أمريكا تجوّع وتقتل الشعب الكوبي منذ خمسين عاماً من أجل الديمقراطية
عمران نت / 9 / 3 / 2019م
// مقالات // حسين سرمك حسن
#تمهيد: هكذا تتفضّل دولة الشيطان على ضحايا حاصرتهم خمسين عاماً- غزو كوبا :
كوبا الثمرة الناضجة- الهيمنة على الاقتصاد هو المثال على ذلك- استغلال ظاهرة مسبقة- العدوان الأمريكي الفاشل لغزو كوبا في عملية خليج الخنازير وموقف الصحافة الامريكية “الديمقراطية”- وبدأت الولايات المتحدة مسلسل الاغتيالات والانقلابات من أجل الديمقراطية- أمريكا تحاصر كوبا لمدّة 50 عاماً من أجل الديمقراطية- يجب معاقبة كاسترو لأنه رفض التبعية للولايات المتحدة- الديمقراطيون الأمريكيون الشرفاء يقرّرون تجويع الشعب الكوبي ليطيح بكاسترو- مبدأ “التفّاحة الفاسدة” من جديد- الرئيس الديمقراطي المفضّل لمصّ القضيب في البيت الأبيض يقرّر إبادة شعب كوبا من أجل الديمقراطية- حتى منظمات التنمية الأمريكية “الإنسانية” تتآمر على كوبا- سفالة ونفاق : فضيحة الكوبيين الخمسة- الإدارة الأمريكية التي تحترم القانون سحقت كل المطالبات القانونية- المناضل كاسترو يدين الإرهاب الأمريكي في هذه القضية- الكذب الأمريكي حول عدم التسامح إطلاقاً مع الملاذات الأخرى للإرهابيين والإرهاب الأمريكي من خلال اللاجئين الكوبيين- احتضان الإرهابيين الكوبيين- الحرب الأمريكية البيولوجية والكيميائية ضد كوبا- سابقة لتفجيرات 11 أيلول المُفبركة جرّبتها أمريكا ضد كوبا- هل هي مؤامرة أمريكية جديدة؟ – ملاحظة عن هذه الحلقات)
# تمهيد: هكذا تتفضّل دولة الشيطان على ضحايا حاصرتهم خمسين عاماً:
وسط أصوات الصفير والتصفيق وأقداح الشمبانيا عقد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري حفل افتتاح السفارة الأمريكية في كوبا بعد 54 عاماً من القطيعة . وقبل أشهر أعلن الرئيس الأمريكي “باراك أوباما” عن رفعه للحصار عن كوبا .. ثم إطلاق سراح الكوبيين الخمسة .
هكذا بكل بساطة .. يضحكون على العالم ويحتقرون عقله .. بكل بساطة .. لا أحد يسأل ما هو سبب قطع العلاقات ؟ وما هو سرّ هذه الـ 54 عاماً من غلق السفارة ؟ لماذا فرضت الولايات المتحدة حصاراً مميتاً على كوبا لمدة 50 عاماً ؟ وما هي خسائره البشرية والمادية ؟ ولماذا شمل الغذاء والدواء بصورة لم تفعلها أي دولة كلبية من قبل ؟ وما هي حكاية الكوبيين الخمسة ؟ وهل كانوا مسجونين في الولايات المتحدة لأنهم مجرمون هدّدوا أمن أمريكا القومي وهي “الكليشه” السخيفة المعروفة ؟
لا أحد من المسؤولين الأمريكيين “الشرفاء” يقول للعالم أن الحصار وقطع العلاقات جاء لأن أمريكا – وبكل بساطة وبلا مصطلحات وتزويقات – تريد كل دولارات كوبا وكوبا رفضت .. أمريكا أرادت أن يكون السوق الكوبي تابعاً للسوق الأمريكي وكوبا رفضت .. وأمريكا أرادت أن تسلّم كوبا ثرواتها كلّها للشركات الأمريكية وكوبا رفضت.. وعندما رفضت كوبا تم فرض الحصار عليها حتى على أقلام الرصاص والخبز والدواء لمدة 50 عاما .. وبدأت عشرات المحاولات لاغتيال رئيسها المناضل فيدل كاسترو وغزو أراضيها وعزلها دوليا تحت شعار “خرق حقوق الإنسان” التجاري الأمريكي السخيف ..
هكذا وبعد 50 عاما من الموت والتدمير لكوبا ظهر الرئيس الأمريكي القاتل ضمن سلسلة الرؤساء القتلة ليعلن رفع الحصار وراح وزير خارجيته القاتل السابق في حرب فيتنام ليفتح السفارة وليبدءا جولة تآمر جديدة . هكذا ببساطة يقتلون الشعوب ويمشون في جنازتها ثم يرفعون الأعلام ويجلسون ليشربوا اقداح الشمبانيا ويصدروا القرارات وكأنهم يتفضّلون على من تبقى من الأحياء من هذه الشعوب.. عليكم اللعنة أيّها الساسة الأمريكان.
ولأن من الضروري أن تعرف الأجيال الجديدة حقيقة هذه الدولة الشيطان وقادتها السفلة القتلة الكذّابين إليكم جانباً من قصّة كوبا الماساوية .
# غزو كوبا : كوبا الثمرة الناضجة :
———————————–
مع فجر حركة التحرر الشاملة للمستعمرات الإسبانية في أمريكا اللاتينية وُجدت في كوبا طبقتان : الإقطاعيون الذين حققوا ثروات طائلة على حساب صغار الملاك، ثم طبقة البؤساء. ومع مطلع القرن التاسع عشر تضمّنت طموحات الولايات المتحدة في تلك القارة استعمار هذا البلد المُستنزف : كوبا، وهذا ما أكده الرئيس الأميركي السفّاح “ثوماس جفرسون”. واتّبع “جون كوينسي أدمز” الذي كان وزيراً للخارجية ثم أصبح رئيساً للولايات المتحدة سياسة ما أسماه استراتيجية «الانتظار الصابر». في عام 1823 قال آدمز :
«توجد قوانين جاذبية في السياسة كقوانين الجاذبية في الطبيعة، فكما أن التفّاحة التي انفصلت عن الشجرة تحت تأثير قوة الريح فهي لا تستطيع أن لا تقع على الأرض حتى لو أرادت ذلك . وكوبا التي قطعت الصلة التي تربطها بإسبانيا عليها بالضرورة أن تنجذب نحو اتحاد أمريكا الشمالية».
والمُخطّط الذي طُبق غالباً كان بسيطاً فهو يبدأ بإثارة السخط الاجتماعي ثم الانتفاضة وتتبعها بعد ذلك الثورة، وعندما تقوم الثورة تأتي فرصة التدخل الأمريكي تحت حجة ما للاستيلاء على الجزيرة. ترافقت استراتيجية «الانتظار الصابر» خلال السنوات العشر التي سبقت الغزو مع حالة صامتة ولكن اخطبوطية للهيمنة على الاقتصاد الكوبي، فقد كانت الاستثمارات الأمريكية في معامل السكر تهدف إلى الحصول المكثّف على محصول السُكّر غير المكرر. وعندما تمّ هذا كان يكفي أن تنتظر الولايات المتحدة نتائج سياسة فرض الرسوم الجمركية المرتفعة على المنتجات الكوبية مع تلازمها مع تأثيرات المنافسة الأوروبية المُريعة، ولم تتأخر أسعار السكر الكوبي عن الانهيار. شاع الفقر الساحق وصار باستطاعة الشركات الأمريكية الحصول مقابل حفنة من الخبز على المَزَارع بشكل غير محدود، واستطاعت أيضاً أن تحتكر الشبكة المنتجة. فيما بعد واجه السيجار الكوبي الشهير، ثم القهوة الكوبيّة، المصير نفسه مما أدّى تحت تأثير الانتكاسات الاجتماعية المتلاحقة إلى إثارة الأزمة المنتظرة.
