أمام معركة الوعي: العقيدة الصحيحة ليست وهّابية آل سعود
في أحداثِ ديسمبر الفتنوية التخريبية التي كانت تهدف لإحداث الفوضى داخل العاصمة صنعاء في 2017 م.. تواصل بي بعضُ الإخوة من أصحابنا السلفيين ممن هم في الخارج والداخل من الأصدقاء الحريصين كما قالوا، وذلك لتحديد الموقف مما يحدُثُ وأين سأكونُ حالَ تفجُّر الوضع في صنعاء، هل مع الحوثيين أم مع علي عبدالله صالح؟!، فقلت لهم سأكونُ إلى جانب مَن يحرصُ على أمن واستقرار صنعاء وهو المجلس السياسيُّ الأعلى كسلطة شرعية اختارها الجميعُ بما فيهم المؤتمرُ الشعبي العام الذي ينتمي إليه أولئك المخربون، وهذا الوقوفُ من منطلق ديني واقعي لاعتبارات لا حصرَ لها، فكان ردُّهم وبإلحاح: أليس الدينُ والشرعُ والمصلحة يقتضي أن تكونَ إلى جانب صاحب العقيدة الصحيحة، وعلي عبدالله صالح هو الذي يمثل هذا الخط، ما هو الأسلمُ ديناً ودنيا، فالحوثيون -والكلام لهم- أصحاب عقيدة باطلة فاسدة… إلخ؟!.
تجاهلت هذه السفسطة، وبالفعل فقد انفجر الوضعُ فكان موقفُنا في القيادة الوطنية لحزب السلم والتنمية السلفي إلى جانب القيادة السياسيّة واضحا مع بقية الأحزاب الوطنية التي وقفت الموقف المشرف، وبعون الله فقد تجاوز الناس تلك المرحلة بجدارة.
الشاهد: أن هذه النغمةَ سمعتها من البعض داخل التيار السلفي مؤخراً، ولكن هذه المرة البعضُ منهم على استحياء ممن في الداخل، والبعضُ أعلنها صراحةً ممن يعيشُ في الخارج، فعندما ركب قُطَّاعُ الطرق في كُشَر بحجور حجة رؤوسَهم وتجاهلوا كُــلّ الدعوات للحفاظ على الأمن والاستقرار ونقضوا العهودَ التي كانت تهدفُ لتجنيبِ المنطقة والناس العواقبَ الوخيمة، تفجر الوضعُ هناك بدعم من قوى العدوان لأهدافٍ يعلمُها كُلُّ العقلاء، هنا بدأ البعضُ من إخواننا يتحدثون عن ضرورة تأييد أهلِ العقيدة الصحيحة في حجور بزعمهم، والعمد لشن الهجوم الشرس على كُــلّ مَن وقف إلى جانب الدولة وقدّم للمغرّر بهم النصحَ، واعتبار مَن يقفُ هذا الموقف من الإخوة السلفيين الأحرار خائناً لله وللعقيدة الصحيحة، طبعاً وهذا التنظير الخاطئ سمعناه من قبل في أحداث مشابهة في عتمة، وعندنا في الرضمة بإب، وسمعناه عموماً في العدوان على اليمن والشرعنة له من هذا المنطلق، ما يعني لو تأملنا، أننا أمام طامة كبيرة وإشكالية في الوعي خطيرة، وعليه نقول لهؤلاء ومَن على شاكلتهم والمتأثرين بهم: ما هي العقيدة الصحيحة التي تتشدّقون بها في كُــلّ حادثة ونازلة، وتزايدون بها على مخالفيكم؟!
هل من العقيدة الصحيحة العملُ على سفك الدماء، إقلاق السكينة العامة، مساندة الغازي الأجنبي على احتلال الأرض وانتهاك العرض؟!
هل من عقيدة المسلم الصحيحة الإفسادُ في الأرض وإلحاق الضرر بعابر السبيل؟!، هل من العقيدة الصحيحة إشراكٌ مع الله أحداً في عبادته من طواغيت الأرض ومَن دار في فلكهم والتبرير لذلك بفقه الواقع وارتكاب مفسدة صغرى لدرء مفسدة أكبر، وجواز الاستعانة بكافر على مسلم في بعض الحالات حسب أدبيات من التراث فاسدة؟!
