تجارة مع الرحمن
عمران نت / 10 / 6 / 2019
// مقالات // أحمد محمد القمري
ليست هي المره الأولى ولن تكون الأخيرة، فما أن نادى المنادي عبر ذبذبات أثير إذاعة الحكمة اليمانية سام إف إم (حي على خير اليمن ) إلا ووجد هذا الصوت من يسارع إلى تلبيته والتفاعل معه من جميع فئات المجتمع اليمني الصامد ، إذ أن هذا النداء (حي على خير اليمن ) هو العنوان الأبرز لحملات متعددة أطلقتها الإذاعة عبر جبهة (صامد أنا وغيري)، البرنامج ذائع الصيت، الذي يعد أبرز نماذج الإعلام التعبوي الجهادي الهادف، والمثمر وعيا ورفدا ودعما ومساندة، وتجسيدا واضحا لمضامين الثقافة القرآنية، ويرصد صورا من تجليات رسوخها في وجداننا المجتمعي العام، عبر نافذه الإنفاق في سبيل الله بكل أشكاله وصورة، بحكم أن ثقافة العطاء والبذل والإنفاق عموما، أصيلة في عروق وأفئدة أبناء الحكمة والإيمان، على مختلف العصور والأزمنة، حتى وإن كانت الظروف الاقتصادية والمعيشية صعبة، غير أن نوازع الإيمان لها الغلبة على كل الظروف مهما كانت، فكلٌ يجود بما يجد لديه، ويبقى في قلبه تارجحات التمني، بأن يتسع حاله ليكون بذله وإنفاقه أكبر وأعظم.
وما حجم التفاعل والتجاوب المجتمعي مع الحملة الشعبية، ( من يمن الإيمان لمقاومة لبنان)، التي أطلقت مؤخرا عبر أثير إذاعة سام، إلا تجسيدا لأسمى غاية الجود والإنفاق، التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك، أن الشعب اليمني بصبره وصموده وإنفاقه، يقهر ويخزي أعداءه، الذين سعوا إلى تجويعه، وأحكمو عليه الحصار في ظل صمت أممي وخذلان عالمي … يقهرهم جميعا بتكاتفه داخليا وتضامنه خارجيا مع كل من وقف في صفه من أحرار العالم ، كما أن هذه الحملة تميزت عن سابقاتها من الحملات أنها جسدت حب وتقدير واعتزاز واحترام كل أبناء الشعب اليمني لحزب الله وقيادته الحكيمة، وجسدت الوحدة الإيمانية والأخوية الأصيلة، بين الشعب اليمني ومحور المقاومة من أبناء الشعب اللبناني المجاهد، وأكدت تطابق الرؤى والأهداف الجهادية بينهما، بما يؤسس لاندماج الأحرار جميعا في شعوب محور المقاومة لتصبح أمة واحدة.
وهو ما يتجلي بوضوح أمام المتابع لجبهة (صامد أنا وغيري) وحجم الاستشعار للمسوولية الدينية والوطنية والإنسانية، من خلال مواقف تستعصي على النسيان، ففي كل حلقه من حلقات البرنامج المتواصلة، قصص شتى تختلف في شخوصها وأوضاعهم وإمكانياتهم، لكنها إجمالا تجسد الإيمان في أبهى صور البذل والعطاء والتضحية، في تجلياتها النقية، بعيدا عن حسابات المصلحة أو تأرجحات الربح والخسارة .
وكمتابع للبرنامج وجدت الكثير من القصص التي ينبغي الإشارة إليها لعمق دلالتها ورسالتها، منها على سبيل المثال لا الحصر، قصة المتصل أبو عطان، الذي يقول: بكل اعتزاز وشموخ. .أنا فقير وبين أجمع صحات. .بعتهن ب 500 ريال وسانفقها لمجاهدي لبنان، وآخر يقول أتشرف بأن أشارك في رد جميل حزب الله وسأنفق في سبيل الله بمسدسي، وساورد قيمته إلى حساب الحملة، ولم يقتصر الإنفاق على الذكور أو الكبار فقط، فللمرأة المجاهدة مكانتها ودورها في صنع لوحة الجهاد والإنفاق اليماني، وما أكثر القصص في هذا الجانب، فتلك تنفق دبلتها الذهبية في سبيل الله، إلى روح أبيها وأخيها وخطيبها الذين استسهدوا جميعا. ..وأخرى زوجة أسير تتصل بالبرنامج، وهي تشعر بالتقصير، والعبرة تخنق صوتها، وتنفق بمستطاعها ولو كان بيدها لأنفقت ما في الأرض في سبيل الله .
وأم الشهيد لم تقف مكتوفة الأيدي، فمن جادت ودفعت بإبنها إلى جبهات الشرف والبطولة، وهي أسمى غاية الجود وأعلى مستويات التضحية والعطاء، هي أيضا لم تبخل بكل مستطاعها ، والأجمل إسهامات أطفال اليمن وحماسهم للمشاركة في حملة الإنفاق بمدخراتهم وجعالتهم.
كما أن الملاحظ أن أقارب الشهداء والمفقودين والجرحى كانوا يشاركون بكثرة وينفقون بأسماء شهدائهم ومفقوديهم وإلى نياتهم، وما أعظمها من نية وما أكرمه من إنفاق، إضافة إلى أن الجرحى أنفسهم كان لهم إسهاماتهم المخلصة في الحملة، ومن الصعب حصرهم، غير أن الأهم أن روح المبادرة والنفوس المعطاءة الباذلة بسخاء في سبيل الله، هي السمة الأبرز والانطباع العام لخصوصيات مرحلتنا الحالية، التي تفرض على الجميع استشعار المسولية أمام الله وأمام خلقه، فشرف الإسهام في الإنفاق في سبيل الله لا يعادله شرف، وسرعة المبادرة لنيل هذا الشرف الإلهي لم يفت بعد، وبالإمكان الإسهام، فمازالت الحملة متواصلة لاستقبال إنفاق المنفقين، وفي هذا فليتنافس المتنافسون،
وقد فاز من يتاجر مع الرحمن وهو حسبنا ونعم الوكيل