بعد انتفاضة أولى بين أعوام 1868 و 1878 انتقلت البلاد إلى حرب التحرّر. ومن 24 شباط 1895 إلى شهر تشرين الأول 1898 أودت المعارك بين الثوار الكوبيين وبين الجيش الإسباني بحياة الآلاف. فرأت الولايات المتحدة بذلك الفرصة التي تنتظرها.
وعيّنت إسبانيا على رأس جيشها قائداً دون رحمة ولا رأفة وصعب المراس يُدعى الجنرال وَيْلرِ Weler ، فقامت صحافة الولايات المتحدة “العاشقة لحقوق الإنسان والشعوب !!” بحملة ضدّه وراحت تدين وحشية أساليبه بعبارات حماسية. وبحجة واجبهم بحماية مصالح الصناعيين الأمريكيين والمستثمرين وكذلك حماية حياة مواطنيهم أرسل الأمريكيون في 25 كانون الثاني 1898 السفينة الحربية (مان Maine) إلى مرفأ هافانا. في 15 شباط انفجرت الباخرة فوجدت الحجة بل الذريعة للتدخل ، (أثبت التحقيق الذي أجراه الأدميرال “هيمان ريكوفر” في عام 1976، أن الانفجار كان في الغالب نتيجة انفجار داخلي كبير ناجم عن احتراق الفحم الحجري سيء التهوية الذي أشعل البارود في مستودع الذخيرة المجاور) وتحت تأثير اللوبي الإمبريالي المتعاظم والذي كان من أعضائه الرئيس المقبل “تيودور روزفلت” (كلّهم تجّار عبيد الدولار) والدعاية التي قامت بها الصحافة أرسل الرئيس الأمريكي “مكنلي” الذي سيخلفه روزفلت بعد اغتياله، جيشاً «للتحرير» إلى جزيرة كوبا، واستولى في طريقه على الفليبين وبورتوريكو وجزيرة غوام. وحدثت سلسلة من ضربات القوة الأمريكية وأدت دون معارضة ذات قيمة من الأمم الأوروبية إلى توقيع معاهدة باريس عام 1898 بين الولايات المتحدة وإسبانيا والتي أنهت الحرب بينهما، وتنازلت إسبانيا بموجبها عن بورتو ريكو والفلبين وجوام لصالح الولايات المتحدة في مقابل مبلغ 20 مليون دولار. وبموجب المعاهدة نفسها، تخلت إسبانيا عن سيادتها الكاملة على كوبا. انتخب ثيودور روزفلت الذي شارك في الحرب الأمريكية الإسبانية والمتعاطف مع حركة الاستقلال الكوبية، رئيسًا ليخلف الرئيس مكينلي في عام 1901. ألغى روزفلت المعاهدة، ومنح كوبا الاستقلال رسميًا عن الولايات المتحدة في 20 مايو/ أيار 1902 تحت اسم جمهورية كوبا. ولكن في ظل الدستور الجديد لكوبا، يحق للولايات المتحدة التدخل في الشؤون الكوبية، والإشراف على شؤونها المالية وعلاقاتها الخارجية. وبموجب تعديل بلات، استأجرت الولايات المتحدة قاعدة خليج جوانتانامو البحرية في كوبا.
ما كادت فرق الجيش الأمريكي أن تحط في الجزيرة من أجل «حماية المصالح الأمريكية» حتى تم مصادرة مكاسب الثورة الكوبية. في 20 نيسان 1898 صدر قرار أمريكي يقضي بأنه للكوبيين الحق بتقرير المصير، إلا أن الحكومة الأمريكية ستُبقي سيطرتها على الجزيرة طالما لم تنته بعد «عملية السلام» في الجزيرة. أما مدّة هذه العملية وطبيعتها فهما خاضعتان للتقدير التعسّفي لجيش الاحتلال، ولذا وُضعت كوبا تحت قيادة الجنرال ” وود Wood ” ، كما انه لم يتم الاعتراف بالحكومة التي نتجت عن الثورة، وتم رفع العلم الأمريكي الذي يحمل النجوم على الساريات الرسمية. وعندما أُعلنت أخيراً الجمهورية في عام 1901 كانت الولايات المتحدة قد اتخذت جميع الاحتياطات، فقد تبنى الكونجرس في الثاني من آذار عام 1901 قراراً بتعديل أعده السيناتور “هيتشكوك بلات” يقضي بإعطاء حق التدخل للحكومة الأمريكية في أي وقت تتعرض فيه مصالح وحياة المواطنين الأمريكيين وكذلك استقلال كوبا للخطر. كما استأجرت الولايات المتحدة قاعدة خليج جوانتانامو البحرية في كوبا التي سوف تحوّلها أمريكا بجهود شركة هالليبيرتون إلى المعتقل المعروف. (مايكل موردانت : أمريكا المستبدة).
# الهيمنة على الاقتصاد هو المثال على ذلك :
——————————————-
استطاعت الولايات المتحدة بواسطة المجموعات الاقتصادية والمالية القوية، وعن طريق المعاهدات التي أعطت الحصة الكبرى للرأس المال الأمريكي الشمالي، الحصول على السيطرة الكاملة على الدائرة الاقتصادية القومية والإقليمية. في هذا الإطار جاءت معاهدة التعامل بالمثل في 17 كانون الأول 1903 لتؤكّد هذه الهيمنة وتنص على«أن عدداً من الأصناف الكوبية (المسجلة على قائمة خاصة) تستفيد من التخفيض عن السعر العادي بنسبة 20%، في حين تستطيع المنتجات الأمريكية (المسجلة على القائمة) أن تدخل كوبا بتعرفة مفضلة تقل بنسبة 25-40% من التعرفة العادية» (هل هناك وقاحة واستغلال أكير من هذا ؟).
فأشادت الولايات المتحدة على هذه الأسس التي هي لصالحها نظاماً من السيطرة والاحتكار كان محرّكه نمو الاستثمارات التي انتشرت في كل القطاعات الاقتصادية الكوبية. فمنذ عام 1899 قامت شركة السُكّر الكوبية – الأمريكية التي أصبحت بعد أحد عشر عاماً شركة عظمى حقيقية وأصدرت اثني عشر مليون سهم. وفي عام 1902 اشترت شركة التبغ الأمريكية عدة أصناف ومصانع للتبغ، أما في قطاع المناجم فقد اشترت شركة بيت لحم للأعمال في بنسلفانيا عدة مناجم عام 1889. (المصدر السابق نفسه).
# استغلال ظاهرة مسبقة :
————————–
في هذه السنة ؛ 1898 ، تمت السيطرة على كوبا عن طريق المجموعات الكبرى (الشركات الكبرى والتكتلات) أمام لامبالاة المجتمع الدولي. وتبع ذلك ضم جزيرة “هاواي” (راجع الحلقة (14) هل كانت الولايات المتحدة تستحق ضربة بيرل هاربُر؟) التي شكلت للأمريكيين نجاحاً أساسياً خارج دائرتهم الأولى، وهذا ما شجّعهم على المعاودة. ولم تتأخر الولايات المتحدة عن ذلك ، فدفعت “بورتوريكو” الثمن في نفس العام ثم الفليبين في عام 1899. وقد شهدت السنوات التالية اتساع الإمبراطورية الأمريكية بالقضم المُنظّم.
في كوبا حدث التدخل الأول يوم أُنجز التعديل الدستوري من جانب “بلات Platt” وبطلب من الرئيس الكوبي “توماس استرادا بالما” (الذي انتخب في 20 أيار 1902 بدعم من الأمريكيين). في عام 1906 أعيد انتخابه في انتخابات مزوّرة مما أدى إلى قيام الانتفاضة. ثم تجدّد التدخل العسكري الأجنبي في أيلول من العام نفسه، ودائماً تحت غطاء التعديل الدستوري وحماية الاستقلال والديمقراطية. وكأي محمية أمريكية حقيقية، حكم كوبا “وليم هوارد تفت – W.H.Taft” الرئيس المقبل للولايات المتحدة والذي كان حينذاك وزيراً للدفاع فأعلن نفسه «حاكماً عاماً لجمهورية كوبا».
