الهُـوية اليمنية… استعادةُ التعافي وإسقاطُ المؤامرة
منذ زمنٍ بعيدٍ، فتح اليمنُ أمام الحملات الاستعمارية الثقافية واقتناص هُـوِيَّته الأصيلة؛ بهدفِ تذويبها، وفي ظل غياب الأمن الثقافي وتضعضُعِ القلاع الفكرية، تعرضت هُـوِيَّةُ اليمن لزلزال حقيقي لكنها لم تسقط، وهي راهناً تعيشُ محطةً جديدةً من الاستهداف من قبل قوى العدوان على اليمن، بشكل خاص وفي سياق الاستهداف الشامل للأُمَّــة الإسْـلَامية في هُـوِيَّتها الذي يأخذُ أنماطاً عدة ومكثّفة منذ سعي دول الاستكبار مطلعَ هذا القرن لفرض منظومة سياسيّة وثقافية واقتصادية أُحادية كنموذج أوحد يلغي خصائصَ وهُـوِيَّاتِ سائر الدول والشعوب، سيما العالمين العربي والإسْـلَامي الغارقين في استلاب وتبعية المنظومة الرسمية الحاكمة وفي غياب المشاريع العملاقة والفاعلة إلا من استثناءات معدودة، منها ما هو حاصلٌ في اليمن خُصوصاً منذ بزوغ فجر المسيرة القُــرْآنية كمشروع لقائد استثنائي وعَلَمِ هُدَىً سلّم الراية لنظيرٍ آخر لا يختلفُ عنه، وَإذَا كانت الهُـوِيَّةُ تمثلُ لكل أُمَّــةٍ وشعبٍ القلعةَ الحصينة للبقاء والصمود أمام التحديات فإنَّ القائدَ هو الملهمُ للأُمَّــة للشعب، وهو الأكثرُ إمكانيةً في تعزيز ثقة الجماهير بذاتها وهُـوِيَّتها، وبقدراتها على البناء والتغيير والمواجهة وتحقيق المَنَعة اللازمة للهُـوِيَّة ومجموعة القيم والمبادئ والثوابت المائزة المتفَق عليها جمعيًّا، ومن هُنا فقد اخترت الاتكاء على خطاب قائد ثورة الاستقلال ومعركة التحرّر الوطني في تناول هذا الموضوع من نواحيه المختلفة التي تبدأ مع تعريف الهُـوِيَّة وتمر بمظاهر استهدافها أمريكياً وسعوديّاً، وصولاً إلى الحسابات التي يضعها العدوُّ في حصّالته الاستعمارية وغير ذلك..
عبدُالحميد الغرباني
الهُـوِيَّةُ: الماهيةُ والأهميّة
الهُـوِيَّةُ تعني كاملَ الانتماء بكل أبعاده الثقافية والاجتماعية والمعنوية والمادية، وتعد الهُـوِيَّةُ قضيةً محورية لأي شعب أَو أُمَّــة وعلى الصعيدين الأمني والتنموي. يقول قائد الثورة السيد عَبدُالملك الحوثي في خطاب ذكرى دخول اليمنيين الإسْـلَام (جمعة رجب) العام 1439ه ــــ 2018م “الهُـوِيَّةُ نمطُ حياة تعتمدُ على عقائدَ، تعتمد على مفاهيمَ، تعتمد على أعراف، على عادات، على تقاليد على كذلك أفكار معينة، ثقافات معينة” وهُـوِيَّة اليمن -كما يقدمها السيد القائد- (هُـوِيَّةٌ إيْمَـانية، يمكن التعبير عنها بما تحدث عنه الرسولُ صلواتُ الله عليه وعلى آله حين قال: (الإيْمَـان يمان) بمعنى أن الإيْمَـانَ عمودُ الهُـوِيَّة اليمنية والانتهاء الحقيقي لها.. وحين يضعف التمسك والالتزام به في نفوس الشعب اليمني تغدو الهُـوِيَّةُ في جوهرِها مفقودةً..
في كتابه مطالعات وتأملات يعرّف محمد ناجي أحمد الهُـوِيَّةَ اليمنيةَ بأنها (تركيبٌ مزجي من العروبة والإسْـلَام يستحيل فصلهما ويمكن أن نسمِّيَها بالهُـوِيَّة الإيْمَـانية التي تتكونُ من النزوعِ الدائم للحرية والكرامة والسيادة والعقيدة والعروبة)..
