محور المقاومة وعملية كيّ الوعي لمجتمع الصهاينة
عمران نت / 15 / 4 / 2019م
// مقلات // علي حكمت شعيب
أستاذ جامعي
إن المراقب الراصد للبيئة الاستراتيجية التي يتواجد فيها محور المقاومة بعواملها وتغيّراتها، يرى أن مَثَلَ محور المقاومة والكيان الصهيوني الغاصب كمثل شجرتين الأولى:
شجرة طيبة “أصلها ثابت وفرعها في السماء تُؤتي أُكُلَها كلَّ حين بإذن ربها”
فشجرة محور المقاومة تتجذر في أرضها وتنمو بسرعة وتسارع قياسيين، ويستفيد من ثمرها الطيب كل حين شعوب المنطقة والمستضعفين في العالم عزةً وكرامةً وسيادةً وتحرراً وعنفواناً وثباتاً وصموداً وعزماً وإرادة.
والثانية شجرة خبيثة، ستُجتثّ من فوق الأرض بإذن الله لأنه لم يثبت لها قرار في المنطقة، رغم كل المحاولات الدبلوماسية الجادة منذ نشوئها، من قبل رعاتها الغربيين وعلى رأسهم الراعي الأمريكي من أجل التطبيع الثقافي والسياسي الناعم، وكل المحاولات العسكرية الإجرامية للتطبيع القهري الصلب.
وقد أصيبت تلك الشجرة الخبيثة بالصميم فاعتلّت وتشوهّت، وأصبح نموها بطيئاً جداً مقارنة بشجرة محور المقاومة الطيبة بعد الصدمة الاستراتيجية التي أصابتها في حرب تموز ٢٠٠٦.
وبعد ارتدادات تلك الصدمة المتتالية منذ ذلك الحين التي ضربت الوعي الإسرائيلي الحاضن لها، عندما جعلته دون أفق واضح وأرض ثابتة يستطيع الوقوف والصمود عليها في مواجهة التحديات العسكرية المستقبلية لأي حروب قادمة.
فلقد استطاع محور المقاومة أن يُلحق خلال العقدين الماضيين ضرراً استراتيجياً كبيراً في قوة الردع لدى جيش الكيان الصهيوني الغاصب على الرغم من امتلاك هذا الجيش أحدث الأسلحة والتقنيات العسكرية مما جعل جدار ثقة المجتمع الصهيوني به يتآكل مدخلاً الرعب إلى وعي أفراد هذا المجتمع.
فالدبابة المتطورة التي كان يجتاح بها برياً سقطت في الميدان، والقبب الحديدية التي أنفق عليها المليارات من الدولارات لتحميه من أمطار المقاومة الحارقة اعترتها الثقوب.
والملائكة التي كان يعتقد خياله الديني والعملي أنها تقتل أعداءه بسهولة وترميهم بحجارة من جهنم تهاوت من الجو وسقطت.
وما يزيد في تفاقم الثغرات التي أحدثها محور المقاومة في جدار الوعي لديهم، تعاظمُ الموارد المعنوية والمادية لا سيما منها التكنولوجية في الميدان العسكري وتوسّع الموارد البشرية التي بات يمتلكها هذا المحور، ذات الروح المعنوية العالية والخبرة القتالية المتراكمة والمستعدة للإنخراط في المعركة المقبلة، التي يتمنى كل حرّ في العالم أن تكون هي الأخيرة مع هذا الكيان الصهيوني الغاصب، لتضمّ بهذا التوسع أحراراً ودولاً جديدة وازنة في المنطقة وتُنشىء تحالفات مع لاعبين دوليين أساسيين، ينبغي العمل على استمرار دعمهم وتحالفهم مع محور المقاومة بالاستفادة من المساحات المشتركة لتقاطع الفرص والتهديدات في البيئة الاستراتيجية معهم، مع الرغبة الصادقة في الوفاء بالعهود والتعهدات وصيانة التحالفات.