بعد ذلك تم إحكام قَدَر الجزيرة، فتتالى الرؤساء الضعفاء الذين كانوا يدعمون دائماً المؤسسات ورؤوس الأموال الأمريكية الشمالية، أما تدخلات واشنطن فلا تعد ولا تُحصى، حتى جاء “رامون غروسان مرتان R.G. Sam Martin ” إلى رئاسة الجمهورية الكوبية عام 1933 فأتخذ بعض المبادرات لصالح كوبا ومنها إلغاء تعديل بلات، فدعمت الولايات المتحدة أحد العسكريين الكوبيين وهو “فليفنسيو باتستا” وأوصلته إلى السلطة في 10 آذار 1952. فأدّى فساد النظام والفوارق الاجتماعية وأساليب التعذيب التي تستخدمها أجهزة الأمن العسكري ومكتب قمع النشاط الشيوعي الذي أنشىء بتعليمات أمريكية إلى انتفاضة 1959 ثم إلى الثورة الكوبية الشعبية الشهيرة. (المصدر السابق نفسه).
# العدوان الأمريكي الفاشل لغزو كوبا في عملية خليج الخنازير وموقف الصحافة الامريكية “الديمقراطية” :
———————————————————————
وهنا أقدّم وقفة عن تواطؤ الصحافة الأمريكية التي تدّعي الديمقراطية والإنتصار لحقوق الإنسان . ففي أوائل العام 1961 كانت صحيفة “نيوريبابليك” على وشك أن تنشر مقالة عن الجهود السرية لوكالة الاستخبارات الأمريكية لتطويع اللاجئين الكوبيين في فلوريدا للهجوم على كوبا والإطاحة بفيديل كاسترو . قام ناشر الصحيفة في آخر دقيقة ذعر بإرسال المسوّدات المطبوعة للقصة إلى آرثر شليسنجر الأصغر مساعد الرئيس الأمريكي جون كنيدي . كان شليسنجر قد كتب أن المقالة كانت “وصفا مدمّرا ودقيقا وصحيحاً لنشاطات “السي . ىي . إيه” بين اللاجئين الكوبيين في فلوريدا” . عرض شليسنجر المقالة أمام جون كنيدي . وبطلب من الرئيس أماتت “نيو ريبابليك” القصّة .
قدّم مراسل “نيويورك تايمز” القصة ليتم نشرها في صحيفته عن الاجتياح الوشيك لكوبا . كان من المحدد أن تُنشر أسفل عنوان رئيسي بأربعة أعمدة . في الدقيقة الأخيرة ، أَخبر ناشر التايمز مدير التحرير بأنه أُُوقِع في مشاكل بسبب التضمينات الأمنية لفضح هذا الاجتياح السري . راجع محرر واشنطن القصة وتعرّضت للتمزيق ، ونُزع عنها المراجع لتصبح غزواً قريباً ، وأُلقيت في مكان ما . احتج محرّر الأخبار ومدير التحرير ، لكن من دون فائدة .
في السابع عشر من نيسان / ابريل 1961 ، هجمت مجموعة عميلة من 1500 منفي كوبي على كوبا عند خليج الخنازير ، بدعم من السي أي إيه . كان ذلك بمثابة كارثة على حكومة كنيدي : قُتل 114 من المعتدين ، وما يقارب 1200 أُخذوا كرهائن (استبدلهم كاسترو لاحقاً بصفقة مساعدات أمريكية).
بعد شهر من فشل العملية عادت التايمز لتلعب لعبة الديمقراطية وتقول : “الديمقراطية ديمقراطيتنا ولا يمكن أن يُكذب عليها … ” .
تقول “آيمي عولدمان” إن المشكلة ، في السابق كما الآن ، لا تكمن في كذب الحكومات . بل إنه الإعلام ، في السابق كما الآن ، الذي يشارك بصورة فعالة في هذا الخداع . بعد نصف قرن من اجتياح خليج الخنازير ، لا يزال الإعلام المتعاون يعمل كغطاء للسلطة ، وبالنتائج المشؤومة نفسها التي ستلحق بالديمقراطية. (آيمي غودمان : التعتيم).
# وبدأت الولايات المتحدة مسلسل الاغتيالات والانقلابات من أجل الديمقراطية :
————————————————————–
استولى المناضل كاسترو على السلطة في كوبا في بداية عام 1959 ، وبعد مدة قليلة (مارس – 1959) تضمن منهاج اجتماع الحكومة الأمريكية المجيء ببديل لكاسترو بنفذ مخططات أمريكا . أعقب ذلك خمسون عاما من المؤامرات والحصار والاغتيالات والهجمات الإرهابية وتفجير القنابل والهجمات العسكرية المسلحة والعقوبات والحظر والعزل ، لأن كوبا كانت “انموذجا” وفق مبدأ “التفاحة الفاسدة” الأمريكي .
صار شعار وكالة المخابرات المركزية الدائم هو “إنّنا نفخر بأننا نطيح بفيدل كاسترو منذ عام 1959” . (أمريكا المستبدة).
# أمريكا تحاصر كوبا لمدّة 50 عاماً من أجل الديمقراطية :
——————————————————–
إن حصار كوبا بالغذاء والدواء مستمر منذ خمسين عاما بدعوى الموقف السوفياتي سابقا . ولكن بعد أن سقط الاتحاد السوفيتي جعلت الولايات المتحدة الحصار أكثر قسوة في ظل الرئيس الذي يفضّل مصّ القضيب في قصر الرئاسة “بيل كلنتون” من خلال قانون الديمقراطية الكوبية . وبعد عام من التحقيقات قالت الجمعية الأمريكية للصحة العالمية إن هذا التصعيد مأساة وضريبة بشرية مأساوية وسبّب عجزاً غذائياً خطيراً وانتشاراً مُدمّراً لمرض عصبي أصاب عشرات الألوف ونقص حاد في الأدوية والمؤن الطبية والمعلومات الطبية تاركا الأطفال يعانون في عذاب مؤلم بسبب عدم توفّر الأدوية . وأعاق الحصار تقدم كوبا في توفير الخدمات المائية وقوّض صناعاتها التقنية . خفض القانون هِبات الطعام والمؤن الطبية بنسبة 90% في العام ، وتم تجنّب كارثة إنسانية وذلك فقط لأن الحكومة الكوبية حافظت على نظام صحّي يُعد مثالا متفوّقا في العالم الثالث . شجبت الأمم المتحدة الحصار مراراً ، وشجبته منظمة الدول الأمريكية ولجنة حقوق الإنسان التابعة للمنظمة الأمريكية ، وكلها قالت أنه ينتهك القانون الدولي . وكان رد كلنتون أشرس وأكثر خبثا حيث منعت الولايات المتحدة الأدوية بشروط مرهقة ، ومنعت شحنات الطعام فعلياً . وصرّحت الإدارة “إن تقديم الأدوية إلى كوبا سيكون مؤذيا لمصالح السياسة الخارجية الأمريكية” . وحين اشتكى الإتحاد الأوروبي من هذه الإجراءات رفضت الإدارة حكم منظمة التجارة العالمية وتمّ تبرير موقف الإدارة بأن كوبا تهدّد الأمن القومي الأمريكي (هذا الشعار التجاري السخيف الذي صار يصيبنا بالغثيان). وتعلن الأمم المتحدة أن “الإعاقة المتعمدة لشحنات الطعام والمؤن الطبية إلى السكان المدنيين تشكل انتهاكا للقانون الدولي المتعلق بالمساعدات الإنسانية ، وتؤكد من جديد على أن أولئك الذين يرتكبون أفعالا كهذه أو يأمرون بارتكابها سيُحمّلون فرديا مسؤولية هذه الأفعال” . كل هذه الجهات لم تثن الساسة الأمريكيين الشرفاء عن الإستمرار في الحصار دفاعاً عن الديمقراطية. (نعوم تشومسكي : كتب متعدّدة).