أما أهميّةُ الهُـوِيَّة فلا شك في أنها الوعاءُ الوطني الكبير لأي شعب، الوعاءُ الذي يجعل منه وبه كياناً مستقلّاً وقوياً، ونقطة الارتكاز التي تمكّنه من الانطلاق لتحقيق الأَهْدَاف العليا، وهي جِدارُه الصلبُ والمنيعُ الصادّ لأيةِ محاولات استعمارية للنيل من وحدته وتماسكه وقوته..
والهُـوِيَّة اليمنية تمثل منعةً حقيقيةً للشعب اليمني في وجه كُــلّ التحديات التي تعصفُ به وعلى مر التأريخ كانت قاعدة صموده الاستراتيجي أمام حملات الغزاة يقول السيد عَبدالملك في سياق حديثه عن أهميّة الهُـوِيَّة الإيْمَـانية: “تمثل أهم وأعظم ما يمكن أن نتماسك به، ما يمكن أن يحافظ على وجودنا، ما يمكن أن يمثل أهم عامل قوة بالنسبة لنا، أهم ضمانة لفلاحنا ونجاحنا وصلاحنا وقوتنا وعزتنا وكرامتنا ومنعتنا، وأهم ما يمكن وأعظم ما يمكن أن نعتمد عليه ونستند إليه في مواجهة كُــلّ التحديات، وكل الأخطار، فلا تتمكّن من أن تهد كياننا، ولا تقضي على وجودنا كأمة عظيمة وشعب عظيم”.
مظاهرُ استهداف هُـوِيَّة اليمن من قبل العدوان
غيرَ مرة وفي أكثرَ من خطاب، يلفت قائدُ الثورة السيد عَبدالملك الحوثي إلى أن العدوانَ الأمريكي السعوديّ يستهدف اليمنَ في الهُـوِيَّة الإيْمَـانية، ويركّزُ على سحق ما تبقى منها على نحو حثيث وممنهج في خطابه المشار إليه سابقاً يؤكّــد قائدُ الثورة أن الهُـوِيَّةَ على صلة وعلاقة وثيقة جِــدًّا بالصراع والعدوان على اليمن، وأن جوهر المعركة على واقع الشعب اليمني وعلى مستوى الأُمَّــة هي معركة سيطرة والسيطرة تستدعي في المقام الأول كما يشير السيد القائد، سحق الهُـوِيَّة الإيْمَـانية لليمن..
وضمن مسار تتبعنا لمظاهر استهداف الهُـوِيَّة اليمنية، يرى الباحثُ في الفكر الإسْـلَامي الدكتور عرفات الرميمة أن “العدوان الأمريكي السعوديّ لم يكن إلا الحلقةَ الأخيرةَ من مسلسل العدوان على الهُـوِيَّة اليمنية -التي استهدفت منذ وقت مبكر- من خلال نشر المذهب الوهّابي الذي عمل على كسر النسيج الاجتماعي اليمني المتعايش ما بين زيدية وشافعية وتسميم حياة اليمنيين واغتيال تعايشهم”، ويتابع الرميمة “في سبيل نفي الوجه الفكري والثقافي لليمن تم تفريخ مراكز ومؤسّسات هادمة تحت مسميات دور الحديث وجامعات الإيْمَـان وغيرها وُصُولاً إلى تأليف مناهج دراسية وهَّابية قدمت للأجيال المتعاقبة”..
تبرزُ الغاراتُ الاستعماريةُ على هُـوِيَّة اليمن في ميدان الصراع كما يؤكّــد الكاتب والمؤرخ الكبير محمد ناجي أحمد من خلال “مؤامرة التقسيم والتجزئة أَو ما سُمِّيَ بأقلمة اليمن واستحداث هُـوِيَّات قاتلة وأوهام من مثل الحديث عن هُـوِيَّة يمنية وهُـوِيَّة جنوبية وتفكيك الجيش والذي بدأ مع حكم المبادرة الخليجية وُصُولاً إلى خلق المناطقية والمذهبية والجهَـوِيَّة والعنصرية”..
في هذا السياق تحَـرّك العدوان بكل ثقله، وعن وعي بتأريخ اليمن على اعتبار أن تفكيكَ اليمن -وفقاً لناجي- لا يتم إلّا من خلال معرفة تأريخ اليمنيين يقول: “فكرة الأقيال والحميرية السياسيّة وتخليق مصطلح الأقيال لم يكن عفوياً، إذ ترتبط هذه الحالة بمرحلة تفكك الدولة المركزية في اليمن، التي ظهرت بين القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن الأول وتحول معها الموظفون في عدد من المناطق اليمنية إلى امراء دويلات وسموا أنفسهم بالأقيال”.