وما نزوع المجتمع الصهيوني في السنوات الماضية الى دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة الحديثة العهد، على حساب الأحزاب اليمينية والأحزاب اليسارية التقليدية والعريقة، كما شهدنا في الانتخابات الأخيرة للكنيست منذ أسبوع، إلا توجه لردم تلك الثغرات التي أحدثها محور المقاومة في جدار الوعي لديه.
هذا جزء من صورة المشهد الاستراتيجي للبيئة التي يتواجد فيها هذا الكيان الغاصب، وهذه الصورة غير بعيدة عن رؤية صناع القرار فيه ورعاتهم من الطغاة الأمريكيين وحلفائهم.
وهو مشهد ينذر بالشؤم والإحباط والقنوط ومليء بالتهديدات الكبرى الجديّة لهم.
إن الزمن كفيل بأن يجعل تلك الصورة الاستراتيجية أكثر ظلمة وإبهاماً وأشد حيرةً وتهديداً لهم.
حيث ستبدو الشجرة الخبيثة للكيان الصهيوني كنبتة مريضة غير قادرة على النمو أمام شجرة محور المقاومة العظيمة الضخمة المتنامية.
إلى درجة سنشهد فيها بداية تشكل قناعة عند حاضنتهم الشعبية وعند المؤثرين فيهم من أصحاب القرار بأن لا أمل للانتصار في أي حرب مقبلة.
عندها ستضعف إرادتهم بشكل دراماتيكي وتنحو منحى الانكسار وما الحرب إلا كسر إرادة العدو على القتال.
بناء على ما تقدم:
لا يحتاج محور المقاومة إلى استعجال الحرب لأن الزمن يعمل لصالحه ووفق هذا المبدأ يتفهم المراقب حرص بعض المخلصين، من الداعمين والمؤيدين لهذا المحور، على التهدئة تمهيداً للحوار والتفاوض مع اللاعبين الدوليين الداعمين لهذا الكيان الغاصب.
المطلوب وبشكل أساسي من محور المقاومة، فضلاً عن بناء التحالفات مع اللاعبين الدوليين الأساسيين المتضررين من الاستبداد الأمريكي والتفرد في صناعة القرار في النظام العالمي.
استكمال عملية كيّ الوعي للمجتمع الصهيوني بصدمات قوية تهزّه ضاربة مرتكزاته الفكرية بشكل مستمر من أجل إضعاف إرادة شعبه عند أي تحديات مستقبلية لا سيما منها العسكرية.
ديمومة الثبات والصبر على الألم الناشىء من ضغط العقوبات الاقتصادية للطاغية الأمريكي والتي ربما تكون إحدى آخر وسائله المستخدمة بعد إخفاقاته وفشله المتكرر في حروبه العسكرية المباشرة وغير المباشرة على دول محور المقاومة.
وهذه عملية تُلقي بجزء من أثقال مسؤولياتها على الإعلام المقاوم وأصحاب القلم الحرّ والفكر النيّر والبصيرة الثاقبة من المؤيدين والمنتسبين إلى محور المقاومة.
إن من يحلّل ويخطط استراتيجياً لا يرى لهذا الكيان الصهيوني الغاصب موقعاً في البيئة الاستراتيجية في المدى المتوسط فضلاً عن البعيد .
فهو زائل لا محالة، وفق مبادئ وآليات التخطيط الاستراتيجي السليم.
وقد يشهد غرب آسيا تحولاً نوعياً مصيرياً في وقت ليس ببعيد، سيُلقي بظلاله على النظام العالمي عندما سترتقي دول من محور المقاومة الى دائرة التأثير على الصعيد الدولي وحين سينهار هذا الكيان الغاصب على يد محور المقاومة.
وسيُعاد تركيب المشهد من جديد لكن بصورة مقابِلَة، عندما سنعاين هجرة اليهود الصهاينة وتقهقرهم من المنطقة بنفس الطريقة السهلة التي هجّروا فيها أهلنا من فلسطين عام ١٩٤٨.