# يجب معاقبة كاسترو لأنه رفض التبعية للولايات المتحدة :
——————————————————–
إنّ هوس الإدارة الأميركية العبثي والمُستهجن جداً حيال كوبا كانت له الأسبقية على خطر الإرهاب في عهدي كلنتون وبوش الثاني . قد يكون هذا الهاجس غريبا ومُستهجنا إلا أنه ليس عبثيا من منظور صنّاع السياسة الأمريكية . والأسباب الأساسية لذلك مشروحة في وثائق داخلية تعود إلى سنوات كنيدي – جونسون في الحكم ، فقد حذّر مخططو وزارة الخارجية من أن وجود نظام كاسترو بالذات يعد “تحدّيا ناجحا” للسياسة الأميركية التي تعود إلى 150 سنة خلت ، إن التهديد ليس روسيا ، بل هو تحدٍ لا يُحتمل لأسياد نصف الكرة الغربي.. في حزيران 1960 حذّر المستشار الرئاسي المخضرم والعضو السابق في مجموعة الخبراء التي عملت مع الرئيس ثيودور روزفلت ، “أدولف بيرل” ، من أنّ “هذه هي نهاية مبدأ مونرو ” (مبدأ مونرو هو المبدأ الذي أعلنه الرئيس الخامس للولايات المتحدة جيمس مونرو ، ويقضي بعدم قيام أي استعمار جديد في الأميركيتين ، أو السماح بأي تدخل أوروبي في الدول الأميركية، لأنّ المنطقة محجوزة للولايات المتحدة الأمريكية) . وقد كان الإنقضاض على كوبا من الضراوة والهمجية والتعصب الأعمى بمكان حتى أن الكلية الحربية التابعة للجيش الأميركي أخذت حذرها في عام 1993 من “الجانب العاطفي المتأصل” الذي يحرّك صنّاع السياسة الأميركية ممن يرون في كاسترو “المجسّد للشرّ الذي تجب معاقبته على تحدّيه للولايات المتحدة فضلا عن أفعال أخرى تستحق الشجب” . (تشومسكي : كتب متعدّدة).
# الديمقراطيون الأمريكيون الشرفاء يقرّرون تجويع الشعب الكوبي ليطيح بكاسترو:
———————————————————————-وقد تكثف العقاب بحق الشعب الكوبي حين كانت كوبا تمر بضائقة عسيرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، وكان ذلك بمبادرة من الديمقراطيين الليبراليين أنفسهم . وقد صرّح المسؤول عن إجراءات عام 1962 الهادفة إلى تضييق الحصار علنا ، “إن غايتي هي إشاعة الفوضى في كوبا” . والقول بأن معاقبة السكان أمر مشروع يعود تاريخيا إلى إدارة أيزنهاور ، فـ “الشعب الكوبي مسؤول عن نظام الحكم” حسب تصريح مساعد وزير الخارجية في آذار عام 1960. (لاحظ أنها نفس كلمات مادلين أولبرايت وكولن باول ونورمان شوارزكوف مثلا بعد فرض الحصار الشامل على العراق حين حمّلوا الشعب العراقي مسؤولية تصرفات النظام الحاكم) . وعليه يحق للولايات المتحدة أن تجعل الشعب الكوبي يعاني الويلات والجوع عن طريق الخنق الاقتصادي . ووافق أيزنهاور على العقوبات الاقتصادية على أمل أن يعمد الشعب الكوبي “إذا ما جاع إلى الإطاحة بكاسترو” . ووافق كنيدي على أن من شأن الحصار الاقتصادي أن يُعجّل برحيل كاسترو من جراء “الانزعاج المتنامي في صفوف الكوبيين الجوعى” . وإلى جانب توسيع نطاق الحظر أطلق كنيدي حملة إرهابية كبرى الغرض منها “إنزال أهوال الأرض” على كوبا حسب تعبيره.
لم يستطع الزعماء الأمريكيون التسامح مع “الرفض الكوبي الانصياع للولايات المتحدة” ، وهو ردة فعل شعب لا يزال يؤمن بأن له الحق في تقرير مصيره بنفسه وفي سيادته الوطنية” رغم خمسين سنة من الإرهاب والحرب الاقتصادية . (غارودي : الولايات المتحدة طليعة الانحطاط).
# مبدأ “التفّاحة الفاسدة” من جديد :
———————————
لم يكن “التحدّي الناجح” من جانب كوبا هو وحده ما حمل الولايات المتحدة على معاقبة سكان “الدولة المجرمة” ، بل كان هناك أيضا الخوف من أن تكون كوبا مثالا آخر من تلك “الأمثلة المعدية” ، شأن تشيلي وغيرها من الأهداف الأخرى للتخريب والعدوان والارهاب الدولي . فاستقلال كوبا سوف يشجّع الآخرين الذين ربما تعديهم “فكرة كاسترو القاضية بتولّي أمورهم بأنفسهم” على حد تصريح مستشار كنيدي المؤرخ آرثر شليسنجر والذي قال أن أخطار كوبا جسيمة للغاية لأن “توزيع الأراضي وسواها من أشكال الثروة الوطنية إنما يحابي محاباة كبيرة الطبقات المتملّكة” . هذا عدا عن “مطالبة الفقراء والمحرومين الآن بإعطائهم فرصة كي يعيشوا حياة كريمة بعدما وجدوا حافزا على ذلك في الثورة الكوبية” . وهكذا قد ينحلّ نظام السيطرة بأكمله ويتداعى فيما لو انتشرت فكرة تولّي المرء أموره بنفسه إلى أبعد من سواحل كوبا .
وقد وافقته الاستخبارات البريطانية الرأي مستفيدة من خبرتها الغنية في مضمار التمرد والعصيان ، وفي حزيران 1961 حذّرت لجنة الاستخبارات المشتركة من أن “الكاستروية لاتزال تحتفظ بالكثير من جاذبيتها الشعبية . وفي حال نجحت الثورة الكوبية على المدى البعيد في إقامة نظام حكم مستقر ، الذي يبدو ملبيا لتطلعات الطبقات المنبوذة ، فسيكون هناك خطرجسيم بأن يدفع ذلك إلى قيام ثورات مشابهة في أماكن أخرى من أميركا اللاتينية (تشومسكي : كتب مختلفة)..
# الرئيس الديمقراطي المفضّل لمصّ القضيب في البيت الأبيض يقرّر إبادة شعب كوبا من أجل الديمقراطية :
———————————————————————-
قرر كلنتون لأسباب انتخابية قذرة ، وهي منافسة الجمهوريين في قاعدتهم الانتخابية ، عن طريق كسب أصوات الكوبيين المعادين للثورة (عددهم آنذاك 1,200,000 كوبي)، والأقوياء في ولاية فلوريدا ، إلى تشديد الحصار على كوبا بتنفيذ القوانين التي وضعها الجمهوريون أنفسهم وبشكل خاص القانون المعروف بقانون ” هلمز بورتون” ، والذي يعاقب المؤسسات الاجنبية التي تنشئ استثمارات لها في إيران وليبيا . ولم يثر الإجراء غضب ضحاياه الأوائل من أبناء الشعب بسبب تدخله في المكسيك فحسب ، بل أثار أيضاً غضب شركات متعددة الجنسيات لها استثمارات في كوبا كما في إيران وليبيا .
وإنه لأمر ذو دلالة أن قانون هلمز بيرتون الذي أقرّه الكونغرس بمبادرة من الجمهوريين في ٣ كانون الثاني ١٩٩٦ ، قد وقعه كلينتون في ١٢ آذار والقاضي بفرض عقوبات دولية ضد حكومة فيدل كاسترو، بغية المساعدة في وصول وشيك وبالطريق ” الديمقراطي ” لتشكيل حكومة جديدة في كوبا .
