“بيبي ملك إسرائيل” يحكم سيطرته على كرسي الحكم في الأراضي المحتلة.. الأسباب والدلائل
عمران نت / 15 / 4 / 2019م
// نقارير // الوقت
انتهت الانتخابات البرلمانية الصهيونية التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي 20 أبريل، بفوز حزب “الليكود” الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو”، وحول هذا السياق، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن حزب “الليكود” الإسرائيلي تمكّن من الفوز بـ 36 مقعداً على حزب “أزرق أبيض” الذي كان يعدّ منافسه الأبرز والذي تمكّن من الفوز بـ 35 مقعداً، وبالتالي فلقد تمكّن “نتنياهو” المشهور بـ “بيبي ملك إسرائيل”، من تسجيل رقم قياسي نظراً لاستمراره بالوجود على رأس هيكل سلطة الكيان الصهيوني وفي سياق متصل لفتت تلك المصادر الإخبارية إلى أن الشيء المميز في هذه الانتخابات يتمثل في فوز اليمين المتطرف للمرة الثالثة على التوالي في الساحة السياسية الإسرائيلية على الرغم من اعتقاد العديد من الخبراء السياسيين بأن المشكلات الاقتصادية الداخلية، وتهم الفساد المتعددة ضد حكومة “نتنياهو”، والإخفاقات الإقليمية التي مُني بها الكيان الصهيوني خلال فترة “نتنياهو”، سوف تفسح المجال أمام المنافسين للفوز في هذه الانتخابات البرلمانية ولكن للأسف الشديد حدث العكس وفاز حزب “نتنياهو” مرة أخرى.
وهذا الأمر شدّ انتباه العديد من المحللين السياسيين الذين عبّروا عن تعجبهم من حدوث مثل هذا الأمر خاصة وأنه في وقت سابق تم الإطاحة بحكومة “أولمرت” قبل عقد من الزمان عندما هُزمت حكومته أمام حزب الله اللبناني وعندما تم توجيه العديد من تهم الفساد لـ “أولمرت” ولهذا فلقد قمنا بكتابة هذا التقرير لفهم هذا التناقض الحاصل في السلوك الانتخابي للمجتمع الإسرائيلي ولتسليط الضوء أكثر على الجهود التي تقوم بها حكومة “نتنياهو” لإضفاء الطابع المؤسسي اليميني على المجتمع اليهودي في “إسرائيل”.
دور الصهاينة المتدينين في تشكيل الدولة الصهيونية
إن أحد الأسباب الرئيسية وراء استمرار وجود أعضاء اليمين المتطرف أو الصهاينة المتدينين المتطرفين، على رأس بنية سلطة الدولة الصهيونية خلال الفترة السابقة وحتى الآن، يرجع إلى طبيعة الأفكار الصهيونية التي تعدّ أفكاراً استعمارية تحاول فرض سيطرة اليهود على العالم.
يذكر أن الصهيونية تعدّ حركة سياسية ظهرت أواخر القرن التاسع عشر الميلادي داخل التجمعات اليهودية في وسط وشرق أوروبا، وقامت على فكرة إيجاد كيان سياسي ينهي حالة الضياع التي عاشها اليهود منذ إخضاعهم من قبل المملكة الآشورية، وفق المعتقدات التلمودية، وتسمح بعودة الشعب اليهودي إلى الوطن أو الأرض الموعودة فلسطين.
لقد قامت الحركة الصهيونية على فكرة أن شتات اليهود عبر العالم نزعت صفة الأمة عنهم وحرموا من إقامة كيان أو كيانات سياسية ما يضمن لهم التميز من الناحية الاجتماعية ويبعد عنهم خطر الذوبان داخل المجتمعات الأوروبية التي كانوا يعيشون داخلها أقليات تعاني التهميش والاحتقار وتبقى على هامش الحياة السياسية والاقتصادية، ويعود ظهور الحركة الصهيونية لأسباب عدة منها فشل المسيحية الغربية في التوصل إلى رؤية واضحة لوضع الأقليات على وجه العموم، ورؤيتها لليهود على وجه الخصوص باعتبارهم قتلة المسيح ثم الشعب الشاهد (في الرؤية الكاثوليكية) وأداة الخلاص (في الرؤية البروتستانتية) كما ساعد انتشار الرؤية الألفية الاسترجاعية والتفسيرات الحرفية للعهد القديم التي تعبِّر عن تزايد معدل العلمانية.