الدكتورُ عَبدالرحمن المختار -وزير الشؤون القانونية- يقدم إنشاء ما يسمى قوات النخبة وغيرها من جماعات مسلحة كمظهر آخر من مظاهر استهداف هُـوِيَّة اليمن “ما يعرف بالنخب، الشبوانية، الحضرمية والسقطرية ومقاومة تهامة وازال وغيرها هي مظهر آخر من مظاهر استهداف هُـوِيَّة اليمن وتفتيتها؛ لأَنَّ العدوان يضع في حساباته إيجاد كانتونات تتذرع بهُـوِيَّات قاتلة تستند لعصبيات بدائية وتخدم أَهْدَاف العدوان على اليمن، وهو مظهر من وجهة نظري كان يتوارى قبل العدوان خلف الأقلمة القبيحة بقناع “الفَدْرَلَة”..
من هنا يرى وزير الشؤون القانونية أن “مشروع الأقلمة كمظهر من مظاهر العدوان على هُـوِيَّة اليمن يتضح أكثرَ مع معرفة أنه فرض خارج مؤتمر الحوار الوطني ورغماً عن إرادة اليمنيين ودون توافق عليه بل ومع وصول الأطراف والقوى اليمنية المختلفة في المقابل إلى وثيقة في غاية الأهميّة -اتّفاق السلم والشراكة الوطنية- أكّــدت ضرورة إعَادَة بحث شكل الدولة”.
يستطرد في حديثه الدكتور المختار فيكشفُ عن تفاصيل لقاء جمعه ولجنة صياغة الدستور مع الفارّ عَبدربه في شهر يونيو 2014م: “التقينا به في دار الرئاسة وكنتُ حينها ممثلاً لأنصار الله في لجنة صياغة الدستور، وكان حينها موضوع الأقلمة هو المادةَ الأولى، ولكن كان يتم ترحيله؛ بسبب غياب التوافق والممانعة من القوى الوطنية، آنذاك أخبرته أن موضوع الأقلمة خطيرٌ جِــدًّا، ولا يمكن أن نجازفَ بمستقبل اليمن، وأن هذه القفزة يترتب عليها مخاطر أقلها تعثر اليمن بشكل مزمن”.
وعن رد عَبدربه يتابع المختار الحديث فيشير إلى أن ردَّه كان سيئاً للغاية ولم يعبر عن أي احترام للثوابت الوطنية وأن “عَبدربه رد بالقول تعرفون أن مجلسَ التعاون الخليجي ست دول واحنا بانعمل ست أقاليم ونجيب لكل إقليم دولة”.
ويوضح المختار قائلاً: “طبعاً كان يقصدُ أن كُلَّ دولة خليجية تمول إقليم، لكن ما هو حاصل اليوم هو أن هناك محافظاتٍ محتلّة من قبل السعوديّة وأُخْــرَى من قبل الإمارات وطبعاً كأدوات لبريطانيا وأمريكا ليس إلا”..
المؤرخ محمد ناجي أحمد يؤكّــدُ أن اختباءَ الغرب، خلف نشاط بعض الأنظمة الخليجية، قديمٌ ويستحضر في الاستدلال على ذلك ما دونه رياض الريس في كتابه رياح الجنوب وما ذكره المستشار حسين الحبيشي في مذكراته “في عام 1994 أقسم الشيخ زايد بن سلطان في لقائه بالشيخ عَبدالله بن حسين الأحمر أنه سيعمل على تقسيم اليمن إلى خمس دويلات”..
وحتى لا نغرقَ في التأصيل لجذور مشروع التقسيم وإيضاح أنه ليس ابن اللحظة، ما يهمنا هو الإمساك به كمظهر من مظاهر تمزيق الهُـوِيَّة اليمنية وإسقاطها..