ويكشف هذا الموقف عن خداع ودجل ما يسمى بالتعددية الحزبية في الولايات المتحدة ، إذ يحكمها بشكل دائم حزب واحد ، هو حزب المال ،ويكشف دخول الملياردير “روس بيرو” حلبة الانتخابات الرئاسية آنذاك عن حقيقة هذا الخداع . ويحمل قادة حزب المال سواء أكانوا ديمقراطيين أم جمهوريين ، الهمّ الاكبر نفسه ، وهو فرض الهيمنة على العالم كله ، لفتح الاسواق لمشاريعهم بدون عوائق .وكانت المكسيك التي قبلت نير وعبودية اتفاقية (ألينا) ، هي الضحية الأولى . كانت مجموعة دوموس الاختصاصية بالاتصالات اللاسلكية قد استثمرت في كوبا ٧٠٠ مليون دولار ، فمُنع مديروها مع عائلاتهم ، وحتى أطفالهم من الاقامة في الولايات المتحدة ، منذ أن وُضع قانون هلمز بورتون ، موضع التطبيق في ٢٤ آب ١٩٩٦.
وهكذا أصبح قانون أمريكي ، له قوة القانون خارج الولايات المتحدة ، تشريعا للعالم
كلّه .
ولم يتوقف تدخلهم عند هذا الحد . ففي نفس اليوم أي في ٢٤ آب ، ومن خلال تطبيق نفس القانون الأحادي الجانب ، وُجِّهت ضربة للمؤسسة الكندية “شيريت انترناشيونال ” ، فقد تسلّمت الشركة إنذارا مدّته ٤٥ يوما لتضع حدّاً لاستثماراتها في مناجم كوبا ، وبشكل خاص استخراج ومعالجة النيكل (تمتلك كوبا 6.4 ٪ من السوق العالمية للنيكل، والذي يشكل حوالي 25 ٪ من إجمالي الصادرات الكوبية) ، واذا تجاوز الأمر هذه المدة دون تنفيذ مضمون الإنذار ، ستقوم سلطات البوليس والجمارك بمنع مديري هذه المؤسسة وعائلاتهم من دخول الولايات المتحدة ، علما أن اثنين من المديرين من بريطانيا .
أثار هذا الاجراء غضب حكومة كندا ، لانها الشريك التجاري الأول لكوبا ، إذ يبلغ حجم التبادل بين الدولتين ٥٠٠ مليون دولار سنويا .هنا ، تعطينا ” اتفاقية ألينا ” كل معناها الحقيقي ، إنها التجربة الأولى التي توضح كيف تؤذي الهيمنة الأمريكية شركائها “الاتباع” .
وأعلنت الحكومة المكسيكية ، يدعمها القطاع الخاص في الاقتصاد المكسيكي رفضها لهذه الاجراءات المخالفة للحقوق الدولية . كما اقترحت الأحزاب الرئيسية الأربعة التصويت على قانون للرد على مثل هذا الاعتداء على السيادة الوطنية . وقال بيان الأحزاب : “علينا أن نطبّق قانون المعاملة بالمثل” العين بالعين والسن بالسن” ، لحماية المشاريع الوطنية من التوقف بسبب ضغوط خارجية ، ولبناء نظام معونة لمصلحة الذين سيرفضون الخضوع للضغوط الاجنبية .(غارودي: الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط).
# حتى منظمات التنمية الأمريكية “الإنسانية” تتآمر على كوبا :
———————————————————–
(تولّت المنظمة الأمريكية للتنمية الدولية – USAID) عملية إقامة خلايا سرية لتنشيط ودعم المعارضة فيها لقلب نظام الحكم. وقد ارسل إليها لهذا الغرض عملاء تحت غطاء برامج مدنية متنوعة. كان احد هذه البرامج هو ورشة للوقاية من مرض نقص المناعة ، واخريات حول حقوق الإنسان. وكانت (يو اس ايد) قد تعاقدت مع احدى الشركات من التي تعمل كواجهة لها لمثل هذه العمليات تُدعى (Creative Associates Inc – أو CAI) التي مقرها في واشنطن ، لتكون جزءاً من هذا البرنامج المُوجّه ضد الحكومة الكوبية.
وكانت مخاطر قد حاقت بهؤلاء العملاء نظرا لوقوع احد متعاقدي (يو اس ايد) لعملية اخرى موازية بيد الشرطة الكوبية عند محاولته تهريب اجهزة اتصال بالقمر الاصطناعي إلى كوبا) (سعيد السعيدي، موقع صوت اليسار العراقي).
وما أضيفه هنا هو :
أنّ اسم هذا المتقاعد هو “ألان فيليب غروس” وأنّه (في كانون الأول (ديسمبر) 2009، أعتُقل ألان غروس، أحد مقاولي الوكالة، في كوبا. ادّعى غروس وموظفو الحكومة الأمريكية أنه كان يساعد في إيصال خدمة الإنترنت للطائفة اليهودية في الجزيرة، لكن رئيسة الطائفة اليهودية “أديلا دوورين” أنكرت معرفتها بغروس وقالت أن منظمات يهودية دولية معروفة وفّرت لهم الاتصال بالانترنت بطريقة شرعية. قال المسؤولون الكوبيون أن غروس سيبقى قيد التحقيق للاشتباه في قيامه بالتجسس واستيراد معدات اتصالات ساتلة غير مسموح بها (وتعرف بـ BGAN) لصالح المنشقين الكوبيين. أدانت المحكمة الكوبية غروس وحكم بالسجن لمدة 15 عاماً. (ويكيبيديا الموسوعة الحرّة).
# سفالة ونفاق : فضيحة الكوبيين الخمسة :
——————————————
ولنتفحص وضع الكوبيين الخمسة الذين صدر بحقهم الحكم في ميامي بالعام 2001 نتيجة اتهامهم وإدانتهم بعضوية شبكة ارهابية.. ومن أجل استيعاب مثل هذا الوضع، الذي أدّى الى إثارة موجة عارمة من الاحتجاجات الدولية، فإن من الواجب الأخذ بالحسبان قصة العلاقات البائسة ما بين أمريكا وكوبا (متجاوزين للحظة الحصار العشري الخانق الذي تضربه امريكا الشمالية على الجزيرة).
فلقد كانت الولايات المتحدة قد بدأت بتنظيم هجمات ارهابية ضد كوبا على نطاق ضيق وآخر واسع، منذ عام 1959 بما في ذلك عملية خليج الخنازير، بالاضافة الى المؤامرات الشاذة العديدة الهادفة الى اغتيال كاسترو. ولكن التورط المباشر لحكومة الولايات المتحدة في محاولات الإغتيال كان قد اعتُبر منتهياً – رسمياً على اقل تقدير – بنهاية اعوام السبعينات. وفي عام ,1989 كان جورج بوش الاب قد منح العفو للمدعو أورلاندو (راجع الحلقة (27) أمريكا حامية الإرهابيين وملاذهم الآمن)، الذي يعتبر واحداً من اكثر الارهابيين عداوة لكاسترو، والمتهم بكونه العقل الاجرامي لعملية التفجير التي نُفذت ضد إحدى الطائرات الكوبية في العام 1976، وبذلك يكون بوش قد ألغى قرار وزارة العدل التي كانت قد رفضت بموجبه طلب اللجوء المُقدم من اورلاندو هذا.
ونتيجة للعلم بأن الولايات المتحدة كانت توفر ملاذاً للارهابيين المعادين لكاسترو، فقد تمكن عملاء كوبيون من اختراق شبكتهم.. وفي عام 1998 كان ضباط كبار من جهاز المخابرات الفيديرالية الأمريكية (اف. بي. آي)، أوفدوا الى هافانا، قد تسلموا آلاف الصفحات من الوثائق، ومئات الساعات من التسجيلات على أشرطة فيديو خاصة بعمليات ارهابية تم تنظيمها من قبل خلايا تتخذ من فلوريدا مركزاً لها.