وفي حين لعب وضع اليهود كجماعة وظيفية داخل المجتمع الغربي وهو وضع كان مستقراً إلى حد ما إلى أن ظهرت البرجوازيات المحلية والدولة القومية العلمانية (المطلقة والمركزية) فاهتز وضعهم وكان عليهم البحث عن وظيفة جديدة بالإضافة لمناقشة قضية إعتاق اليهود في إطار فكرة المنفعة، ومدى نفع اليهود للمجتمعات الغربية وفي الوقت ذاته يجادل بعض المفكرين بأن عدة عوامل مجتمعة أدت في النهاية إلى ظهور هذه الحركة، فمنهم من يرى أن رهاب اليهود، والاضطهادات، والمجازر بحق اليهود (مثل الهولوكوست) إضافة إلى مساعدة الاستعمار الأوروبي لها أدّت مجتمعة إلى ظهور الحركة الصهيونية وزيادة قوتها على الأرض.
لقد شكل قيام “إسرائيل” انتصاراً لفكرة الدولة اليهودية كما بشّر بها “هيرتزل”، لكن الحركة الصهيونية بدأت تنزع بشكل مضطرد إلى مزيد من العلمانية، كما بدأت تنزع نزعة عنصرية متطرفة تطورت مع توالي السنين من مطلب جمع اليهود في فلسطين إلى إقامة دولة على أنقاض دولة فلسطين ثم طرد العرب منها وإقامة دولة يهودية خالصة.
إن الحركة الصهيونية ومعها “إسرائيل” تصنف في كثير من أرجاء العالم، بأنها حركة ودولة عنصرية ليس لمواقفها من العرب وإنما لتمييزها بين اليهود أنفسهم، ومن أمثلة ذلك تهميش يهود الفلاشا الأحباش ويهود المشرق والمغرب الإسلامي.
الظروف الأمنية الإسرائيلية وتأمين الفضاء المعيشي الآمن للإسرائيليين
في الأشهر الأخيرة، زاد قلق المجتمع الإسرائيلي جراء تزايد الأزمات في منطقة الشرق الأوسط ومن أبرز العوامل التي زادت من ذلك القلق تمثلت في الانتصارات الميدانية التي حققتها قوات محور المقاومة في سوريا والعراق وانتشار العديد من التقارير التي تفيد بتزايد القدرات العسكرية والصاروخية لحزب الله وحماس، والأهم من ذلك، تفاقم التوترات في المناطق الفلسطينية المحتلة بسبب غباء سياسات “نتنياهو” العدوانية ضد الفلسطينيين، وقبول الحكومة الإسرائيلية بخطة “ترامب” المشؤومة والبدء باحتلال الجولان السوري.
بطبيعة الحال وفي مثل هذه الظروف الأمنية السيئة التي تعيش فيها المنطقة، والتي بثت الذعر في نفوس سكان الأراضي المحتلة، قام الصهاينة المتطرفون، أو أعضاء اليمين المتطرف، الذين لعبوا دوراً رئيساً في تشكيل هذا الكيان الغاصب، بالاستفادة من هذه الظروف الأمنية وإظهار أنفسهم بأنهم هم من كانوا الضامن لبقاء الدولة اليهودية في حروب الماضي وأنهم هم الذين سيكون بمقدورهم المحافظة على دولة “إسرائيل” في المستقبل ولهذا فلقد ركز “نتنياهو” خلال الفترة القليلة الماضية على توسيع المستوطنات وضم المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية المحتلة إلى الأراضي المحتلة، والإعلان بأن قرارات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” المتعلقة بمنطقة الجولان ومدينة القدس الشريف، جاءت نتيجة لسياساته وعلاقات بلاده القوية والمتينة مع واشنطن.