// تقارير // الوقت
كشفت دراسة اقتصادية للأمم المتحدة نُشرت في بداية شهر مايو الحالي، إن الحرب العبثية التي تشنّها قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي على اليمن أثّرت بشكل كبير على النمو الاقتصادي في هذا البلد الفقير.
وحذّرت هذه الدراسة أيضاً من الآثار السلبية والمتنامية لهذه الحرب على التنمية البشرية في اليمن، وأشارت تلك الدراسة أيضاً إلى أنه إذا انتهت الحرب عام 2022، فإن التنمية الاقتصادية في هذا البلد ستحتاج إلى 26 عاماً تقريباً لتتعافى، وإذا ما استمرت الحرب حتى عام 2030، فإن التخلف سيزداد في هذا البلد ليصل إلى أربعة عقود. وفي هذا الصدد، قال “أخماي شتاينر”، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مجلس العلاقات الخارجية الذي يتخذ من نيويورك مقراً له: “بعد أربع سنوات من الحرب، عاد اليمن نحو ربع قرن إلى الوراء في مجال التنمية الاقتصادية والبشرية”.
وأظهرت هذه الدراسة أيضاً أنه إذا انتهت الحرب عام 2019، فإن الخسائر الاقتصادية ستكون حوالي 88.8 مليار دولار، وتقدّر هذه الدراسة أنه بحلول عام 2030، سيعيش 71 في المئة من سكان اليمن في فقر مدقع، و84 في المئة منهم سيعانون من سوء التغذية، والخسائر الاقتصادية المقدّرة ستصل لحوالي 657 مليار دولار. وكشفت هذه الدراسة أيضاً بأن عدد الوفيات الناجمة عن نقص الغذاء والخدمات الصحية وخدمات البنية التحتية ازدادت بمعدل خمس مرات عن الوفيات الطبيعية.
تقرير البنك الدولي عن الوضع الاقتصادي في اليمن
لقد أثّرت الحرب العبثية التي شنّتها قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي بشكل كبير على الاقتصاد اليمني، وتسببت بحدوث خسائر بالمليارات لهذا البلد الفقير، وتسبّبت أيضاً في تفاقم الوضع الاقتصادي وتفكك النسيج الاجتماعي لليمن مع دخول الصراع القائم عامه الخامس، في حين تظل الإحصاءات الرسمية غير متوافرة إلا أن المعلومات الجزئية المتاحة والتقديرات الأولية تشير إلى أن معدل الناتج المحلي الإجمالي انكمش بنسبة تراكمية مقدارها 39 بالمئة منذ نهاية العام 2014.
وحول هذا السياق، أوضح تقرير صادر عن البنك الدولي قام برصد الأوضاع الاقتصادية لليمن في 2019، أن الحرب الوحشية تسببت في اضطرابات واسعة النطاق للأنشطة الاقتصادية، مع انخفاض كبير في عمليات القطاع الخاص، وتسريح جماعي للقوى العاملة في البلاد في القطاعين العام والخاص.
وأرجع التقرير انكماش الاقتصاد اليمني إلى توقف إنتاج النفط والغاز وتصديرهما منذ عام 2015، باستثناء بعض الإنتاج المحدود في حقل صافر وحوض المسيلة، وانخفضت تحويلات المغتربين والاحتياطيات الأجنبية، وتوقف المنح والقروض، مع توقف الوفاء بالتزامات الديون الخارجية منذ مايو 2016.
وأوضح تقرير البنك الدولي، الذي استمد بياناته من مصادر في وزارة المالية والبنك المركزي اليمني وصندوق النقد الدولي وتقديرات الموظفين، أن وظائف البنك المركزي الأساسية حتى وقت قريب ظلت مجزّأة وتعطّلت إلى حد كبير، ما زاد من التحديات الاقتصادية والإنسانية.
وأكد التقرير أن انقسام المؤسسات الاقتصادية المركزية القائمة، مثل البنك المركزي اليمني إلى جانب حالة النزاع، أدّى إلى إضعاف التوزيع الطبيعي لواردات ومعونات الغذاء.
وتوقع البنك الدولي زيادة معدل الفقر في عدد الأفراد الذين تم تحديدهم باستخدام خط الفقر الدولي للبنك الدولي لاستهلاك الفرد اليومي البالغ 1.90 دولار، ليصل إلى 52% تقريباً من السكان في عام 2019.
وأشار تقرير البنك الدولي أن موجات الهبوط المتكررة في أسعار الصرف، أدّت إلى زيادة تقويض دخل الأسرة، وفقاً لأحدث تصنيف لمرحلة الأمن الغذائي المتكاملة في ديسمبر 2018، ما يقرب من 20.1 مليون شخص في اليمن، أي 67 بالمئة من السكان، يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأكد التقرير أن الصراع والأزمة الاقتصادية التي تلت ذلك من بين الدوافع الرئيسة لانعدام الأمن الغذائي في اليمن، ولا يزال الانضمام إلى ميليشيا أو غيرها من الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالنزاع هو الفرصة الوحيدة المربحة في اقتصاد الحرب.
وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية التي يعيشها اليمن، توقّع البنك الدولي أيضاً في تقريره بدء تعافي اقتصاد هذا البلد الفقير اعتباراً من العام الحالي، ليحقق في 2021 نمواً نسبته 8.5%، مسجلاً بذلك أعلى معدل نمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ويقول تقرير البنك الدولي، إن الاقتصاد اليمني سينمو خلال العام الحالي بنسبة 2.1%، وفي العام القادم 10%، فيما الملفت أن هذا النمو الإيجابي المنتظر، والمرتفع جداً يسبقه في 2018 انكماش نسبته 2.7%. ويربط البنك توقعات الانتعاش السريع باحتواء أعمال العنف وتوقف الحرب في هذا البلد.
الشروط الأساسية لتحسّن الظروف الاقتصادية في اليمن
على الرغم من هذا التفاؤل الذي ذُكر في تقرير البنك الدولي، فإن تهيئة بيئة اقتصادية إيجابية تتطلب توقف الحملات العسكرية البربرية التي تشنّها قوات تحالف العدوان السعودي الإماراتي على اليمن، والذي يبدو بأنه ليس هناك أي أمل واعد في إيقاف تلك الهجمات البربرية في المستقبل القريب.
لقد عرفت اليمن دائماً بأنها أفقر دولة عربية، وذلك بسبب أنها شهدت العديد من النزاعات الداخلية وتدّخل القوى الإقليمية والدولية في شؤونها الداخلية منذ ستينيات القرن الماضي.
ولقد تسببت الحرب بين الجزأين الشمالي والجنوبي من البلاد التي وقعت عام 1994 إلى هروب العديد من رؤوس الأموال وزيادة الإنفاق العسكري وشراء الأسلحة من قبل الحكومة.
ولكن الأوضاع زادت سوءاً منذ قيام تحالف العدوان بقيادة السعودية بشنّ حرب همجية عام 2015 على اليمن، وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحصار المفروض على اليمن منذ أربع سنوات إلى جانب تدمير تحالف العدوان السعودي للبنية التحتية اليمنية، قد جعل الاقتصاد اليمني اقتصاداً مفلساً وضعيفاً.
لذلك، ينبغي على أبناء الشعب اليمني في وقتنا الحالي بذل الكثير من الجهود لإعادة الأمن السياسي إلى بلادهم من أجل استعادة التنمية الاقتصادية وإنقاذ الملايين من الناس من الفقر المدقع.