وجاء رد فعل الأف.بي. آي. من خلال اعتقال الرجال الذين زوّدوهم بالمعلومات. وكان من بينهم أعضاء فيما تسمى بمجموعة الكوبيين الخمسة.. وتبع عملية الإعتقال هذه، محاكمة استعراضية عقدت جلساتها في ميامي. وصدر الحكم بادانة أولئك الخمسة، بحيث حُكم على ثلاثة منهم بالسجن المؤبد، بتهمة التجسس ; أما قائد المجموعة “جيراردو هيرنانديز”، فقد حكم عليه بالإعدام بتهمة التآمر. وفي اثناء ذلك، فإن هناك عدداً من الشخصيات التي تم تصنيفها من ضمن الإرهابيين الخطرين (وفقاً لسجلات الاف. بي.آي. ووزارة العدل)، ما زالت تعيش برغد في الولايات المتحدة، مواصلين التآمر وتنظيم العمليات الاجرامية (راجع الحلقة (27) أمريكا … معبد الارهابيين المقدس: موقع مغرس)
هذا وكانت كوبا قد مثّلت لوقت طويل الشغل الشاغل والرئيسي بالنسبة للولايات المتحدة. فقد ورد في وثيقة كشفت عنها وزارة الخارجية الامريكية مؤخراً، وتعود الى عام 1964 أن فيديل كاسترو انما يعتبر تهديداً لا يُحتمل لكونه يمثل تحدياً صارخاً بالنسبة للولايات المتحدة ، ورفضاً لمجمل سياستها المتبعة في القارة الأمريكية، والممتدة على مدى قرن ونصف من الزمن، أي منذ أن تم إقرار مبدأ مونرو الذي ينص على عدم التساهل من الآن فصاعداً بخصوص أي تحدٍ لسيادة الولايات المتحدة على العالم أجمع.
# الإدارة الأمريكية التي تحترم القانون سحقت كل المطالبات القانونية :
——————————————————————–
قدّم ثمانية من الفائزين بجائزة نوبل طلبا إلى المدّعي العام الأمريكي ومنهم : نادين غوردماير وول سوينيكا وجوش ساراماغو وغونتر غراس (في الأدب) ومثلهم في الفيزياء والسلام يساندون فيه الكوبيين الخمسة ، مثلما فعل 113 عضواً في البرلمان البريطاني . وأدانت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قرارات الحكم على الكوبيين الخمسة مثلما أدانتها لجنة العفو الدولية واعتبرتها مخالفة لأسس المعاملة الإنسانية للأسرى، ولالتزامات الدول تجاه حياتهم العائلية ، لكن الإدارة الأمريكية التي تحترم القانون طبعا لم تلتفت لهذه الإدانات القانونية ، وفضّلت وعلى أساس قوانين السوق عقد صفقة . لقد تمّ الإفراج عن المعتقلين الكوبيين في ديسمبر 2014 ضمن “صفقة تبادل جواسيس” ، فالقانون الأمريكي يسير في بعض الحالات على أساس الصفقات التجارية وضمن قوانين السوق . فقد أطلقت كوبا سراح الجاسوس “آلن فيليب غروس” الذي تحدّثنا عنه قبل قليل ، وكذلك أطلقت سراح عميل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية “رولاندو ساراف تروجيلو” الذي أمضى عشرين عاماً في السجن.
# المناضل كاسترو يدين الإرهاب الأمريكي في هذه القضية :
———————————————————-
وقد انتقد الزعيم الكوبي “فيدل كاسترو” تعامل واشنطن مع قضية “الكوبيين الخمسة” المتهمين بالتجسس. وكتب الزعيم الكوبى فى عموده المنتظم بصحيفة ((غرانما)) الرسمية الكوبية قائلا إنّ ” موقف الحكومة الأمريكية بشأن الأبطال الكوبيين الخمسة لا يحتمل”. وقال الزعيم الكوبى أيضاً إن “واشنطن لا يمكن أن تحافظ على أكاذيبها ضد البلد الصغير والمُحاصر والذى كان ضحية للأعمال الارهابية أيضا”. وأعلنت السلطات الكوبية أن الكوبيين الخمسة كانوا يقومون فقط بمراقبة جماعات مناهضة لكاسترو فى ولاية فلوريدا لمنع وقوع هجمات ارهابية في البلد الجزيرة، ودعت إلى الإفراج فورا عنهم.
# الكذب الأمريكي حول عدم التسامح إطلاقاً مع الملاذات الأخرى للإرهابيين والإرهاب الأمريكي من خلال اللاجئين الكوبيين :
————————————————————————
يقول ويليام بلوم في كتابه “الدولة المارقة” :
“ينص القرار الإداري الرئاسي رقم 39 ، الذي وقعه الرئيس كلنتون على : إن لم نحصل على تعاون مناسب من الدولة التي تؤوي إرهابياً طلبنا تسليمه ، فإننا سنتخذ الإجراءات الملائمة لدفعها للتعاون ، ويمكن القيام بإعادة المشتبه فيهم باستخدام القوة بدون تعاون الحكومة المضيفة .
لقد كانت إدارة كلنتون مُصمِمة على عقاب الدول الأخرى التي تنافس الولايات المتحدة في إيواء الإرهابيين ، لدرجة أنها أكدت في فبراير 1999 حقها في قصف المرافق الحكومية في مثل هذه الدول . وأعلن ريتشارد كلارك – منسق الرئيس كلنتون لمكافحة الإرهاب – ربما لا نكتفي بمجرد توجيه ضربة لمرفق إرهابي ، بل يمكننا أن نقرّر الإنتقام من مرافق البلد المضيف ، إذا كان هذا البلد المضيف ملاذاً يتعاون معهم عمداً .
حاولت الوصول إلى السيد كلارك في مكتبه في البيت الأبيض لأسأله عمّا يعتقده في مقولة أن كوبا يمكنها أن تقصف الولايات المتحدة عن حق باعتبارها “ملاذاً للإرهابيين يُتعاون معهم عمداً” ، وتقصف مقر وكالة المخابرات المركزية أو مكتب المنفيين الكوبيين في ميامي ، بين مواقع أخرى ، بيد أنهم أخبروني أنه “ليس متوفراً للحديث للجمهور العام” . ومن ثمّ بعثتُ إليه برسالة تطرح هذه الأسئلة ، رغم ضآلة الأمل في أن أتلقى منه ردّاً ، ولم يضايقني ذلك” . (الدولة المارقة).
وفي عام 1998 أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي عن حقوق الإنسان الذي وضع كوبا في قائمة الدول المدّعى أنها “ترعى الإرهاب” ، ولإحساسي بغرابة ذلك – يعلّق وليام بلوم على ذلك – اتصلت بوزارة الخارجية وأحالوني إلى “مكتب الإرهاب” حيث أخبرني سيّد اسمه جو ريب بأن كوبا أدرجت في القائمة لأنها “تؤوي الغرهابيين” .
ورددت عليه بقولي : “إن ذلك ما تفعله الولايات المتحدة هي الأخرى ، فالمنفيون الكوبيون في ميامي ارتكبوا مئات الأعمال الإرهابية في الولايات المتحدة وفي الخارج”
وانفجر السيد ريب غاضبا وهو يرفع السماعة : “يا سيدي هذه الملاحظة سخيفة ولن أصغي لمثل هذا الهراء” ووضع السماعة.