وضمن استهدافِ هُـوِيَّة اليمن الإيْمَـانية ولتشتيت انتمائه الأصيل تم التركيزُ على تغريب أجياله المتعاقبة عن الامتداد التأريخي الطويل والإرث الفكري والثقافي لليمن ورموزه ونفي هُـوِيَّة اليمن وسحقها يقول المؤرخ محمد ناجي أحمد “تعمد العدوان بآلته المدمرة طمس الذاكرة اليمنية؛ لأَنَّ فيها تجريفاً للحضارة وذلك يقتضي تهديم القبور والمقامات والقباب والمساجد والمدن القديمة، تماماً كما حصل في مقامات الأولياء في ساحل تهامة وفي صعدة وصنعاء القديمة”، الدكتور الرميمة يؤكّــدُ أن ما يفعلَه العدوان اليوم امتدادٌ لهجمات الاقتلاع التي طاولت اليمن في الماضي يقول: “هذا ما حصل من خلال العدوان السعوديّ الأول على اليمن في عهد الدولة السعوديّة الأولى عندما غزت اليمن، ووصلت إلى بيت الفقيه في الحديدة وهدمت المساجد ودعت اليمنيين للدخول في (الإسْـلَام الوهّابي) وهذا جوهر استهداف الهُـوِيَّة اليمنية؛ لأَنَّ اليمني في التراث الإسْـلَامي رمز الإسْـلَام الحقيقي بخلاف النجدي”.
في هذا السياق يذكِّرُ المؤرخ محمد ناجي أحمد أن “استهداف الهُـوِيَّة طال كُــلّ إثر تأريخي يعبر عن امتزاج الهُـوِيَّة الوطنية الجامعة لليمنيين وعمل على تدميره، ومن ذلك على سبيل المثال أنه في منتصف القرن التاسع عشر بنى أحد الأئمة جامعاً في ثعبات واستمر هذا الجامع قوياً حتى الثمانينيات، قوياً في مدماكه وفي معماره، ولكن لأَن هذا المبنى يعطي مؤشراً على وحدة اليمنيين، الوحدة الجامعة التي تسقط أمامها أوهامَ الصراع ما بين زيدية وشافعية وقحطانية وهاشمية؛ ولأن ثمة من يريد تفتيت الهُـوِيَّة اليمنية، تم هدم وتدمير الجامع من قبل الوهَّابية وبناء مسجد سلَفَي على أنقاضه”..
لماذا استهداف الهُـوِيَّة؟..
تصفيةُ هُـوِيَّةِ شعبٍ ما أَو أُمَّــة بعينها يعني سلبَ ذاكرتها وطمس حواسها، ثم إنّ إحلالَ هُـوِيَّة بديلة لبلد ما أَو لجزء منه، لا يتحقّق إلا بعد استبعاد أَو تشويه الهُـوِيَّة الأصيلة، سيما في البلدان التي تلعب فيها الهُـوِيَّة دوراً استراتيجياً في سياق ثباتها وصمودها.
إن أسباب وأَهْدَاف تصعيد العدوان في مُخَطّط النيل من هُـوِيَّة اليمن الإيْمَـانية، يتضحان من خلال الأهميّة التي تحظى بها الهُـوِيَّة في حياة الشعب اليمني ــ سبق وأشرنا لذلك..
يكاد لا يختلف اثنان على أن تصفية هُـوِيَّة اليمن يعني اختطافَها كلياً وتأبيدَ حياتها في التبعية والإذلال وإعادتها لزمن الوصاية السعوديّة الأمريكية وُصُولاً إلى فتح الباب واسعاً أمام القابلية للاستعمار وبعثرة الانتماء اليمني وتفكيك النسيج الجمعي الواحد وتوطين حالة الانهزامية في الوسط الشعبي وعقد الاستلاب وَضرب المصالح الحقيقية لليمنيين وتدمير مقومات حياته وأسس وجوده؛ باعتبار تحقّقِ ذلك أنه الرافعة الأهم لتحقيق أطماع الغزاة وأدواتهم.
إن تحويلَ الشعب اليمني العظيم إلى مجموعة من الجزر المنعزلة ومتعددة البواصل الثقافية والسياسيّة، المتقاطعة في الأَهْدَاف والتطلعات والطموحات وخاضعة للإرادة الخارجية وهو ما ينهي أية فرصة لبناء الدولة اليمنية القوية والمستقلّة..
يؤكّــد قائد الثورة أن “الاستهدافَ في الهُـوِيَّة، أخطرُ أشكال الاستهداف، والهدف والغاية منه هو السيطرة على الإنْسَان وتجريده من هُـوِيَّته وتفريغه، من محتواه المبدئي، من محتواه الأخلاقي، ومحتواه القيمي”..
