اللواء عثمان يستبق التحقيقات ويتجاوز البروتوكول ليصرح بحضور وزيرة الداخلية عن الوضع النفسي للإرهابي
عمران نت / 5 / 6 / 2019
// مقالات // عدنان علامه
ما صرح به اللواء عثمان في طرابلس يعتبر خطيئة لا تغتفر وتدخل سافر ومباشر في مجريات تحقيق لم تتجمع بعد عناصره الأولى. ويعطي بذلك إشارة لإنهاء التحقيق بخلق الذرائع لإرهابي زهق الأرواح البريئة بوحشية تامة وعن سابق إصرار وتصميم وهو بكامل وعيه وإدراكه. وسأعالج ذلك بالتفصيل في صلب المقالة . وهناك مخالفة مسلكية شكلا ومضموناً بوجود وزيرة الداخلية . فبوجود الوزيرة لا يحق لأي موظف بالتعبير عن الموقف الرسمي إلا إذا كان الأمر هو توزيع أدوار لتمرير مشيئة التيار الأزرق في تحويل مسار التحقيق .
وقد برر اللواء عماد عثمان للإرهابي فعلته وتباهى بأنه شخصياً أوقفه .ولكنه تلعثم في تببان حالته النفسية بين صيغة الماضي والحاضر. وهناك ثغرات كثيرة في تصريح المدير العام لقوى الأمن الداخلي وتناقض لا يتناسب مع الرتبة التي يحملها . ففي مقام يقول ” إننا على إطلاع دائم بأوضاع المتهمين بالإرهاب الخارجين من السجن” ويناقض نفسه في فقرة من تصربحه حين يقول “ولا نستطيع أن ندخل عقول الناس ونعرف كيف يفكرون” . فبالله عليكم حضرة اللواء عثمان هل تخبرنا كيف ستكون الغلبة للدولة وأجهزتها إذا لم تعرف كيف يفكر العدو وتتغلب عليه من خلال منطقه ؟وسأعود لبحث هذه النقطة بعد إثبات رجاحة عقل الإرهابي المبسوط فهو اختار بكامل إرادته عقيدة الفكر الوهابي التكفيري(نتيجة الجو السائد في المنطقة) ولم يتراجع عن هذا الفكر بالرغم من انتقاله إلى سوريا ومشاركته القتال مع الإرهابيين في سوريا وسجنه لاحقاً في لبنان حوالي السنة بتهمة الإنتماء إلى الجماعات الإرهابية.
ففي تحليل لمضمون ما بثته القنوات التلفزيونية من مقاطع صوتية ومصورة؛ فأننا نلاحظ ترابط المضمون وثبات الشخصية وبنفس نبرة الصوت القوية في رسالته المسجلة لزوجته والرسالة المصورة التي يذكر فيها الطواغيت. واستعمل الإرهابي التعابير التي تؤكد بأن لبنان أصبح بلد جهاد وليس بلد نصرة . فالغزوات تتم في البلاد المراد تحريرها وإقامة حكم الله فيها . وإن طريقة غدره بالجنود في سيارة الجيب تتبت بأنه مقاتل متمرس بالقتال. وقد إستعمل عدة زوايا للرمي بكل ثقة للتأكد من مقتل كل من كان في الجيب العسكري وهذا يدل على ثبات في التفكير. وتطليقه لزوجته يدل على سطحية معرفته بالأحكام الشرعية بأحكام الطلاق .وأما لغز الكتابة على المرآة يطلب فيها المسامحة من صاحب المنزل وفي نفس الوقت يسرف في قتل كل ما يمس بالدولة بصلة . وهذا ناجم عن فتوى بهدر دماء عناصر القوى الأمنية فقط.
وأما تصريح وزيرة الداخلية بقولها عن العملية بأنها عملية منفردة على غرار مبدأ “الذئاب المنفردة” فأني لا أتفق معها بأنها عملية منفردة . فقد طور الإرهابيون هيكلية عملهم بحيث أصبح عديد الخلايا لكل “أمير” بعدد أصابع اليد الواحدة ولا يعرفون بعضهم حتى لا ينكشفوا . وإن التخفيف من هول ما حصل لن يجدي نفعا . فمن يعرف أتباع الفكر الوهابي التكفيري يدرك جيدا” أنه من المستحيل أن يقوم الإرهابي “بغزوته” منفرداً لأن المنفذ مجرد عنصر تابع وليس بأمير . وتصريح اللواء عثمان بأنه لن يستطيع أن يدخل عقول الناس ليعرف كيف يفكروا، يناقض أدنى بديهيات الإعداد لمواجهة الخطر الوجودي على الدولة بكل مكوناتها . وتركز الجماعات الإرهابية على تحدي السلطة باستهداف المراكز العسكرية بهدف زعزعتها وإضعافها واستعمال تلك الهجمات كحافز رئيسي للتجنيد كما حصل في استهداف المراكز العسكرية في سوريا ولبنان سابقا وما جرى ويجري في سيناء حالياً. ويبدو أن هناك توجهاً سياسياً بالتخفيف من “غزوة” إستهدفت هيبة قوى الأمن الداخلي والجيش اللبناني . وللأسف فإن عرض المقاطع الصوتية ومشاهد الغدر بالجنود أعطى مادة دعائية مجانية للتكفيريين بإظهار مدى قوتهم وبطشهم . وتتحمل القنوات التلفزيونية مسؤولية الأثار السلبية على معنويات الجنود والمواطنين بهدف تحقيق السبق الإعلامي على حساب معنويات القوات النظامية . فعلى مديرية التوجيه التصدي بحزم لمنع نشر أي مشهد يمس بالهيبة والمعنويات العسكرية. والبعض قد يتحجج بحرية الصحافة ولكن هذه الحرية لا يجب ان تكون على حساب مصلحة الوطن. ويمكن التأسيس على ميثاق شرف إعلامي يضع مصلحة الوطن فوق كل إعتبار . وللأسف فأن الطبقة السياسية في لبنان تضع مصالحها الإنتخابية فوق كل إعتبار لبنان كما حصل مع “الحالة الأسيرية” في صيدا ورعاية “حالة الثوار السورييين” في عرسال والتدخلات التي منعت الجيش من التدخل لإنقاذ المخطوفين تحت مسميات مختلفة .
فمن بديهيات محاربة التكفيريين هي جمع المعلومات التفصيلية عن كل مجريات حياتهم بما فيها زرع عناصر استخبارية بينهم لتعرف نمط تفكيرهم وتتوقع خطواتهم المستقبلية . ولنا عبرة في التعامل العسكري الحازم مما حصل في اجتثاث الجماعات الإرهابية من جرود عرسال وراس بعلبك . وأيضاً علينا أن نأخذ العبرة من الأثار السلبية للتدخل السياسي كما حصل أثناء توقيف شادي المولوي واحتضان بعض الجهات الرسمية “للحالة الأسيرية” في صيدا .
فكفوا أيديكم عن التدخلات السياسية ليتم جمع المعلومات الإستخبارية عن الإرهابي غير الفاقد للأهلية العقلية والبدنية ويتم كشف الحقائق بشفافية للشعب اللبناني الذي حرم من الإحتفال بعيد الفطر السعيد .
فالأحكام والتصريحات والإستنتاجات المسبقة تعتبر تدخلا في مسار التحقيق وهي بمثابة ورقة ضغط على المحققين .
وبإنتظار نتائج التحقيق
وإن غداً لناظره قريب
05/06/2019