“وباعتباري مثيرا للمتاعب لا يعرف التوبة فقد اتصلتُ في العام التالي – وعلى سبيل الدقة في 4 مايو 1999 – مرة ثانية بوزارة الخارجية وكان جو ريب (الذي ردّ عليه واقفل الهاتف في وجهه قبل سنة) هو الذي ردّ ، .. وعندما كررّت تعليقي عن الإرهابيين الكوبيين الذين يتم غيواؤهم في ميامي اصبح ساخطا على الفور وقال أنهم ليسوا بإرهابيينوارتفع صوته : “لن اصغي لأناس يصفون هذه الحكومة بأنها راعية للإرهاب” وأغلق التلفون بعنف (ويليام بلوم : الدولة المارقة).
# احتضان الإرهابيين الكوبيين :
——————————-
إن المنفيين الكوبيين هم في الواقع مجموعة من أقدم المجموعات الإرهابية في العالم وأكثر نسلا ، وهم لا يزالون كذلك . وخلال 1997 نفّذوا مقدارا وافراً من عمليات تفجير القنابل في هافانا التي تم توجيهها من ميامي في الولايات المتحدة .
ويعتبر خطف الطائرات عامة أخطر الجرائم قاطبة، لا سيما منذ 11 أيلول/سبتمبر. غير أن ويليام بلوم يقول في كتاب “الدولة المارقة – Rogue State، “: رغم وقوع حوادث اختطاف عديدة للطائرات والمراكب على مرّ السنين من كوبا إلى الولايات المتحدة والذي تمّ في ظل السلاح المشرع من مدافع ومدى ، وباستخدام القوة الجسدية ، بما في ذلك قتل أحد الأشخاص على الأقل ، فإنه من الصعب العثور على مثال واحد وجهت فيه الولايات المتحدة اتهامات جنائية للخاطفين . ففي أغسطس 1996 وُجّه الإتهام إلى ثلاثة كوبيين اختطفوا طائرة إلى فلوريدا وهم يُشرعون مداهم وقُدّموا للمحاكمة في فلوريدا . ويشبه هذا محاكمة شخص ما على المقامرة في محكمة في نيفادا ، ورغم أنه تمّ إحضار الطيّار الذي جرى اختطافه من كوبا ليشهد ضد هؤلاء الأشخاص ، فإن الدفاع أخبر المحلفين ببساطة أن الرجل يكذب ، وتداولت هيئة المحلفين مدة تقل عن ساعة قبل أن تبرّىء الممتهمين . لقد كان كل الخاطفين مناهضين لكاسترو. (الدولة المارقة)
# الحرب الأمريكية البيولوجية والكيميائية ضد كوبا :
————————————————–
كما هو معروف للجميع فإن الولايات المتحدة الأمريكية تبذل المستحيل لمنع دول العالم من امتلاك أسلحة الدمار الشامل من قبل دول العالم ، وذلك لحماية شعوب العالم من تأثيرات الأسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية المدمّرة ، ولكن مسموح لها فقط – لأنها أعرف من دول العالم بهذه الأمور – أن تستخدم هذه الأسلحة ضد “بعض” الشعوب كاليابان وفيتنام ولاوس والعراق وغيرها . وهذا ما فعلته ضد شعب كوبا :
في أغسطس 1962 تعرّضت مروحة سفينة الشحن البريطانية المؤجرة للسوفيت للعطب لاصطدامها بسلسلة من الصخور وتم سحبها إلى بورتو ريكو لإصلاحها، وكانت متجهة إلى ميناء سوفيتي محمّلة بـ 80 ألف شوال من السُكّر الكوبي ، وتم تفريغ الحمولة لتصليح السفينة، وبينما السُكّر في المخزن قام عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بتلويثه بمادة غير مستساغة الطعم، وعندما علم الرئيس الأمريكي جون كينيدي استشاط غضبا وألغى العملية لأنها جرت على أراض أمريكية وأنها إذا اكتشفت سوف توفر للاتحاد السوفيتي سابقة خطيرة للتخريب الكيمياوي.. وقد كشف مسؤول في الوكالة ساعد في التخريب ضد كوبا على النطاق العالمي أنهم لوّثوا مقادير كبيرة من السُكّر الكوبي المُرسل إلى الخارج..
وفي السنة نفسها دفع عميل للمخابرات المركزية مبلغ 5 آلاف دولار لخبير كندي كان يعمل لدى الحكومة الكوبية ليصيب الديوك الرومية الكوبية بفيروس نيوكاسل المميت للدواجن فماتت المئات منها ..
خلال 1969 و1970 نشرت وكالة المخابرات المركزية تكنولوجيا مستقبلية لتغيير المناخ لتدمير محصول السُكّر الكوبي وتقويض الاقتصاد، وطارت الطائرات من كاليفورنيا حيث تم تطوير التكنولوجيا الرقمية ونثرت سحاباً ممطراً فوق المناطق الزراعية جعلت حقول القصب جرداء..
في 1971 سلّمت وكالة المخابرات إلى المنفيين الكوبيين فيروساً يسبّب حمّى الخنازير الأفريقية، وبعد ذلك بستة أسابيع تفشّى المرض في كوبا وأدّى إلى إعدام نصف مليون خنزير لمنع انتشار الوباء على المستوى الوطني.
وبعد ذلك بعشر سنوات أصبح البشر هم الهدف حيث اكتسحت جائحة ” حمّى الدنج النزفية ” مختلف انحاء الجزيرة ، فالمرض الذي ينتقل عن طريق الحشرات التي تتغذى بالدم – البعوض عادة – يحدث أعراضا تشبه الإنفلونزا وألما في العظام يسبب العجز وحمّى شديدة جدا ونزفاً يوصل للموت.. وفيما بين مايو وأكتوبر 1981 حصلت 300 حالة إصابة في كوبا مع وفاة 158 حالة كان 101 منها من الأطفال دون الخامسة عشرة.
وأعلن كاسترو أن كوبا طلبت من الولايات المتحدة مبيدات للآفات للمساعدة في استئصال البعوض الناقل للمرض لكنها رفضت.
وفي 1956 و1958 كشفت وثائق رُفعت عنها السرية أن الجيش الأمريكي أطلق أسرابا من البعوض الذي تم استيلاده بطريقة خاصة في جورجيا وفلوريدا ليعرف ما إذا كانت الحشرات الناقلة للمرض يمكن أن تكون سلاحا في الحرب البيولوجية ، وكان البعوض من نوع البعوض الناقل للحمى الصفراء ، وهو النوع الحامل لحمى الدنج وأمراض اخرى.
وبعد ذلك في 1984 شهد أحد المنفيين الكوبيين في محاكمة جرت في نيويورك بأنه في الجزء الأخير من عام 1980 رحلت سفينة إلى فلوريدا وحُدّدت لها : مهمة حمل بعض الجراثيم لإدخالها إلى كوبا لاستخدامها ضد السوفيت وضد الاقتصاد الكوبي لبدء ما سُمّي بالحرب الكيميائية التي حققت فيها نتائج غير متوقعة لاننا كنا تعتقد انها ستستخدم ضد القوات السوفيتية لكنها استُخدمت ضد شعبنا نفسه. وهذا ما لم نوافق عليه.
في يوم 12 أكتوبر 1966 لاحظ طيّار كوبي طائرة تطلق رذاذا خفيفا من مادة ما سبع مرات. وقد تبين أنها طائرة أمريكية لرش المحاصيل تستخدمها وزارة الخارجية الأمريكية لديها إذن بالتحليق فوق كوبا في رحلة إلى كولومبيا . وفي 18 ديسمبر لاحظت كوبا أول علامات الإصابة بوباء حشرة “تربس بالمي” وهي حشرة آكلة للنبات لم تُكتشف مطلقا من قبل في كوبا، وهي تدمّر كل المحاصيل .. وتقاوم المبيدات .. وطالبت كوبا الولايات المتحدة بتوضيح حادثة 21 اكتوبر، وقد انتشرت الحشرة سريعا وأثرت على الذرة والفول والقرع والقثاء وغير ذلك من المحاصيل.
