عمران نت / 19 / 4 / 2019م
// تحليلات // وكالة الصحافة اليمنية
للمرة الأولى في تاريخ اليمن، وجدت محافظة الحديدة نفسها في صدارة المدافعين عن اليمن الكبير، وعنواناً لانتصاراته “المذهلة والمشرفة”، وقد قاتلت ببطولة وفدائية نادرة جنباً إلى جنب مع كل شرفاء وأحرار اليمن، معلنة عن ميلاد “كرامة” سيكتب التاريخ أن ذروة سنامها كانت أرض تهامة.
في سنوات طويلة عانت الحديدة – المحافظة والناس – من تجاهل “السلطات المتعاقبة على حكم “اليمن”، وتعمدها التقليل من شأن هذه المحافظة التهامية الأصيلة والعريقة تاريخاً وحضارة..غير أن التعامل غير اللائق معها تغير تماماً، ومنذ أربعةأعوام انتفضت الحديدة كمارد لا يقبل أن يكبل بأغلال العبودية، ولا أن يدوس أي عدو أرض بلاده..ولابد أن ماسطره أبناء تهامة من بطولات مذهلة ستُحفر في ذاكرة
التاريخ.. التاريخ الذي عادت إلى واجهته كقائدة ورائدة.
ارتبطت الحديدة مع الرئيس الشهيد صالح الصماد بعلاقة قوية طابعها الصدق والوفاء، وقد اختار الرئيس الذي لم يكمل عامه الأربعين أن يرابط باستمرار على هذه الأرض “الطيبة الأصيلة”، ليقاتل إلى جانب مقاتلين أسطوريين..وبإباء القائد العظيم قرر الصماد أن يبذل روحه ودمه في سبيل الحديدة، وذاك ما حدث بالفعل.
في الحديدة أرتقت روح الصماد إلى بارئها، ليدون التاريخ أن الشهيد الصماد كان أول رئيس يواجه أعداء بلاده بشجاعة منقطعة النظير، وفي مدينة كان يحث الخطى والتعزيزات حثيثاً إليها، لدعمها ومؤازرتها كي لا يتمكن منها عدو متربص يريد إذلالها، بينما أراد لها الرئيس الشهيد أن تبقى دائماً وأبداً حرة أبية وعزيزة.
قبل استشهاد الرئيس الصماد بعد عملية غادرة من قبل قيادة تحالف العدوان على اليمن في 19 إبريل العام الفائت، استشعر الرئيس الشاب الخطر الذي يقترب من الحديدة، فسارع بالدعوة إلى “مسيرة البنادق” دعماً لجبهات الساحل الغربي، واسناداً للأهالي في المحافظة التي مدت يدها بالخير لكل اليمن.
تنقل الصماد في مختلف الجبهات، وكان حاضراً مع “الحديدة” كقائد مخلص وشجاع، وكإبن بار حتى نال شرف الاستشهاد على ثراها الطاهر.. ولطالما أكد الرئيس الشهيد أن الحديدة تستحق أن تبذل الأرواح فداء لها.
واليوم تواجه الحديدة خطراً هو امتداداً لذلك الذي حذر منه الرئيس الصماد ودعا إلى مواجهته بالمال والسلاح والرجال..ويبدو أن عزيمة الرجل الذي قضى أغلب فترة مسئوليته عن المجلس السياسي الأعلى قريباً من الحديدة متعايشاً معها سواء في ما تواجهه من مخاطر أو ما تقدمه من بطولات وتضحية، يبدو أن عزيمته ما زالت تثير غيرة المقاتلين التهاميين الأحرار والشرفاء، وتلهب حماسهم وتدفعهم بإيمان وشجاعة وإخلاص إلى أن يحيلوا صحاري الحديدة وسهولها إلى جحيم..كما جرت عليه عادتها منذ ثلاثة أعوام ونصف، حيث انكسرت على أبوابها مئات الزحوفات والقتلى ولم تستطع ترسانة التحالف العسكرية الجبارة من اسقاطها، فسقطت ألوية غازية وأخرى عميلة وصمدت الحديدة.
لن تكون الحديدة سهلة المنال أبداً لأي غازٍ ومحتل، ولن تقبل أبداً أن تصبح مطية لأي خاين وعميل ومرتزق.. ستمضي في طريق “الله” الذي اختارته، وستكون عنوان عريض لعزة اليمن وشموخه وثباته..هكذا يؤكد الأبطال من أبناء تهامة الذين ما زالوا يستحضرون أخر كلمات الرئيس الشهيد صالح الصماد لهم قبيل استشهاده :” أن المواجهة الحالية للعدوان تشكل مرحلة فارقة، لكن نحن متأكدين أن محافظةالحديدة عصية على الغزاة وأدواتهم..وسنكون معكم وسنقف إلى جانبكم ولن نخذلكم أبداً”، وبالفعل لم يخذل الصماد الحديدة وأبنائها.. لم يخذلها وأختار راضياً أن تكون هي محطة الشرف الأبدية في حياته.