وهي نتيجةٌ كارثيةٌ على أساس أن تفريغ المجتمعات من الوعي والمفاهيم والمبادئ والقيم والأخلاق تفقِدُه السياجَ الذي يحفظ الشخصية ويحافظ على الإنْسَان ويحفظُ مؤهلاته الإنْسَانية وقدراته الإنْسَانية ودوره في الحياة والمواهب التي توفر إمكانية نهوضه بالمسؤولية وبفقدان هذا السياج يتحول الإنْسَان إلى مجرد دمية بكل ما تعنيه الكلمة وأشبه بالإنْسَان الآلي، بحسب السيد القائد..
ضمن أَهْدَاف تذويب هُـوِيَّة اليمن، يرى الكاتب والمؤرخ أحمد الحبيشي، أن ذلك “يأتي ضمن المشروع الكبير هو تفكيك كامل المنطقة العربية ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم على هُـوِيَّات هلامية.. الهُـوِيَّة القوية والكبيرة فيه “إسرائيل”، وفيما يتساءل الحبيشي لماذا؟ يوضح بالقول: “لأَن إسرائيل تسعى لاستثمار التأريخ اليهودي وتقول إنها موجودة في كُــلّ مكان..
الدكتور المختار يرى أن التقسيمَ تهديدٌ وجودي لحياة اليمنيين “نخسر بالأقلمة اليمن، نخسر اليمن الواحدَ على مر التأريخ، ميزات اليمن في الجغرافيا تتآكل، ثرواته ومقدراته تضيع ويعجز عن ممارسة أي دور لصالح أبنائه ناهيك عن أمته”.
الدكتور عرفات الرميمة من وجهة نظره يؤكّــد أن “فقدان الهُـوِيَّة خطر على المجتمع اليمني.. من السهل السيطرة على أي شعب بعد تفكيك هُـوِيَّته، بمعنى أن استهداف الهُـوِيَّة يسهم بشكل مباشر من إعَادَة اليمن حديقة خلفية للسعوديّة ولتبعيتها فكريا وثقافيا كأداة رخيصة للاستكبار”..
المؤرخُ محمد ناجي أحمد يرى أن هذه الأمراض الاستعمارية سقطت أمام وعي نابه وحس وطني جمعي عالٍ..، وبفعل حكمة وحنكة القيادة والدور البارز المبذول في هذا السياق هو الذي تصدى وبشكل مباشر لهذا المُخَطّط بحسب ناجي “كلما كانت هذه الأوراق تشهر كنا نشاهد السيد عَبدالملك الحوثي يواجه هذه الأسلحة ويسقطها بشكل قوي وصارم.. بنحو فرض انكفاء الخطابات المشتتة للأُمَّــة”..
ويضيف: “إن التنبه لخطورة هذا المشروع والاصطفاف لمواجهته يمثل انتصاراً لليمن واليمنيين.. وللوطنية الجامعة وهو ما هو حادثٌ حتى اليوم”.
غير ذلك يمثّلُ الذودَ الدائمَ عن الهُـوِيَّة اليمنية المحطة الأولى في معركة البناء ويشكل حافزاً في معركة المستقبل، إن غياب الاعتزاز بالذات بشكل أَو بآخر هو أحد الأسباب التي راكمت جمود الفعل الحضاري في الوسط الإسْـلَامي ولا يمكن الوصولُ إلى مستوى متقدم من الندية للأمم الأُخْــرَى في مجالات الإنتاج الحضاري، دون أن يعرفَ العالمُ الإسْـلَامي من هو ويعرف أَيْـضاً من هو عدوه، الهُـوِيَّة هي الأصل الذي ترتكز عليه جميع الأبنية وتتأثر به ويجري به امتلاك عقول ونفوس كُــلّ الشعوب لإثبات الوجود واستحقاق الاستمرار في ظل التحديات الراهنة في عصر العولمة ولإنجاز التأثير والتغيير، وهذا كله يحتاجُ إلى قيام المؤسّسات المختلفة داخل المجتمع بدورها المناط بها بدءاً من الأسرة، فالمدرسةُ فالجامعات وغيرها وبما يمكننا من التعامل مع الكيانات الأُخْــرَى من موقع الندية وليس من موضع التبعية ودور المنفّـذ الذي تُملى عليه السياسات من الخارج، ومن واقع التمسك بثوابت الأُمَّــة والتأكيد على الهُـوِيَّة الإيْمَـانية للعالم الإسْـلَامي؛ باعتبارها شرطَ بقاء ودعامة نهضة للأُمَّــة الإسْـلَامية وبالمثل للشعب اليمني..