هل من العقيدة الصحيحة أن يرتكبَ المسلمُ كُــلّ ما يعرضه للخطر في الدنيا ويترتب عليه الوزرُ الكبيرُ يوم القيامة؟!، ما هو ضابطُ العقيدة الصحيحة، ما هي مرتكزاتها؟!، أليس القُــرْآنُ الكريمُ هو الكتاب الهادي إلى سواء السبيل، وما من شيء إلا وبيّنه وأوضحه، وخَاصَّــةً في مجال العقائد، ما هو الإيمانُ والدينُ الحقُّ الذي يجب أن يكونَ عليه المسلم وهو سبب النجاح والفوز في الدارين، والقُــرْآن الكريم ذاته ككتاب محفوظ ومعصوم، أليس هو المَصْــدَرُ الوحيد في هداية الأُمَّــة؟!.
الحقيقةُ المُرَّةُ التي لا بد أن نعترفَ بها هي أن العقيدة التي يجرجرَنا لها هؤلاءِ باسم دعوة التوحيد وعقيدة أهل السنة هي العقيدةُ على طريقة الوهّابية والجماعات التكفيرية، هي العقيدة على مقاس نظام آل سعود الذين قدّموا دولتهم طيلةَ عقود على أنها دولةُ التوحيد وما هي كذلك في الواقع، والأحداث وما أفرزته من حقائقَ شاهدٌ على ذلك.
إننا أمام معركة وعي بالغة الأهميّة، وما علينا سوى خوضها بجدارة على غرار تلك المعركة التي يتصدرُ فيها الجيشُ واللجان بعزيمة وثبات لمواجهة العدوان الذي من أبرز مسبباته وعيٌ مزيَّفٌ في مختلف المجالات، كما أن مَن يفكر على هذا النحو ونراه يسارعُ للحاق بركب المجرمين في كُــلّ عمل مشين يرتكبونه إما بالقول من خلال التأصيل له، أَو الاندفاع للوقوف في صفه ومشاركته فعله المشين.
(مَن هذا حالُه) هو مدعوٌّ لأَنْ يتقيَ اللهَ في نفسه، أن يتقيَ اللهَ في عدم القول عليه بغير علم، أَو يعمل على تلبيس الحَـقّ بالباطل بدافع التعصب الحزبي أَو الطائفي.
وفي المقابل: المتخصصون في البحث العلمي والمتصدرون للتوعية، وخَاصَّــةً داخل بعض التيارات المرتبطة بالسعوديّة أمامهم مسؤوليةٌ في تصحيح المفاهيم وإزالة اللَّبس في كثيرٍ منها، الأُمَّــةُ لا يمكنُ أن تغيِّرَ من واقعها والوعي المزيَّف إلا بالوعي ذاته.
لقد تجاهلت الحديث السياسيّ والأمني عن أبعاد العمل التخريبي في كُشَر ونجاح الأجهزة الأمنية مؤخراً في تأمين المنطقة والحمدُ لله، وركّزت على هذه النقطة لما لهذا التثقيف من مخاطرَ فادحة، كان من نتائجه هرولةُ كثير من المغرّر بهم للقتال في صف العدوان وكل العابثين بأمن واستقرار البلد داخلياً بنية التقرّب إلى الله -وهو الضلال بعينه، نسألُه السلامةَ- وربما لو نجح العدوانُ في إحداث اختراقٍ جديدٍ في أية محافظة سنجدُ السُّذَّجَ يهرولون لتلبيةِ تطلعاته دونَ أية استفادة من الدروس والاتعاظّ بما حصل للمتصدّرين في هذه الأعمال الشيطانية التي يقدّمونها على أنها ثوراتٌ تحرّرية وانتفاضاتٌ مشروعة، وسنلحَظُ هؤلاءِ الناعقين إلى جانبهم يشجّعون ويمجّدون تصرُّفاتِهم التدميريةَ السيئةَ دون أدنى خجل.!