسّواد ، لكنّها مُحال أن تنكسر عزيمتها وصمودها .. هاهي صعدة قد نزفت جراحات أبناءها وأصبحت نهر من الدماء الذي لا ينضب ، لكنّ البذل والعطاء لم يتوقف .. هاهي صعدة يتربّص بها الشر والمكر ، لكنّها واجهت الموت بكسرة الخُبز وببندقيّة المواجهة.

فصبراً صعدة الإباء والصمود ، صبراً يا شُعلة وقود المسيرة القرآنيّة .. صبراً صعدة الحسين والملازم ، ها أنتِ تُسقين العدو الأحمق بكأسٍ من حميم ، ومن كانوا من قبلهم قد استقوا من هذا الحميم الذي صلى بهم إلى سعير .. ها أنتِ تُثبتين من جديد بأنكِ لن نتكسري ولن تستسلمي للحصار وللجوع .. وتواجهي كل التحديّات والصعوبات ببندقيّة النّصر وبوابل الرصاص الذي نخر كل مخططات العدو ، صبراً صعدة النصر إنَّ مع الصبر نصراً .

#ملتقىالكتاباليمنيين

مقالات ذات صلة