أنكرت وزارة الخارجية وقالت إن الطيار أطلق الدخان لتحديد الموقع .. ولكن إدارة الطيران الفيدرالية قالت إن إطلاق الدخان لتحديد الموقع ممارسة لا تتبعها الإدارة .
في أبريل 1997 قدمت كوبا تقريرا إلى الأمم المتحدة يتهم الولايات المتحدة بالعدوان البيولوجي وقدّمت وصفا تفصيليا لحادث 1996 والخلاف الذي نجم عنه. وفي أغسطس اجتمع الموقعون على اتفاقية الأسلحة البيولوجية في جنيف للنظر في اتهامات كوبا ورد واشنطن، وفي ديسمبر قدّمت اللجنة تقريرها الذي قال نظرا للتعقيد التقني المُحيط بالمسألة فإنه لم يثبت أنه في الأمكان التوصل إلى استنتاج حاسم ، ومنذ ذلك الوقت أهملت القضية.
إن النطاق الكامل للحرب الكيميائية والبيولوجية ضد كوبا لن يعرف مطلقا ، وعلى مرّ السنين لامت حكومة كاسترو الولايات المتحدة في الواقع على عدد آخر من النكبات التي حلت بمحاصيل وحيوانات مختلفة.. وفي 1977 كشفت وثائق اعلن عنها مؤخرا لوكالة المخابرات المركزية أن “الوكالة أجرت برنامجا سريا للبحوث لحرب إبادة المحاصيل اتجه في الستينات نحو عدد من البلدان في كل أنحاء العالم”.(الدولة المارقة).
# سابقة لتفجيرات 11 أيلول المُفبركة جرّبتها أمريكا ضد كوبا :
————————————————————-
يحمل التاريخ أحياناً بعض التفسيرات التي يمكن استخدامها لإيضاح أمور تجري في الحاضر. أي يمكننا أن نراجع السلوك الأمريكي في الماضي لنر هل يمكن لأمريكا أن ترتكب تفجير أبراج تجارتها العالمية في 11 أيلول 2001 من أجل مصالح شركات السلاح ولتحقيق السيطرة على العالم ؟ وفي هذه الحالة يمكن العودة إلى ما اقترحته قيادة الأركان في العام 1962 على الرئيس الأميركي في ذلك الحين جون كندي. أي عملية “نورثوودز” التي كان من المفترض أن تبرّر إطلاق هجوم شامل على كوبا. وفي تفاصيل المؤامرة أن طائرتين كوبيتين مزعومتين تقومان بتدمير طائرة أميركية أمام آلاف الشهود.
وتمّ ترتيب الأمر على النحو التالي، أمّنت القوات الأميركية طائرتيّ ميغ من دولة من دول العالم الثالث وطلتها بالألوان الكوبية. في المقابل قام بعض الأشخاص بالصعود على متن طائرة مدنية في رحلة إلى ميامي وتمّ تصوير بعض اللقطات “العائلية” لاستخدامها لاحقاً. بعد ذلك يقطع الطيّار في الرحلة المعنية أجهزة الاتصال فتعجز الرادارات عن تحديد موقعه حتى يتمّ استبدال الطائرة المدنية بأخرى فارغة. وبعد أن يقفز الطاقم من هذه الأخيرة وتكمل رحلتها بمساعدة الطيّار الآلي تقوم “الطائرات الكوبية” بقصفها أمام آلاف الشهود بالقرب من شاطئ ميامي. (ثييري ميسان: الخدعة الرهيبة).
# هل هي مؤامرة أمريكية جديدة ؟
———————————
الجواب هو : نعم إنّها مؤامرة أمريكية جديدة . فعلينا أن نسير على اساس قاعدة : لا تثقوا بالولايات المتحدة . فبعد الضجيج الأمريكي الكاذب وحفلات الإفتتاح المُطعّمة بالشمبانيا ، أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري (بطل المجازر في فيتنام باعترافه- راجع (35) مذبحة فيتنام : قتلت أمريكا 4 ملايين فيتنامي من أجل الديمقراطية) وفي هافانا نفسها قائلاً :
“إنّ من المرجح ألّا يلغي الكونغرس الأميركي الحظر الاقتصادي المفروض على كوبا ما لم تحسّن الحكومة الشيوعية سجلها في مجال حقوق الانسان” .
وقد جاء خطابه خارجاً عن أصول اللياقة الدبلوماسية بين الدول ، فعلى أرض هافانا العاصمة وأمام الشعب الكوبي ألقى دروساً سخيفة للمبتدئين عن أهمية الديمقراطية وحقوق الإنسان وكيف أنّ على الحكومة الكوبية الإلتزام بها .. تصوّر سيّدي القارىء .. القاتل الجلّاد يجلس ليعلّم الضحيّة المحطّمّة وهي ضحيّته التي جلدها عبر أكثر من خمسين عاماً ، يعلّمها دروس الإنسانية واحترام حقوق الإنسان .. فيا لهم من سفلة وقحين كذّابين .
أي إنّنا سنعود إلى اللعبة الأميركية الحقيرة حيث ستهيّيء أبشع دولة في معاداة حقوق الإنسان؛ هي دولة الشيطان أمريكا، الأرضيةَ لمؤامرات جديدة على الإنسان الكوبي الذي عملت على قتله يوميّاً وبكل الطرق منذ خمسين عاماً . هذا سيكون حاصل الخطوة “الإيجابية” التي خطتها أمريكا تجاه كوبا في عهد أوباما وجون كيري بعد نصف قرن من التجويع والتخريب والتآمر، سيتلقى الشعب الكوبي المُتعب موجة جديدة من المؤامرات والتخريب والدمار . ألم نقل أنّ علينا أن لا نثق بأي خطوة للولايات المتحدة مهما كان ظاهرها خيّراً وبرّاقاً ؟ّ أمريكا عليك لعنة الله .
# ملاحظة عن هذه الحلقات :
—————————-
هذه الحلقات تحمل بعض الآراء والتحليلات الشخصية ، لكن أغلب ما فيها من معلومات تاريخية واقتصادية وسياسية مُعدّ ومُقتبس ومُلخّص عن عشرات المصادر من مواقع إنترنت ومقالات ودراسات وموسوعات وصحف وكتب خصوصاً الكتب التالية : ثلاثة عشر كتاباً للمفكّر نعوم تشومسكي هي : (الربح فوق الشعب، الغزو مستمر 501، طموحات امبريالية، الهيمنة أو البقاء، ماذا يريد العم سام؟، النظام الدولي الجديد والقديم، السيطرة على الإعلام، الدول المارقة، الدول الفاشلة، ردع الديمقراطية، أشياء لن تسمع عنها ابداً،11/9 ، القوة والإرهاب – جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) ، كتاب أمريكا المُستبدة لمايكل موردانت ، كتابا جان بركنس : التاريخ السري للامبراطورية الأمريكية ويوميات سفّاح اقتصادي ، أمريكا والعالم د. رأفت الشيخ، تاريخ الولايات المتحدة د. محمود النيرب، كتب : الولايات المتحدة طليعة الإنحطاط ، وحفّارو القبور ، والأصوليات المعاصرة لروجيه غارودي، نهب الفقراء جون ميدلي، حكّام العالم الجُدُد لجون بيلجر، كتب : أمريكا والإبادات الجماعية ، أمريكا والإبادات الجنسية ، أمريكا والإبادات الثقافية ، وتلمود العم سام لمنير العكش ، كتابا : التعتيم ، و الاعتراض على الحكام لآمي جودمان وديفيد جودمان ، كتابا : الإنسان والفلسفة المادية ، والفردوس الأرضي د. عبد الوهاب المسيري، كتاب: من الذي دفع للزمّار ؟ الحرب الباردة الثقافية لفرانسيس ستونور سوندرز ، وكتاب (الدولة المارقة : دليل إلى الدولة العظمى الوحيدة في العالم) تأليف ويليام بلوم .. ومقالات ودراسات كثيرة من شبكة فولتير .. وغيرها الكثير.